في سن الثالثة عشرة وبعد وفاة والده كان عليه أن يتسلم مشيخة قبيلة "ولد علي" المنتشرة في جميع أرجاء الوطن العربي، مثّل في كثير من المواقف والخلافات والمشاكل صوت العقل الذي ما كانت الأمور لتحل وتصل إلى بر الأمان دون سماعه، وبما هو مفروض على من يجسد هذه الشخصية ذات المكانة والثقل الاجتماعي من مواصفات الحكمة والكرم والقدرة على حل الخلافات والنزاعات ونصرة المظلوم مايزال يقوم بأمور قبيلته مسجلا اسمه الذي بات معروفا وعلى نطاق واسع واحدا من الذين تقضى على أيديهم للناس حاجات، إنه الشيخ "متعب بن سمير" الذي زاره موقع eDaraa في محل إقامته "نقرة ابن سمير" والتي باتت تعرف إداريا باسم "عين ذكر" ليحدثنا عن نفسه وتسلمه مشيخة القبيلة بقوله: «أنا من مواليد عام ألف وتسعمئة وأربعة وثلاثين درست في سن الطفولة القران الكريم قبل أن أتوجه إلى "دمشق" لمتابعة الدراسة فيها وعندما وصلت إلى الصف السادس حين توفي والدي،فكان لابد لي من العودة إلى القرية حيث تمت مبايعتي شيخا لقبيلة "ولد علي" ولم أكن قد تجاوزت الثالثة عشرة بعد».

وعن قبيلة "ولد علي" وانتشارها يقول الشيخ "متعب": «قبيلة "ولد علي" هي فرع من قبيلة "عنزة" وتنتشر هذه القبيلة في جميع أنحاء الوطن العربي، قدمت هذه القبيلة إلى هنا منذ حوالي ثلاثمئة سنة ومنذ وصولها فرضت سيطرتها على هذه المنطقة التي صارت تعرف باسم "نقرة ابن سمير" نسبة للشيخ "ابن سمير"، أما فيما يخص انتشار القبيلة فإنها تتواجد في مناطق عديدة من سورية مثل "حلب" و"منبج" "وحمص" و"السخنة" وبادية وحاضرة "حوران" وهو المكان الأكثر انتشارا لأبناء القبيلة التي ما تزال تحافظ على العادات والتقاليد الأصيلة في الكرم ونصرة المظلوم ومد يد العون لكل محتاج».

تتم الأمور وكما هو متعارف عليه بان تنتقل مشيخة القبيلة من الأب إلى الابن الأكبر، ولكن الأهم من ذلك هو أن يتولى أمور القبيلة الشخص الذي تتوافر المواصفات المناسبة والتي تمكنه من القيام بأمورها وتحمل مسؤولياتها

وعن توارث مشيخة القبيلة يقول الشيخ"متعب": «تتم الأمور وكما هو متعارف عليه بان تنتقل مشيخة القبيلة من الأب إلى الابن الأكبر، ولكن الأهم من ذلك هو أن يتولى أمور القبيلة الشخص الذي تتوافر المواصفات المناسبة والتي تمكنه من القيام بأمورها وتحمل مسؤولياتها».

االشيخ متعب بن سمير

وعن أهم هذه المواصفات يقول: «لابد أن يتمتع بسيرة عطرة وسمعة حسنة بين الناس وان يتعامل مع الناس بشكل متساو وأن يكون ملتزم في الجانب الديني وغيرها من المواصفات الضرورية التي تمكنه من القيام بأدواره في حل الخلافات و النزاعات والإصلاح بين الناس».

