يشكل الإقبال على المعالجة "بالحجامة" ظاهرة في المجتمع السوري ولا سيما في هذه الفترة من السنة مع اقتراب فصل الصيف، وازدياد درجات الحرارة.

وتختلف الآراء حول الفائدة المرجوة من "الحجامة"، ففي حين يرى بعض الأطباء والمختصين أنها تحمل فائدة كبيرة وبشكل خاص للمصابين بضغط الدم والسكري، يرى آخرون أنها تشبه التبرع بالدم، وتقتصر فوائدها على تجديد الخلايا الدموية.

ساعدته كثيراً للتخلص من آلام الصداع، وساهمت في تخفيف ضغط الدم، والتخلص نهائياً من آلام المفاصل

و"الحجامة" تعني "سحب الدم من باطن الجسم إلى سطح الجلد بواسطة محاجم أو كاسات مختلفة الأشكال والأحجام، وبعدها يتم إخراج الدم عبر خدوش سطحية فيما يُعرف "بالحجامة الكاملة أو الدموية"، وقد يترك الدم المحصور تحت الجلد ليمتصّه الجسم مرة أخرى فيما يعرف "بالحجامة الجافة".

كاسات لسحب الدم الفاسد.jpg

وفي حديثه مع مدونة وطن eSyria، بتاريخ 7/5/2013، يرى الباحث الدكتور "محمد عامر الشيخ يوسف"، رئيس رابطة الأورام أن: «خلافاً لبعض الآراء والمعتقدات فإن"الحجامة" ليس لها أي دور في معالجة الأورام السرطانية والأورام الخبيثة أو الحد منها، كما أنها لا تنفع في الوقاية منها لأن الأورام تتشكل على مراحل ما يجعل من إيقافها أمر يحتاج لإتباع أسلوب علمي مدروس».

وأضاف :«بالنسبة لي لا أنصح "بالحجامة" وبشكل خاص للمرضى والمصابين، لأن الأدوات المستخدمة فيها قد تسهم في دخول عامل فيروسي شديد، ولا سيما أن مناعة المريض تكون ضعيفة وهو الأمر الذي يشكل خطورة على حياتهم. وأتحدث عن "الحجامة" من منطلق البحث العلمي، وما يسمى "بالطب المسند"، وهو يقوم على الدليل القاطع في استنباط النتائج، أما عن الدراسات التي تحدثت عن فوائد الحجامة فإن أصول البحث العلمي ترفض نظرية التعميم فالعينة من /200/ شخص تحتاج إلى دراسة أكبر، وأساليب عملية في التصنيف، ومعرفة النتائج ومتابعتها».

احد المراكز العلاج بالحجامة.jpg

ومن وجهة نظر مقابلة يرى الدكتور "عبد المالك الشالاتي" الاختصاصي بالأمراض العصبية: «الحجامة أسلوب طبي لعلاج الأمراض من خلال آلية تخفيف الاحتقان من الأعضاء بإزالة الدم المحتبس فيها، منها الجاف ومنها المدماة، ولها وقت معين في السنة تجرى فيه لتكون فائدتها أفضل في تخليص الجسم من الدم الفاسد».

وحول فوائدها يقول:«ثبت أن "الحجامة" تفيد كثيراً في تخفيف ضغط وسكر الدم، وتحريض نقي العظام وجهاز المناعة على العمل، والتخلص من السموم والشحوم الزائدة، كما أنها تنظم الدم الوارد الى الدماغ، وتخفف تجلط الأوعية الدماغية بإزالة الدم المحتقن الزائد، وتقلل حدوث الجلطات الدماغية».

الحجامة..علاج يحتاج للتنظيم.jpg

بدوره ذكر الدكتور "حمدان الرفاعي" فوائد إضافية "للحجامة" بقوله: «"الحجامة" تحولت إلى أحد الأساليب في علاج بعض الأمراض، فهي تسهم في تخليص الجسم من مكونات الدم المختلفة التي يكون لها تأثير في الدورة الدموية والتروية الدموية، وتخفف من تأثير الآلام المفصلية والعضلية وآلام العمود الفقري، كما تلعب دوراً محورياً في معالجة الصداع والشقيقة والآلام العصبية».

من ناحية ثانية يرى "إبراهيم يزبك" وهو من المواظبين سنوياً على اجراء "الحجامة" أنها: «ساعدته كثيراً للتخلص من آلام الصداع، وساهمت في تخفيف ضغط الدم، والتخلص نهائياً من آلام المفاصل».

ويؤكد "يزبك" أن: «"الحجامة" سنة مؤكدة وهي من أصول الطب النبوي الشريف، وهي معتقد ديني راسخ, يمنحنا الشعور بالتوازن الروحي والعقلي، ومن وجهة نظري فإنها أفضل من العلاج الكيماوي الذي يعتمد على الأدوية لأنها على الأقل ليس لها أي أضرار أو آثار جانبية».

وطبعاً دعا "يزبك" "كافة المرضى لتجريب "الحجامة"، والتأكد بأنفسهم من فاعليتها في التخلص من العديد من الأمراض، وتخفيف الآلام عن بعضها الآخر".

وبالمقابل فإن "محمد فضة" جرب "الحجامة" مرة لكنه توقف عن ذلك: «جربت مرة العلاج "بالحجامة" لدورها المؤكد كما أخبرني صديقي في علاج "الشقيقة"، لكنني لمست غياب النظافة لدى القائمين عليها، فلا المكان مخصص لعلاج المرضى، ولا الأدوات المستخدمة معقمة ونظيفة، وهو أمر دفعني لعدم الشعور بالراحة، لإعتقادي أن ذلك من شأنه أن يسهم في العدوى، وانتقال بعض الأمراض».

وحسب بعض الدراسات فإن تاريخ "الحجامة" يعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام، حيث كانت أحد أهم الوسائل العلاجية لكثير من حضارات العالم، حيث استخدمتها حضارات "آشور وبابل"، ووجدت رسوم فرعونية تدل على الحجامة وسحب الدم من سطح الجلد عبر الكأس في معبد "كوم أمبو"، ومقبرة الملك "توت عنخ آمون"، كما جاء ذكرها في "بردية أيبرز"، التي تعود لعام /1550/ قبل الميلاد، وتعد أقدم المراجع الطبية المعروفة".

ويشار هنا إلى أن فريقاً طبياً سورياً ضم خمسة عشر طبيباً من كلية الطب بجامعة "دمشق" أجرى خلال عامي /2000/و/2003/ دراسة حول "الحجامة" ضمت أكثر من /300/ شخص، اعتمدوا فيها على أخذ عينات من الدم الوريدي قبل وبعد "الحجامة"، وتوصلوا إلى أنها ساهمت في تعديل ضغط الدم والنبض، وانخفاض في كمية السكر في الدم، وارتفاع عدد كريات الدم الحمراء بشكل طبيعي، وارتفاع عدد كريات الدم البيضاء، وزيادة الصفائح الدموية.

تجدر الإشارة إلى أن نتائج البحوث التي أجراها عدد من الأطباء السوريين مطلع الألفية الجديدة حول "الحجامة"، دفعت بوفود من "بريطانيا واليابان والسويد"، ودول أخرى لزيارة "دمشق"، والتعرف على الخبرات السورية في هذا المجال.