إن لباس المرأة في تفاصيله مرآة تعكس شخصيتها وتعبر عن مكانتها الاجتماعية وحالتها الاقتصادية. ويختلف هذا الزي بمكوناته وتفاصيله من منطقة لأخرى ليحكي بكامله عن الهوية التراثية والعادات والتقاليد الاجتماعية لهذه المنطقة.

ففي محافظة "درعا" مازال الزي الشعبي "الحوراني" للمرأة يحتفظ ويمتاز بخصوصية تجمع بين الجمال والبساطة مع وجود بعض الاختلافات تبعاً للمرحلة العمرية. الزي النسائي ومكوناته كان محور حديثنا مع السيدة "نبيهة شديد" عضو المكتب الإداري لمنظمة الاتحاد النسائي والتي التقاها موقع eDaraa بتاريخ /13/1/2009/ لتحدثنا عن خصوصية الزي النسائي الحوراني بالقول: «ما زال الزي الحوراني حاضراً وبقوة في مجتمعاتنا ولاسيما الريفية. هذا الزي الذي يشكل ارتداؤه مبعث افتخار وتباهٍ لدى الكثير من النساء وأحياناً الفتيات وهذا نلحظه في الكثير من الأفراح الشعبية إذ يعمدن إلى ارتداء هذا الزي. كما تشهد متاجر الأقمشة إقبالا كبيراً على شراء أقمشة الثياب في هذه المناسبات الأمر الذي يؤكد دائماً أنه على الرغم من تطور الإنسان وتقدمه يبقى لديه شيء خاص به يذكره بماضيه ويوثق ارتباطه به ويبرز هويته التراثية التي تعبر عن الخصوصية الاجتماعية، والزي "الحوراني" يمتاز بهذه الخصوصية وهو يختلف بين المرأة والشابة وبحسب طبيعة المناسبة أيضاً».

آمل أن يبقى هذا الزي حاضراً وبقوة في مجتمعاتنا، على الأقل في أفراحنا فلا تغيبه حداثة الحياة التي تأخذ بطريقها كل شيء يربطنا بماضينا والأمل معقود على بنات اليوم أمهات المستقبل وعلى دور الثقافة التي تقيم في صالاتها دائماً الكثير من الفعاليات المرتبطة بالتراث، وبالفعل يحضر هذا الثوب والزي بأي مناسبة وطنية والاحتفالات والاستقبال إذ يكون مبعث افتخار، وأود القول أننا سنشهد وبكل قوة حضور للزي في دور الأزياء ولا ضير فالنتيجة واحدة دائمات وهي الارتباط بالماضي الذي يحمل روح الأصالة والارتباط بالوطن

وعن لباس المرأة المتقدمة في السن تقول السيدة "نبيهة": «ترتدي المرأة "عصبة" سوداء وهي عبارة عن قطعة كبيرة من الشاش الأسود من النوع الممتاز طولها متران وعرضها /70/سم تلف بعرض /10/ سم بعد خياطتها وتلف على الرأس ثلاث لفات وتعقد من الخلف، وكانت تعرف باسم "الرمايات". أما المكون الثاني فهو "الملفع" المعروف باسم "الشمبر" ويوضع تحت العصبة بعد أن يلف على الرأس وهو قطعة قماش من القطن أو الحرير الأسود طوله مترين وعرضه /40/سم. وأيضاً يتألف لباس المرأة من جزء أساسي وهو "الشرش" أو الثوب الذي كان ولا يزال يلبس، ويصنع إما من الكتان أو المخمل أو الحبر الكرب والملس وغالباً هو من اللون الأسود والكحلي للنساء الكبيرات بالسن والملون للصبايا، وتعمد الفتاة لتطريز الشرش لإضفاء الجمال وإبراز أناقتها».

السيدة نبيهة شديد

أما لباس الفتاة فهو يختلف بكليته عن لباس المرأة، ويتميز ببعض الإضافات التي تجعل منه لباساً أنثوياً بامتياز، وعن ذلك تضيف السيدة "نبيهة" بالقول: «إن مكونات لباس الفتاة عبارة عن السلك الأحمر الشماخ المشربش من الأطراف بحبات من الخيطان بعد قصها تشابه حبات الملبس، وفي زاوية الشماخ شرابيش طويلة تتكون من ثلاث سناسل تشغل بسنارة واحدة ثم توضع حبات من القطن في آخر السنسال تعرف باسم "السلك المشربش" تحت الشماخ وتلف رأسه بالشنبر الأسود المصنوع من الحرير. ثم ترتدي الثوب الطويل وغالباً ما يكون من قماش المخمل ومتعدد الألوان إما خمري أو كحلي أو أسود وأحيانا كتان أسود مطرز بألوان زاهية، وبعض الصبايا تستبدل السلك الأحمر بمحرمة كبيرة مصنوعة من الكتان أو الحرير وتربط خلف الرأس بطريقة فنية جميلة».

