قد لا توجد احتفالية في "دير الزور" أهم من احتفالية المولود الجديد، ما يجعل كل تفصيل في هذه الاحتفالية أمراً مثيراً للبهجة، ويستحق الكثير من التوقف، ومن تلك التفاصيل "التمائم" التي تعلق على ثياب أو شعر أو قبعة المولود الجديد.

eSyria التقى السيد "نادر حشيشو" الذي يعمل في مجال صياغة الذهب منذ حوالي 35 عاما، وعن التمائم وأنواعها أخبرنا: «إن تمائم الذهب أو الفضة المستخدمة حالياً في "دير الزور" وتعلق على ثياب المولود الجديد كثيرة أهمها "سن الذيب" الذي يصاغ عليه الذهب أو الفضة، وكذلك "الخرزة الزرقاء" وهي عبارة عن خرزة زرقاء يصاغ حولها شيء من الذهب، وتعلق على صدر الطفل وكذلك "الجرس" وهذا بالذات كان يعلق على صدر المولود الجديد ولكن صارت النساء يستخدمنه أكثر من الصغار، وهنالك أيضاً ما يسمى "الحِرز" وهو عبارة عن قطعة من الذهب عليها نقوش معينة وتتدلى منها قطع ذهبية مستديرة، و"المصحف" الذي يصنع أيضاً من الذهب أو الفضة، والخلخال ويستخدم بكثرة، وعموماً كل هذه التمائم توجد بحجمين صغير وكبير، ويشتريها الناس كل حسب قدرته المادية، أما عن صياغتها عبر السنين وشكلها الخارجي فلم يتغير فيها إلا أنها كانت من عيار 21 قيراط وصارت من عيار 14 قيراط».

لم تعد الأمهات أو على الأقل غالبية الأمهات يؤمنّ بهذه التمائم، وإنما صار استخدامها جزء من الطقوس الاجتماعية فقط ولذلك لا أرى في استخدامها مؤشراً على ضعف الوعي

والتقينا أيضاً السيدة "سعاد الصالح"، ربة منزل، 75 عاماً، لسؤالها عن هذه التمائم في العقود الماضية وما طرأ عليها من تغيرات، وما انقرض منها، فأجابتنا قائلة: «هناك أنواع كثيرة من التمائم للكبار والصغار، ما يتعلق بالكبار اندثر معظمه، أما ما يتعلق بالصغار فقد اندثر قسم ضئيل منه، وكان الناس يشترون للمولود الجديد "سن الذيب" و"الخرزة الزرقاء" و"الحِرز" و"الجرس"، وقطعة من الذهب يكتب عليها عبارة "ما شاء الله"، وهذه قد تأتي فرادى وتعلق على كتف الطفل أو قبعته وقد تأتي مجموعة كلها أو بعضها فتنظم في سلسلة يسمى مجموعها "المحمدية"، وقد تكون السلسلة طويلة بحيث توضع خلف الرقبة وتحت الإبط وتسمى في هذه الحالة "الجنيدة" يمكن أن يوضع الخرز الأزرق بين هذه التمائم فتسمى "اللبّة"، وكانوا يعلقون "النونة" وهي عبارة عن مجموعة من الخرز الأزرق الذي قد تضاف إليه مجموعة من التمائم وتعلق على كتف الطفل أو مهده او طرف وسادته، وكانوا يصنعون سواراً او حجلاً من الخرز الأزرق وتسمى "خُصُور"، وكل هذه التمائم تهدف إلى صرف النظر إليها كي لا يقع على وجه الطفل، أما التمائم التي انقرضت تقريباًَ فمنها "الودعة والخضرمة"، و"الخضرمة" عبارة عن قطعة زرقاء من الحصى، أما "الودعة" فهي عبارة عن نوع من الأصداف البحرية، يمكن أن توجد كل هذه التمائم بأحجام صغيرة ويعلق بعضها على شعر الطفل أو على نوع من أنواع القبعات خاص بالأطفال-انقرض الآن- يسمى "الكُبُع" وارتبط كل ذلك بعدد معين من التعاويذ مثل التعاويذ المرتبطة "بالودعة والخضرمة" مثل التعويذة القائلة: "لأحط لك ودعة وخضرمة عن العين المظلمة"».

مجموعة من التمائم.

وللتعرف على البعد الاجتماعي المتعلق بالتمائم التقينا الأستاذ "آصف الشويخ" خريج المعهد العالي للخدمة الاجتماعية الذي تحدث قائلاً: «تميز الشرق إجمالاً بحالة روحانية تميزه عن الشعوب الأخرى، لذلك تجده يهتم بالغيبيات أكثر من غيره، وما مسألة التمائم إلا انعكاس لهذه الحالة، وبعد من أبعادها فهي بالنهاية متعلقة بمسألة التطير».

أما السيدة "سعاد سليمان" ربة منزل، فتعتقد أن المسألة لم تعد مرتبطة تماماً بالتطير فحدثتنا قائلة: «لم تعد الأمهات أو على الأقل غالبية الأمهات يؤمنّ بهذه التمائم، وإنما صار استخدامها جزء من الطقوس الاجتماعية فقط ولذلك لا أرى في استخدامها مؤشراً على ضعف الوعي».

السيدة سعاد الصالح
الصائغ نادر حشيشو.