تميزت بيوت وخانات مدينة "دمشق" على مر التاريخ بأبوابها الأثرية التي تركت بصمة مبتكريها وصانعيها.
موقع "eDamascus" زار بعض هذه البيوت والخانات ليحدثكم عن أبوابها الأثرية التراثية والتي تسمى "باب خوخه".
هو باب مسماري من خشب الصاج به مسامير مقببة تثبت الألواح الخشبية بالعرض من الخلف
يقول "أبو محمد زريقات" صاحب أحد البيوت الدمشقية القديمة بحي "الشاغور": «ورثت هذا البيت من أبي الذي بدوره ورثه عن جدي الذي كان هاوياً لكل تفصيل دمشقي بالبيت ومنه باب خوخه الذي مازالت عائلتي تحافظ عليه حتى الآن، رغم أن معظم أهالي "حي الشاغور" غيّروا أبواب بيوتهم الدمشقية القديمة بأبواب حديثة لصعوبة الدخول والخروج منه حسب ما يقولون».
الباحث التاريخي "ممدوح الطويل" يقول عن "باب خوخه الدمشقي": «عندما يدخل الزائر أحد البيوت الدمشقية القديمة، فأول ما يواجهه عند بوابتها ما يسمى "الخوخه" وهو عبارة عن باب صغير يسمح بمرور الإنسان وحيداً ضمن باب البيت الكبير، وهذه الأبواب جزء من تاريخ العمارة العربية القديمة، اندثرت صناعته منذ زمن بعيد إذ كان الباب الدمشقي يصنع من الخشب قطعة واحدة أي درفة واحدة، وغالباً ما يكون خشباً مغلفاً بالزنك، وهناك نوع من الخشب المقوى وهما نموذجان، بسيط مؤلف من درفة واحدة وآخر كبير ضخم مؤلف من باب مرتفع يتوسطه باب آخر صغير لدخول الشخص وهو عادة يكون من أبواب الأعيان والأغنياء وفي كثير من الأحيان يكون الطرف العلوي للباب على شكل قوس».
ويضيف "الطويل" عن وصف الباب: «هو باب مسماري من خشب الصاج به مسامير مقببة تثبت الألواح الخشبية بالعرض من الخلف».
وعن أشكال "باب خوخه" يقول "أبو ممدوح" أو هكذا عرف عن نفسه، وهو صاحب منشره لصناعة الأبواب: «هناك باب ذو صفقه واحدة، والخوخه تكون بمنتصف الباب، وباب ذو صفقتين وتكون الخوخه على البابين، وباب ذو ثلاث صفقات وتكون الخوخه على الباب اليميني أو اليساري في الدرفة الواحدة».
وأشار "أبو ممدوح" لاستعمالات الباب قائلاً: « يستعمل باب خوخه للدخول اليومي لأهل البيت ويفتح الباب الكبير للأغراض كبيرة الحجم، ولا يستعمل "باب خوخه" في باقي الأماكن مثل الدوائر الحكومية والمساجد والمدارس، ويوضع في "باب خوخه" مزلاج لقفل الباب ومطقه من النحاس على شكل كف اليد أو من الحديد على شكل صوار».
وعن تسمية الباب بالخوخه، يقول أستاذ التاريخ الدمشقي "أسامة العظمة" قائلاً: «جاءت تسمية الخوخه من "الكوة" أي الفتحة في الحائط، وأيضاً جاءت في الأحاديث النبوية الشريفة عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أغلقوا جميع الأبواب إلا خوخه أبى بكر" أي الفتحات التي كانت في المسجد».
وأضاف "العظمة": «درجت العادة على أن تكون الأبواب الشرقية ذات استخدامات متنوعة فإنها إما تكون أبواب داخلية للقاعات الشامية أو تكون جدارية كلوحة فنية معلقة على الجدار أو أن تكون باب لخزانة جدارية واستخدمت فيها فنون الحفر والمرايا والنقوش الشرقية الإسلامية وعتقت بورق الذهب والفضة والألوان الدمشقية الرائعة».
الجدير بالذكر أن الفنان الدمشقي استخدم إبداعه وتصاميمه ليضفي لمسة شرقية رائعة على كل القطع الخشبية المستخدمة في البيت الدمشقي، وكان للأبواب الدمشقية حظ وفير من هذه الفنون، حيث أبدع الدمشقيون تصاميم رائعة على قطع الأبواب المختلفة.