تعتبر صناعة الزجاج اليدوي فن من فنون الدمشقيين في إبداع لوحات من الرمل، حيث كان لهذه الصناعة أهمية كبرى في تزيين أهم المعالم التاريخية والدينية في "سورية".

موقع "eDamascus" وبتاريخ 26/12/2011، ألقى الضوء على هذه الحرفة القديمة قدم التاريخ بمدينة "دمشق" حيث يقول "عصام قاق/ أبو محمود" صاحب معمل لصناعة الزجاج اليدوي بمنطقة "باب شرقي" عن هذه الحرفة: «تعتبر مدينة "دمشق" من أقدم مدن العالم شهرة بصناعة الزجاج اليدوي، حيث ازدهرت هذه الحرفة ولقيت اهتماماً فيها، وأنا واحد من الذين ما زالوا يزاولون هذه المهنة منذ أربعين عاماً تقريباً، وأذكر أن والدي كان يقول لي إن جده كان يملك معملا لصنع الزجاج في منطقة "العمارة"، حيث كان يوجد تجمع كامل لمعامل الزجاج، ثم انتقلوا إلى منطقة "الشاغور"، إلى أن أصبحنا هنا في منطقة "باب شرقي"».

اعرف "أبو محمود" منذ كنت صغيراً اعمل في هذا المحل، و"أبو محمود" من أصحاب الكار بهذه الحرفة وهو يتقنها أباً عن جد، ويتفنن بكل قطعة زجاج ويسقط عليها إبداعه الفني

ويتابع "أبو محمود" حول تعلمه لهذه الحرفة: «تعلمتها منذ أن كان عمري /12/ عاماً، كنت أعمل بعد مجيئي من المدرسة، لكن والدي فضّل أن أعمل في هذه المهنة لكونها مصلحة العائلة، لأنه كان يخشى انقراضها وهذه المهنة صعبة وتحتاج إلى الدقة والتركيز، وهي قد علمتني الصبر والقدرة على التحمل، ولاسيما أن درجة حرارة الفرن تتراوح بين (1000-1200) درجة، لكن بإصراري وحبي لها استطعت أن أتعلمها بـخمس سنوات».

أبو محمود

وعن المواد الأولية التي تحتاجها هذه الحرف وطريقة التصنيع، يضيف "أبو محمود" قائلاً: «لتشكيل الزجاج نحتاج إلى كميات كبيرة من الرمل الذي يحتوي على المادة الأولية التي يصنع منها الزجاج ويضاف إليه الحجر الكلسي وبعض الصودا والحجر الجيري وتصهر هذه المواد معاً في درجة حرارة عالية تصل إلى (1000-1200) درجة مئوية ليتكون لدينا سائل مرن عند التبريد وسهل التشكيل، ونضيف للمواد السابقة مركبات معينة لإضفاء اللون، وتؤخذ كتلة من هذه العجينة بواسطة أنبوب حديد ذي مبسم خشبي وتغمس في السائل المرن وترفع على طرفه بمقدار صغير وننفخ في الأنبوب ليتحول السائل إلى فقاعة مملوءة بالهواء تشكل حسب ذوق الصانع وحرفيته، والزخرفة تكون بالضغط على الآنية وهي لينة باليد أو بالملقط أو باستخدام خيوط زجاجية مصنعة مسبقاً».

أما الزجاج المعشق ومستوى الطلب عليه، فيتحدث عنه بالقول: «الطلب على الزجاج التقليدي مازال متوافراً وخاصة لعشاق الفن الشرقي ويمكنني القول إن الزجاج المعشق هو أكثر الأنواع طلباً في السوق حيث يحتاج لمهارة ودقة في الصنع والتركيب داخل الرخام والخشب المنحوت قبل أن يجف الزجاج ويستخدم لكساء الحوائط الخارجية والداخلية للمباني أو لعمل واجهات معينة في المداخل والممرات والشركات والسلالم الطويلة ومن المؤكد أن هناك أنواعاً عديدة من الزجاج الذي خرج من الإطار التقليدي كالمقسى والرصاصي والبللوري لكن يبقى للزجاج التقليدي عشاقه ومريدوه».

فن الحرفي

يقول "جورج بني" وهو من زبائن "أبو محمود": «الحرفيون الذين يعملون بهذه الحرفة يعدون على أصابع اليد، إذ لم يبق في محافظة "دمشق" غير اثنين أو ثلاثة، و"أبو محمود" واحد منهم، والسبب في قلة الحرفيين قلة المردود المادي لهذه الصنعة وظهور تقنيات حديثة في الصناعة طغت على القديمة وساهمت في اندثارها رويداً رويداً، إضافة إلى صعوبة تصريف المنتج وتكدسه».

السيد "زهير سمور- أبو ممدوح" صاحب محل أنتيكا، جار وزبون "أبو محمود" يقول: «اعرف "أبو محمود" منذ كنت صغيراً اعمل في هذا المحل، و"أبو محمود" من أصحاب الكار بهذه الحرفة وهو يتقنها أباً عن جد، ويتفنن بكل قطعة زجاج ويسقط عليها إبداعه الفني».

الفرن

يقول الباحث التاريخي" مأمون سقليبي" عن صناعة الزجاج اليدوي: «عرف السوريون القدماء صناعة الزجاج وبرعوا فيها ونقلوا فنونها إلى مختلف أرجاء العالم عن طريق البحر، حيث أكد المؤرخون أن الفضل في انتشار هذه الصنعة وتقدمها يعود إلى الفينيقيين القدماء الذين سكنوا "سورية" وسادوا البحر ونقلوا لبلدان المتوسط الإفريقية والأوروبية مختلف العلوم والفنون، وكانت "سورية" المصدر الأساسي للزجاج في العصر الأموي وتراجعت مكانتها بسبب الغزو الاستعماري لها».