انفردت قرية "عين التينة" بوجود بعض أشجار الفستق المنقطع النظير في محافظة "دمشق" كلها، وهو لا يقل عن فستق "حلب" المعروف جودة، ويظهر أن أقليم هذه القرية وتربتها صالحان له كل الإصلاح، كما لا يعلم متى غرس كرم الفستق المتواجد فيها حالياً، حيث يقال إن هذه الأشجار يعود تاريخها إلى عهد الرومان. هذا حسب ما خبرنا عنه أهل البلدة خلال زيارتنا لها.

موقع "eSyria" وخلال جولته في القرية التقى المزارع "محمد ماميش" ليحدثنا عن عمليات السقاية والعناية بهذه الأشجار التي تنبت في منطقة شبه صحراوية، فقال: «إذا كانت أشجار الفستق تتحمل الجفاف، فهذا لا يعني مطلقاً أنها تتضرر بالسقاية كما يعتقد معظم أصحاب الكروم في "حلب"، فهي تتحمل الجفاف إذا لم تتوافر لها المياه الكافية، ولكن هذا لا يعني أنها تتضرر من الماء إذا أضيف إليها وكانت بحاجة إليه، بدليل أن هذه الزراعة مروية في "كاليفورنيا، العراق، الهند..."، إن السقاية من شأنها أن تزيد نمو هذه الشجرة، وتكثر من محصولها، إذا لم يتوافر لها الحد الأدنى من الرطوبة، كما أن السقاية تفيد في انتظام في الحمل في كل عام، ولقد لوحظ أنه إذا كانت الرطوبة في التربة أقل من الحد اللازم فإن الإزهار يكون جيداً ولكن الزهر لا يلبث أن ينحل ويسقط قبل أن تنعقد الثمار كما أن نسبة الثمار الفارغة تكون مرتفعة، بالإضافة إلى سقوط الأوراق قبل الأوان».

للأقليم ومناخه تأثير واضح على النضج، فالكروم المزروعة بعلاً تنضج قبل الكروم المسقية، غير أن الفرق لا يزيد على أسبوعين حسب نوع التربة وكمية الأمطار، كما أن النضج في الأراضي السهلية يكون خلال شهر آب، أما في المناطق البعلية التي لا يقل ارتفاعها عن 1000م عن سطح البحر فيكون النضج في أيلول أو أوائل تشرين الأول، وهكذا فإن عملية القطاف تتقدم أو تتأخر حسب موعد النضج

يتابع السيد "ماميش": «في اعتقادنا عندما تكون الأمطار دون 400مم يجب اللجوء إلى السقاية عندما تكون متوافرة، نظراً لفوائدها العديدة وخاصة زيادة المحصول وانتظامه، إن مواعيد سقاية الفستق لا تختلف كثيراً عن مواعيد سقاية الزيتون فيمكن إعطاء سقاية واحدة قبل الإزهار بـ2-3 أسابيع وسقاية ثانية عندما تصبح الأزهار ثمارا في ثلث أو منتصف دور النمو وسقاية ثالثة عند اكتمال النمو، إن السقاية لها أهمية خاصة خلال فترة الصيف حيث تنعدم الأمطار تماماً وتصبح الأشجار بحاجة شديدة للماء، وخاصة بعد فترة رياح جافة من شأنها أن تزيد في ارتفاع درجة الحرارة، ويجب تحاشي الري خلال فترة الإزهار لأن ذلك من شأنه أن يعمل على إسقاط هذا الزهر قبل فترة التلقيح وإن السقاية حسب المناطق تبدأ من آذار وتنتهي في أيلول وتشرين الأول.

مزارع الفستق

ويجدر بنا أن نلاحظ أن المياه الغزيرة إذا مكثت مدة طويلة بجوار جذور الأشجار فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث التصمغ في السوق وانتشار العفن في الجذور».

أما عن عملية التقليم فيقول: «شجرة الفستق تحب الشمس والتهوية، ويختلف التقليم في الأراضي البعل حسب السنين، ففي المواسم الكثيرة المطر والجيدة التوزيع يحسن عدم القسوة في التقليم، فقط يقلل من النمو الخضري للشجر، وهو الزائد من حاجتها من الفروع والأغصان، أما إذا كانت الأمطار قليلة أو سيئة التوزيع فيكون التقليم جائراً، إذ يقلم من الشجرة قسم كبير من نموها الخضري وفروعها الثانوية، وهذا يساعد الشجرة على تغذية ما بقي عليها من نمو خضري كما يساعد على عقد الثمار ويشجع نمو الأغصان خلال السنة ويضمن خصوبة الموسم في السنة التالية، أما إذا لم يتبع التقليم الجائر في مثل هذه الحالة فإن الشجرة تستفيد من الأمطار القليلة في تغذية غطائها الكثيف فقط على حساب زهرها وثمرها».

