«تعدّ "الوجبات السريعة" حلا إسعافيا لدى عدد من أفراد المجتمع، يفرض اعتيادنا عليها ظروف التحول الاجتماعي والاقتصادي، والتطورات المتسارعة في نظام حياتنا اليومية، وتمتلك هذه الوجبات عددا من عوامل الجذب التي تنحصر في النكهة اللذيذة، والسرعة الفائقة في التقديم، ولكنها تنطوي على مخاطر صحية واجتماعية كبيرة، تخفيها براعة المصنعين، وحاجة المستهلكين».

بهذه الكلمات بدأت الآنسة "وئام خيربك" الباحثة الاجتماعية حديثها عن تزايد الإقبال على وجبات الطعام السريعة التي تتضمّن على الأغلب "الشاورما"، أو"الهمبرغر" أو "الفلافل"، أو "الفطائر"، أو "البيتزا"، إضافة إلى "شرائح البطاطا" أو "قطع الدجاج المقلية"، وهي جميعها تقدم مع مشروب غازي أو كأس من العصير..

نحاول اتباع الوسائل الصحية في التحضير قدر الإمكان، ولكن هناك أمور تتعلق بطبيعة المادة الغذائية التي نقدمها، فيدخل في تكوين "المايونيز" البيض الذي يخشى الكثيرون من فساده فلا يثقون بما نقدمه، ولكن البعض يجعل من المذاق الحكم الأخير، كما أن بقاء اللحم على "السيخ" لعدة ساعات وعلى درجة حرارة عالية يثير تخوف البعض على الرغم من أننا نعمل ضمن الشروط الصحية..

موقع "eSyria" جال على عدد من محال بيع "الوجبات السريعة" في دمشق بتاريخ 16/2/2011؛ ليسلّط الضوء على ما تقدّمه هذه المحال لزبائنها، وما لهذه الوجبات وما عليها من فوائد أو أضرار، فالتقى الشاب "علاء حلاوة" هو مداوم على هذا النوع من المأكولات كما يقول، ويضيف: «تفرض طبيعة عملي منذ مدة طويلة أن أعود متأخرا إلى المنزل، فيكون أهلي قد تناولوا طعامهم، ما يدفعني إلى الأكل في الخارج مع أصدقائي، وتختلف دوافعنا لارتياد مطاعم "الأكل الجاهز"، ولكني أعتقد أن نظام حياتنا اليومي يملي علينا أن نكون هكذا، ولا داعي لأن نسبح عكس التيار، وأعترف أن ذلك قد يكون أحيانا من باب "البريستيج"، وقد يكون لأجل الاستمتاع مع الأصدقاء دون تكاليف الدعوة إلى المنزل، وفي الحقيقة قلّما أكون مجبرا على "الأكل خارجا" بفعل الظروف، بل أختار ذلك لاقتناعي بسهولة الحل، واعتقادي بمبالغة الأطباء بموضوع الأضرار الناتجة عنه».

الإقبال على السندويش الجاهز يصفه السيد "شريف دلال" صاحب أحد محال الشاورما، بأنه "مُـرضي" وبأن لديه زبائن دائمين، ويضيف قائلا: «نحاول اتباع الوسائل الصحية في التحضير قدر الإمكان، ولكن هناك أمور تتعلق بطبيعة المادة الغذائية التي نقدمها، فيدخل في تكوين "المايونيز" البيض الذي يخشى الكثيرون من فساده فلا يثقون بما نقدمه، ولكن البعض يجعل من المذاق الحكم الأخير، كما أن بقاء اللحم على "السيخ" لعدة ساعات وعلى درجة حرارة عالية يثير تخوف البعض على الرغم من أننا نعمل ضمن الشروط الصحية..».

الآنسة "وئام خيربك" الباحثة الاجتماعية تتحدّث عن "تفكك أسري" يسبّبه انشغال أفراد العائلة عن بعضهم، وقلة التقائهم حتى في وقت الطعام، مضيفة: «من عادتنا كـ "شرقيين" أن الطعام يعتبر لدينا طقسا خاصا من طقوس الاجتماع والتوادّ، فهو محور الأعياد والمناسبات؛ وتشير الدراسات الحديثة إلى ضرورة اجتماع أفراد الأسرة على مائدة طعام واحدة على الأقل بشكل يومي، ما يزيد من الألفة وتنامي مشاعر الأمان والاستقرار النفسي لدى الإخوة والأبوين، كما يؤثر اعتياد الطعام الجاهز على ميزانية الأسرة، فيكلفها بنودا جديدة وأعباء تقلل من مستواها المعيشي، رغم انخفاض مستوى جودة الوجبات السريعة كماً ونوعاً».

الدكتورة "دانة الحموي"

المشاكل الصحية للأغذية المذكورة تحدثنا عنها الدكتورة "دانة الحموي" اختصاصية تغذية فتقول: «تدعى الوجبات السريعة بـ " junk food" بما تحمله هذه الكلمة من معنى، فهي تفتقر للفوائد الصحية من فيتامينات ومعادن وألياف غذائية، كما تحتوي على كمية هائلة من الدهون والوحدات الحرارية، إضافة إلى نسبة عالية من الملح، وهذا ما يسبب زيادة في الوزن واضطراب هرمونات وخاصة عند النساء، وارتفاع الكوليسترول، إضافة إلى أمراض القلب والأوعية و أمراض السكري، وقد تسبب مشاكل هضمية لأنها لا تحوي أليافا غذائية، كما أن الاعتياد عليها يسبب إدمانا على غذاء غير صحي، فهو غير متوازن ولا يحتوي خضارا وفواكه، بل- على العكس- يحوي مكونات غير صحية، كالدسم المتسببة بارتفاع الكوليسترول لدى شبابنا وفتياتنا، إضافة إلى نسب عالية من السكريات والنشويات المسببة لاضطراب هرموني وبدانة، ناهيك عن "المايونيز" واللحم غير الصحي أو المقلي، والنشويات المكررة».

النموذج الغذائي البديل».

وتقترح "الحموي" نظاما صحيا لاستثمار المال الذي ننفقه على "الوجبات السريعة" لصنع أطعمة صحية يمكن تحضيرها بوقت قليل وكلفة قليلة، مع فائدة كبيرة، وترى أن "ربة المنزل" هي الأقدر على صنع النظام المتنوع والمتوازن والصحي، بالأخذ بعين الاعتبار موسم الخضار، ورغبة أفراد أسرتها: «فالطهو الصحي سيساعد ليس فقط على الحفاظ على الوزن، بل النمو بطريقة صحية والحصول على عناصر غذائية موجودة بشكل كامل وطبيعي، لأنها تطبخ بطريقة لا تخربها وبذلك تحمينا من الأمراض كما تساعد على الحيوية والنشاط.

وما يطلق من أحكام على الوجبات السريعة، تعمّمه د."الحموي" على ما يتناوله الأطفال من "شيبس" و"بسكويت" و"شوكولا"، التي قد تسبب آثارا مضاعفة لوجود ملونات ومواد مضرة بالصحة، كما تسبب تسوس الأسنان وسوء التغذية، وبعض الأورام السرطانية، ومشاكل صحية متعددة، بحيث «لا ينفع أي نوع من الرقابة الصحية على أغذية مبدؤها قائم على عدم توازن المكونات من الناحية الغذائية، والحل الوحيد هو الامتناع عن شراء هذه الأغذية».