يكسو الإنسان جسده بكثير من الأشياء التي صنعها بيده، وبعد الثورة الصناعية وازدياد عدد سكان المعمورة دخلت الآلات الصناعية مجال صناعة هذه الأغراض بكافة أشكالها، فلم يعد الإنسان يرتدي عباءة مشغولة بالطريقة اليدوية، ولا يلبس حذاء مصنوع من المواد الطبيعية إلا ما ندر، ومن هذه الأحذية "القبقاب" الذي انتشر استخدامه إبان العهد العثماني في سورية وخصوصاً في البيئة الدمشقية.

موقع eSyria التقى بعضاً من أرباب صناعة "القبقاب" في سوق "القباقبية" بتاريخ 15/8/2008، وكان أولهم الحاج "حمزة مخللاتي" الذي يعمل في صناعة القبقاب منذ عام 1950 وأصبح في الثمانين من العمر، فحدثنا عن "القبقاب" بقوله: «القبقاب من الأحذية الطبيعية والطبية القديمة التي تعود صناعتها إلى 200 عام تقريباً، أتى القبقاب بالتزامن مع حكم العثمانيين لبلاد الشام، إذ أخذه أرباب المهن الدمشقيين وطوره وأضافوا عليه الجديد في شكله ونوعية خشبه ولونه وطبيعة استخدامه، ومن "سورية" انتقلت صناعة القبقاب إلى "فلسطين" و"لبنان" و"العراق" و"الأردن"، وهو مرغوب به من قبل أبناء المحافظات السورية الذين يعيشون في بيوت عربية بالإضافة إلى انه مفضل من قبل السياح العرب والأجانب فلا أحد منهم يأتي إلى سوق "القباقبية" إلا ويشتري قبقاباً».

يتراوح ثمن "القبقاب" الواحد بين 100 إلى 150 ليرة سورية حسب نوعية قطعة الجلد المستخدمة فيه، أو إذا كان خشبه مطلي، وفي القديم كان يصنع "القبقاب" من خشب "الصفصاف" أما الآن فيصنع من خشب "الحور" وهذا الخشب متوافر ورخيص الثمن بعض الشيء

وعن طريقة صناعته أضاف: «في القديم قبل اختراع الآلة كان القبقاب يصنع بطريقة يدوية، فكان "الحذّاء" يقوم بنحته باستخدام أدوات بسيطة، أما الآن فيقوم الحذاء بقصه عن طريق الآلة "المنشرة"، ولم يعد يبقى في دمشق إلا "منشرتان" تقومان بقصه واحدة في منطقة "جوبر"، والأخرى في باب السلام في حي العمارة، فهذه المهنة شارفت على الزوال بسبب دخول اختراع أحذية البلاستيك إلى السوق، وبسبب وفاة أغلب ممن يعملون في هذه المهنة».

الحاج "حمزة مخللاتي"

وعن ثمنه أضاف: «يتراوح ثمن "القبقاب" الواحد بين 100 إلى 150 ليرة سورية حسب نوعية قطعة الجلد المستخدمة فيه، أو إذا كان خشبه مطلي، وفي القديم كان يصنع "القبقاب" من خشب "الصفصاف" أما الآن فيصنع من خشب "الحور" وهذا الخشب متوافر ورخيص الثمن بعض الشيء».

وعن فوائد "القباب" للأقدام حدثنا القباقبجي "يحيى القصاص" حيث قال: «يساعد القبقاب في علاج الأقدام من الفطور "الأكزيما"، ويشفي الأقدام من تشققاتها، بالإضافة إلى أنه يعطي الرطوبة عند لبسه في الصيف، ويعطي الدفء للأقدام في الشتاء، ويكثر استخدامه في البيوت العربية لأنه من تراثها، ويستخدم أيضاً في الحمامات لأنه لا يتأثر بالماء ولا "يزحلق"، بالإضافة إلى خاصية النظافة والطهارة لأنه يتميز بارتفاعه عن الأرض، وينصح به الكثير من أطباء الجلدية لفوائده الصحية الكثيرة».

"يحيى القصاص"

ومن مبتاعين "القبقاب" كان السيد "سمير الدقر" الذي التقيناه وسألناه عن سبب شرائه للقبقاب مع أنه أصبح من "الموضة" القديمة على حد تعبير البعض فأجاب: «لا يوجد أفضل من الأشياء الطبيعية برأيي، ويعتبر القبقاب منها، وألاحظ الكثير من الأسر التي عادت إلى استخدامه في منازلها وخصوصاً الحمامات، ولقد اشتريت قبقابين الأول لكي استعمله طوال وجودي في المنزل لأن طبيب الجلدية وصفه لي من أجل معالجة "الفطريات" الموجودة بقدمي، والثاني من أجل الدخول به إلى الحمامات فهو مرتفع عن الأرض بالقدر الذي يؤمن الطهارة للشخص وخصوصاً المصلي، ولا ننس أن القبقاب من الصناعات الدمشقية الكثيرة والعريقة التي تتصف بالقدم ويجب الحفاظ عليها من الاندثار».