أكبر شجرة فستق

أما عن القطاف والنضج فيخبرنا السيد "عادل شعبان" رئيس مجلس البلدة: «للأقليم ومناخه تأثير واضح على النضج، فالكروم المزروعة بعلاً تنضج قبل الكروم المسقية، غير أن الفرق لا يزيد على أسبوعين حسب نوع التربة وكمية الأمطار، كما أن النضج في الأراضي السهلية يكون خلال شهر آب، أما في المناطق البعلية التي لا يقل ارتفاعها عن 1000م عن سطح البحر فيكون النضج في أيلول أو أوائل تشرين الأول، وهكذا فإن عملية القطاف تتقدم أو تتأخر حسب موعد النضج».

وعن أصناف الفستق يقول: «هناك أصناف عديدة للفستق ومنها "العاشوري" وهو من أشهر الأصناف ثماره متطاولة قليلاً، تتشقق قشورها وهي حمراء اللون زاهية، ونضجها باكوري ومرغوب فيها جداً في الأسواق الاستهلاكية، ويشكل حوالي 80% من أشجار الفستق.

الأستاذ عادل شعبان

أما "الباتوري" وهو مشهور كالعاشوري إلا أنه أقل محصولاً ولون غلاف الثمرة رمادي محمر وهي أكبر حجماً من ثمرة العاشوري، غير أن نسبة الثمار المشققة فيها قليلة، في حين أن "العليمي" ثمرته ضخمة شديدة الحمرة، لا تتشق نواتها، أشجارها قليلة الغلة وتستعمل في "حلب" للإكثار بسبب عدم تشقق ثمارها، "ناب الجمل" الثمار متطاولة كبيرة بيضاء ضاربة إلى الحمرة، وهناك أصناف أخرى قليلة الأهمية مثل "الجلب، البندقي، اللازوردي، المراوحي، العنتابي....الخ"، كما يوجد في "عين التينة" صنف بلدي يدعى صنف "عين التينة"».

أما عن عملية التلقيح فيقول: «إن أشجار الفستق ثنائية المسكن، أي إن كلاً من الأزهار المذكرة والمؤنثة تحمل على شجرة منفصلة ويتم التلقيح بينهما بواسطة الرياح، ولذا وجب أن تكون الأشجار الملقحة موزعة في البستان بشكل يمكنها الاستفادة من الرياح السائدة أثناء الإزهار في أوائل نيسان كما يجب اختيار الأشجار المذكرة الملقحة التي تنثر حبوب لقاحها في وقت تكون فيه الأزهار المؤنثة مستعدة للتلقيح، ولقد كان يوصى بتوفير شجرة مذكرة واحدة لكل 8-10 شجرات مؤنثة، ولكن أصبح الاعتقاد السائد أخيراً أنه يمكن رفع هذه النسبة إلى 10-12 شجرة وحتى أربع عشرة شجرة مؤنثة لكل شجرة ملقحة واحدة».

عن مستقبل زراعة أشجار الفستق في الإقليم السوري يقول المهندس الزراعي "أحمد عرف الديك": «إن أقليم سورية جاف على العموم، ولذلك اختار الفلاح السوري منذ القديم أنواع النباتات الأكثر تحملاً للجفاف أو الأقل تطلباً لمياه السقاية، وهكذا أصبح "الشعير والقمح" من المحاصيل الشتوية، و"القرعيات، السمسم، الذرة البيضاء والقطن" من المحاصيل الصيفية، "اللوز، التين، الزيتون، الكرمة والفستق" من الأشجار المثمرة من النباتات الأكثر انتشاراً في سورية، والفستق من أكثر هذه النبتات تحملاً للجفاف لأننا إذا نظرنا إلى خارطة المنطقة نرى أنه لا يمكن لغير شجرة الفستق من النباتات الآنفة الذكر أن تعيش وهذا أمر يجب أن يلفت النظر ويسترعي الانتباه.

وعلى هذا الأساس فإن الفستق هو الشجرة الوحيدة التي يمكن زيادة المساحات المزروعة منها زيادة كبيرة دون أي خطر، لأن هذه الشجرة تتحمل الجفاف جيداً وتنجح في جميع المناطق السورية ماعدا البادية ولكنها تنجح في جبال البادية نفسها وتعيش في مختلف أنواع الأتربة وتتحمل برودة الشتاء».