وبالمقابل فإن لباس المناسبات يختلف عن الزي التقليدي للحياة اليومية. فحفل العرس له أيضاً زيه الخاص. حيث تذكر السيدة "نبيهة شديد" أن هناك لباساً آخر تلبسه والدة العريس يتمثل بحطة وبوشيه توضع على الرأس وهي عبارة عن قطعة كبيرة ومربعة ومصنوعة من خيطان القصب والحرير منها الخيط المقصب والمذهب ومنها أيضاً خيط فضي تغطي الرأس كاملاً وتُربط من الخلف، ثم تلف بعد طيها بشكل جميل من اليمين إلى الشمال، واللفة الثانية من الشمال إلى اليمين، وتكون أطراف البوشيه مشربشة بخيطان حرير طولها حوالي /5/سم ثم تربط إلى الخلف وترتدي ثوب المخمل الأسود الطويل وإذا رغبت لبست الدامر الفرميلة فوق الشرش أو الثوب». وتتابع السيدة "نبيهة" كلامها لتحدثنا عن زي العروس الحورانية التقليدي بالقول: «كانت تلبس العروس ثوباً طويلاً مقصباً ومخصّراً من الوسط، وكل عروس كانت تعد إضافة لثوب زفافها عدة فساتين ملونة وزاهية حيث إنه من العادات والتقاليد قيام العروس بتبديل ثيابها على مدار الأيام السبعة التي تعقب الفرح.

أما غطاء الرأس فهو عبارة عن الشمبر الأسود المصنوع من الحرير وهو شفاف وتعتلي هذا الشمبر "عرجة" يقال لها "الشكة" مصنوعة من صف من الليرات الذهبية على داير الرأس بواسطة زنار على الأغلب هو من الخرز المزخرف ثم يصف فوقه رفراف من الفضة فوق الخرز، ويصالب برفراف فضة بشكل دائري ويثبت من الخلف بشرابيش من الحرير، ويصف فوقها ليرات من الفضة تسمى "جهادية" وهي مؤلفة من خمس قطع من الفضة قطرها /5/ سم ثم يوضع فوق شرابيش الحرير قطع من الفضة بشكل سنابل وكرات حوالي خمس سناسل يسمى "قرش" ومن ثم ترتدي فوق ثوب الحرير أو الثوب المقصب "دامر" (رملية) وكأنها جاكيت مصنوعة من الجوخ الأصلي يلبس على الوجهين وجه بلون خمري ووجه بلون أزرق أو أخضر غامق، ويوضع على الأكمام خرج أسود بشكل بريم، وعلى حواف الدامر من الأمام ومن الأسفل محاط من جميع الجهات وله جيب من اليمين واليسار وتكون عريضة ومزينة بالبريم الأسود. ونوع آخر من "الدامر" يسمى الجبة وهو طويل تتميز به منطقة "بصرى" أما غطاء الرأس فتوضع القضاضة البيضاء وتسمى "الشورة" وهي عبارة عن غطاء أبيض مربع الشكل مصنوع من خيط القطن الأصلي أو الحرير الأبيض الناعم، تطوى الشورة بشكل منديل وتوضع أعلى الرأس وتدلى ذيولها للأسفل دون تثبيت، وتوضع فوقها العرجة أو الشكة».

تختم السيدة "نبيهة" حديثها بالقول: «آمل أن يبقى هذا الزي حاضراً وبقوة في مجتمعاتنا، على الأقل في أفراحنا فلا تغيبه حداثة الحياة التي تأخذ بطريقها كل شيء يربطنا بماضينا والأمل معقود على بنات اليوم أمهات المستقبل وعلى دور الثقافة التي تقيم في صالاتها دائماً الكثير من الفعاليات المرتبطة بالتراث، وبالفعل يحضر هذا الثوب والزي بأي مناسبة وطنية والاحتفالات والاستقبال إذ يكون مبعث افتخار، وأود القول أننا سنشهد وبكل قوة حضور للزي في دور الأزياء ولا ضير فالنتيجة واحدة دائمات وهي الارتباط بالماضي الذي يحمل روح الأصالة والارتباط بالوطن».