في الزمن الذي لم تكن الحمّامات متوافرة في أغلب المنازل في محافظة "دير الزور" كان الذهاب إلى الحمام من الطقوس الممتعة التي كانت النسوة يقمن بها حيث يتم تحضير كامل المستلزمات الضرورية لهذا اليوم وذلك عبر وضعها في "البقچة".
السيدة "كفى العمر" تحدثت لمدونة وطن "eSyria" في 30 آذار 2014 عن هذا الموضوع، فقالت: «كانت "بقجة الحمام" موجودة في كل منزل في محافظة "دير الزور" وتجهز دائماً لحين الحاجة إليها، وقد كانت تحوي "طاسة الحمام" المصنوعة إما من النحاس الأصفر أو الأبيض، وهي مدورة لها قاعدة مقعرة، ومنها ما يكون عليه نقش مميز لكي لا تختلط مع غيرها وتضيع، كما تحوي "البقچة" مشطاً ناعماً من العظم، ومشط حناء من خشب أسنانه متتابعة، إضافة إلى كيس الحمام وليفة وصابون زيت غار، وهناك "المحكاكة" وهي نوعان قرميد أو من الحجر من بقايا بركانية، ومناشف تلف على الجسم»
كان الحمام منتدى للنساء، وكانت الأسرة تستعد ليوم الحمام وهو يوم في الأسبوع، فتحمل الثياب النظيفة في "بقچة" من النسيج الثمين مطرزة بخيوط ذهبية وفضية، و"البقچة" لفظة قديمة انحدرت إلينا أواخر العصر العباسي معربة، ويسمح للأم باصطحاب أولادها الذكور حتى سن الخامسة، وكانت العائلة تأخذ زادها من الأكل فتجلس في أحد الأبهاء وتأكله قبل الحمام لتكتسب قوة تعينها على الاستحمام وحتى لا يغمى عليها من الجوع
وتابعت: «إضافة إلى ما تم ذكره تحوي "البقچة" أيضاً وفقاً لما شاهدته وأنا صغيرة عندما كانت تأخذنا والدتي معها إلى الحمام، بعض الأطعمة مثل البرتقال والليمون، ومنهم من كان يأتي باللحوم المشوية، كما أنهم يقومون بصنع الشاي في الحمام، وكان يوما الإثنين والخميس مخصصين للنساء، وفترة الحمام تبدأ من بداية النهار من الساعة الثامنة حتى أذان العشاء، وقبل وقت الانتهاء تأتي عاملات الحمام "يطنگرون بالطاسات" (أي يدقون عليها) لإعلام النسوة بانتهاء وقت الحمام».
لـ"بقچة الحمام" أنواع وهذا ما تحدثت به الحاجة "شمسة التمر" من بلدة "الصبحة" وأضافت: «"بقچة الحمام" وطاسة الحمام وأحداث الحمام كانت عندما لم يكن في بيوت "دير الزور" حمامات، وكان الناس يذهبون إلى حمام البلد، وهناك وقت مخصص للرجال ووقت مخصص للنساء، وحتى بعد أن أصبح في البيوت حمامات إلا أن بعض العائلات ظلت تذهب إلى الحمام، وأجمل ما يميز الذهاب إلى الحمام هو "البقچة" التي يتم ترتيبها قبل يوم من الذهاب لكي لا ننسى شيئاً من الأدوات الضرورية، وقد كانت النساء يتباهين في ما بينهم بطريقة ترتيبهن لـ"البقچة" ونظافتها فلكل امرأة طريقتها بالترتيب، وتعد "بقچة العروس" من "البقچ" المميزة التي كانت توضع مع جهاز العروس قديماً، وتكون مطرزة وهي من الساتان أو الحرير طلس، وتطريزها يدوي رائع توضع فيها حاجيات العروس وتصف على رف الخزانة وتعطي جمالاً للخزانة وهي مرصوفة، وهناك "بقچة" النساء المتزوجات الذين لديهم أطفال حيث تكون فيها إضافة إلى مستلزماتها مستلزمات أطفالها أيضاً من زيوت وليف ناعمة لا تؤذيهم أثناء عملية التنظيف، ولا ننسى "بقچة" من هم في سن الزواج التي تكون مرتبة بشكل ممتاز من حيث العطور والمناشف وربطات الشعر ما يدل على اهتمام الفتاة بنفسها، وهذا الأمر يلفت انتباه من يبحث عن عروس لابنه، وهناك "بقچة المرأة النفاس" حيث تذهب بعد الولادة بأيام إلى الحمام».
وقد ذكر الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "التراث الشعبي الفراتي" عن "بقچة الحمام" بالقول: «كان الحمام منتدى للنساء، وكانت الأسرة تستعد ليوم الحمام وهو يوم في الأسبوع، فتحمل الثياب النظيفة في "بقچة" من النسيج الثمين مطرزة بخيوط ذهبية وفضية، و"البقچة" لفظة قديمة انحدرت إلينا أواخر العصر العباسي معربة، ويسمح للأم باصطحاب أولادها الذكور حتى سن الخامسة، وكانت العائلة تأخذ زادها من الأكل فتجلس في أحد الأبهاء وتأكله قبل الحمام لتكتسب قوة تعينها على الاستحمام وحتى لا يغمى عليها من الجوع».