وعن إحدى الصفحات المضيئة في تاريخ قبيلة "ولد علي" يقول: «كثيرة هي القصص والحوادث المشرفة التي قام بها أبناء "ولد علي" والتي ماتزال تتصدر المجالس والأحاديث ومنها ما حدث مع جدي "محمد بن سمير" وهو المعروف باسم "حريب الدول و حرابة الدول"،والقصة التي أدت إلى تسميته بهذا الاسم أنه دخل عليه واحتمى به جماعة من أسرة الخديوي أو أحد ملوك مصر في العصور القريبة وقد لحق بهم ضيم من ولاة الأتراك فانقسم أفراد هذه الأسرة واتجهوا إلى قبائل "عنزة" لكي يحموهم من الأتراك، وكان الشيخ "محمد بن سمير" قد أجار بعض من أفراد هذه الأسرة والقسم الآخر كان بحماية الشيخ "سطام بن شعلان" شيخ" الرولة" وبعد أن علمت الدولة التركية بوجود أفراد الخديوي لدى "ابن سمير" أرسلت إليه مندوبا لكي يسلم هؤلاء الدخلاء، فكان رد الشيخ "ابن سمير" لمندوب الدولة التركية بأنه لايسلّم مستجيرا وهناك واحد من "ولد علي" على قيد الحياة، فأرسلت الدولة حملة على عرب الشيخ "محمد بن سمير" وتلاقى الجمعان حيث دارت معركة طاحنة أبيدت خلالها كتيبة من جيش الأتراك مقابل مئة وخمسين رجلا من "ولد علي" وأثناء ذلك الحدث وهزيمة الجيش التركي تغير والي الدولة التركية، فاختار الوالي الجديد عن حرب الأعراب الدية والمصالحة والعفو عن دخلاء الشيخ "بن سمير" فسمي بعد ذلك الشيخ "محمد بن سمير"بحريب وحرابة الدول" لأنه حارب الدولة التركية ولم يسلمها الذين احتموا به، وللشيخ "محمد بن سمير" في هذه المناسبة قصيدة يقول فيها:

الشيخ طلال

يا حمود ما نعطي دخيل نصانـــــا لو جمعوا كل العساكـــر والاروام

يا بعد عن الظيم الرجال اقصرانـا ودخيلنا بالكون يا حمود ما يضـام

شيوخ قبيلة ولد علي

دخيلنا عن نصرته ما انتوانـــــــــا نحميه لو يطلب بثارات حكــــام

عيت على الشيمة سواعد لحانـــــا ودخيلنا ماهو دخيل لـسطام

نكوي المعادي كية وان كوانـــــــا كي يجي من بسرة القلب قـــــــدام

حنا عذاب اللي توطا رشانــــــــــا دام الليالي مقبلات والايــــــــــــام

وحنا نهار الكون نرهب اعدانـــــا وحنا على من دور الظلم ظـــــلام

وحنا اليا سرنا بعيد معدانـــــــــــا وحنا الذي من نطلبه حق مانـــــام

نبي الحرايب والحرايب منانـــــــا وش عاد لو جابوا لنا عسكر الشام

أولاد وايل مرهبين اعدانــــــــــــا نعفي الضعيف وللخصيمين ظلام

وعن أدوار شيخ القبيلة بين الأمس واليوم يقول الشيخ "متعب": «في الماضي كان شيخ القبيلة يقوم بمهام وواجبات أكثر من الآن ولاسيما في الفترات التي كان المحتل يسيطر فيها على البلاد. والآن ومع موجود الأنظمة والقوانين تراجعت أدوار شيخ القبيلة، ولكن ومهما يكن من أمر فإن هناك أمور ومسائل أول ما يلجا فيها الناس إلي شيوخ القبائل والعشائر من أجل إيجاد حل لها، وهناك تعاون كبير بين الدولة وهذه الفئة من الناس في كثير من القضايا ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالخلافات والمنازعات».

الشيخ "طلال بن محمد" وهو المرشح لخلافة جده في تولي أمور القبيلة يختم هذا الحديث بالقول:«لقد تربيت في كنف جدي الشيخ "متعب بن سمير" الذي كان بمثابة أب لي وأنا إلى الآن ما أزال ادعوه بوالدي، فقد احتضنني منذ أن كنت طفلا صغيرا، استطعت من خلال مرافقتي له أن أتعلم منه الكثير من الأشياء والأمور التي يتوجب على شيخ القبيلة القيام فيها، حتى وصلت إلى المرحلة التي أصبح يوكلني فيها القيام والنيابة عنه في العديد من القضايا والأمور وذلك بفضل تدريبه وتعليمه».