مع تزايد أعداد المعاقين في العالم بشكل ملحوظ وكبير خاصة في الآونة الأخيرة من عصرنا الحديث وبعد حدوث الكثير من التغيرات الديموغرافية في الحياة وتفشي العوامل الصحية التي تصيب الأم الحامل قبل وأثناء الولادة والمسببة للإعاقة، برز هنا الاهتمام الكبير بفئات المعاقين على كافة المستويات، فظهرت معاهد الإعاقة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتلعب دوراً كبيراً في عملية التأهيل لمن حرموا من نعمة السمع والنطق، ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمعات المحلية، إحدى هذه المعاهد معهد الإعاقات السمعية في محافظة "درعا" الذي أنشئ منذ نحو سبع سنوات، ويضم حالياً 95 طالباً موزعين على الصفوف من الأول التحضيري وحتى الصف السادس، يخضعون لمناهج تربوية بالإضافة إلى لغة الإشارة التي تعد مفتاح المعاق للدخول إلى الحياة التعليمية.
السيدة "عواطف الخطيب" مديرة معهد الإعاقات السمعية بدرعا تحدثت لموقع eDaraa بتاريخ 10/3/2009، في البداية حول مفهوم الإعاقة بشكل عام فقالت: «الإعاقة تعني قصوراً أو عيباً وظيفياً يصيب عضواً أو وظيفة من وظائف الإنسان العضوية أو النفسية بحيث يؤدي إلى خلل أو تبدل في عملية تكيف هذه الوظيفة مع الوسط، والإعاقة موجودة في تكوين الإنسان وليست خارجة عنه تؤثر على علاقته مع الوسط الاجتماعي بكل أبعاده، الأمر الذي يتطلب إجراءات تربوية تعليمية خاصة تنسجم مع الحاجات التي يتطلبها كل نوع من أنواع الإعاقة، وللتعامل مع المعاق أساليب وطرق خاصة تجعل من المعاق إنسان شبه طبيعي خلال فترة معينة وهو ما دفع الشؤون الاجتماعية إلى فتح معهد الإعاقات السمعية بدرعا».
نسعى في المعهد لتوفير الأجواء المناسبة والمشجعة للطلاب والذين يعربون دائماً عن ارتياحهم ورضاهم عن المدرسين وأساليب التعليم المتبعة، فالمعاق يتمتع بالذكاء والفطنة ومن الصعب أن تجد أسلوباً يريحك في التعامل معه
وحول دور إدارة المعهد بتوفير آليات نجاح المعهد تقول "الخطيب": «نسعى في المعهد لتوفير الأجواء المناسبة والمشجعة للطلاب والذين يعربون دائماً عن ارتياحهم ورضاهم عن المدرسين وأساليب التعليم المتبعة، فالمعاق يتمتع بالذكاء والفطنة ومن الصعب أن تجد أسلوباً يريحك في التعامل معه».
ولعل أبرز ما يسر النظر عند دخولنا معهد الإعاقة السمعية، اللوحات الفنية التي جعلت من جدران الصفوف معارض فنية ساحرة بطبيعتها وجمالها، وهو ما تصفه "الخطيب" بالقول: «أي معاق لا بد وأن يمتلك موهبة رياضية أو فنية، وهو ما تسعى إدارة المعهد جاهدة لتنميته من خلال أنشطتها وفعالياتها كإقامة مباريات رياضية وتشكيل فريق خاص بلعبة الكاراتيه، وافتتاح معارض فنية تسهم في اتصال المعاق مع العالم الخارجي والمجتمع المحيط».
وفي إشارة إلى المناهج المدرسة في المعهد تقول "الخطيب": «المناهج التي تدرس في المعهد هي ذاتها التي تدرس في مدارس الأصحاء، ونركز على إعطاء الطالب المواد الأساسية والمهمة كالرياضيات واللغة العربية، ولكن هناك مشكلة في مدة إيصال الفكرة للطالب المعاق وهو ما يتسبب في التأخر في عملية الانتهاء من المنهاج، وهنا تبرز الصعوبة في مواد اللغة العربية (القواعد والقراءة)، إضافة إلى وجود تفاوت في أعمار الطلاب بحيث يتأخر بعضهم بالتسجيل، لكنهم متفاعلون مع الدروس بشكل جيد».
وحول الفائدة التي يكتسبها المعاق بعد أن ينهي تعليمه تقول: «بعد أن يتخرج الطالب من معهد الإعاقة السمعية يصبح قادراً على التعايش مع رفاقه الأصحاء بطريقة عادية، والبعض يصبح قادراً على نطق حروف بسيطة كاسمه مثلاً وهذا يتم غالباً في المرحلة الأولى من تعليم المعاق أي خلال الصفوف التحضيرية، إضافة إلى القراءة والكتابة فهو كأي إنسان آخر لا ينقصه شيء، فالأصم إنسان طبيعي لا ينقصه سوى النطق والسمع فقط».
وبالحديث عن أهمية سياسة الدمج التي تتبعها إدارة المعهد تقول: «تهدف عملية دمج المعاق بالمجتمع المحلي إلى إتاحة الفرصة لجميع الأطفال المعوقين للتعليم المتكافئ والمتساوي مع غيرهم من أطفال المجتمع، إضافة إلى إتاحة الفرصة للأطفال المعوقين للانخراط في الحياة العادية ولتعرف الأطفال الأصحاء على الأطفال المعوقين عن قرب وتقدير مشكلاتهم ومساعدتهم على مواجهة متطلبات الحياة خدمة الأطفال المعوقين في بيئاتهم المحلية والتخفيف من صعوبة انتقالهم إلى معاهد بعيدة عن حياتهم اليومية، وينطبق هذا بشكل خاص على الأطفال من المناطق الريفية والبعيدة عن خدمات معاهد التربية الخاصة، إضافة إلى استيعاب أكبر نسبة ممكنة من الأطفال المعوقين الذين قد لا تتوافر لديهم فرص التعليم لأسباب معيشية أو اجتماعية، يساعد الدمج أسر الأطفال المعوقين على الإحساس بالعادية وتخليصهم من المشاعر والاتجاهات السلبية ويهدف الدمج إلى تعديل اتجاهات أفراد المجتمع وبالذات العاملين في المدارس العامة من مديرين ومدرسين وطلبة وأولياء أمور وذلك من خلال اكتشاف قدرات وإمكانات الأطفال المعوقين التي لم تتح لهم الظروف المناسبة للظهور».
وتختتم حديثها بالقول: «لا ننسى أن الدفاع عن حقوق المعاقين والعمل على تحقيق مطالبهم بتحسين واقع الخدمات المقدمة لهم وتعريف المجتمع بأهمية المعاق كعنصر بشري قادر على الإنتاج وشعور المعاق بترابط أسري حميم بينه وبين أعضاء أسرته ومجتمعه بات مطلباً ملحاً للكثير من المعاقين، فمن الواجب العمل على تنشيط حياة المعاق الاجتماعية ومساعدته على اكتساب أنماط سلوكية متعددة، ومعارف متجددة، لتزيد من انتمائه لمجتمعه فهو جزء من النظام الاجتماعي الذي ينتمي إليه وله حقوق وواجبات في ممارسة دوره على أكمل وجه بشكل فعال، وهذا ما نسعى إليه».