«يعتبر "العقال" و"الشماغ" العلامة التي ميزت العرب منذ مئات السنين، إلا أنها بدأت بالانحسار تدريجياً، واقتصر ارتداؤها حالياً على سكان الريف، وخاصة في المنطقة الشرقية أو بعض القبائل التي مازالت متمسكة ببداوتها. مع العلم أن هناك بعض سكان المدن مازالوا يرتدونها في بعض المناسبات كنوع من حفظ التراث».

هذا ما قاله الباحث "أحمد جلال" لمراسل موقع eDeiralzor بتاريخ 5/1/2010 وحول عمر العقال وبداياته قال: «يعود عمر العقال إلى أكثر من /1300/ عام وتعود بدايات وجود العقال العربي إلى منطقة المشرق العربي وتحديداً العراق وسورية، ثم انتشر إلى بقية دول الخليج العربي والأردن، وجاء ارتداؤه بداية كرمز للحداد والعزاء، وجاءت تسميته منذ أيام القوافل العربية التي كانت تعبر الصحراء فعندما كانت تحط القافلة رحالها في الصحراء يقوم رجال القافلة بربط سوق الإبل بخيوط من شعر الماعز، ومن هنا جاءت تسمية العقال أي من "عقل الشيء" أي ربطه، ويحكى أن مجموعة من تجار "بلاد الشام" سموا بقبيلة "العقيلات" لربطهم النوق بهذه الطريقة».

المصنوع في سورية لكونه مصنوع من شعر الماعز وكثير من الدول العربية تستورده من هنا حيث يعد ذلك فخراً لمرتديه، لكونه يحصل عليه من موطنه الأصلي

أما طريقة ارتداء العقال فهي حسب الخطوات التالية: «بعد ارتداء الرجل للقبعة العربية أو القلنسوة يضع فوقها الشماغ العربي أو الحطة ليأتي العقال على الجزء الأعلى من الرأس، والعقال عبارة عن خيوط سوداء اللون سميكة مغزولة من شعر "الماعز" فوق بعض على دورين منفصلين مثبتين من الخلف، وتتدلى منه شراشيب على الظهر مثبتة بخيط لكيلا تفتح الحلقة، وهناك العقال المؤلف من ثلاث دوائر ويسمى العقال "الفيصلي" أو "الأميري"».

وعن حال العقال الآن أخبرنا السيد "أحمد الضللي" صاحب محل لصناعة وبيع العقال العربي: «إن بعض الشعوب العربية بدأت بعمليات تطوير للعقال من خلال صناعته باستخدام خيوط حريرية وبألوان مختلفة منها الذهبي والأصفر والأخضر، وبأشكال هندسية منها المسدس والمثمن والدائري، وتختلف نوعية العقال من الرفيع إلى المتوسط إلى السميك جداً، ويكون العقال بثخن أصبع السبابة ومبروماً، وهذا يعد مناسباً للشباب أما العقال الثخين فيكون للرجال كبيري السن والشرشوبة توضع لتعطي ثقلاً للعقال لكي لا يقع على الأرض».

أما أفخر أنواع العقال فهي حسب قول "الضللي": «المصنوع في سورية لكونه مصنوع من شعر الماعز وكثير من الدول العربية تستورده من هنا حيث يعد ذلك فخراً لمرتديه، لكونه يحصل عليه من موطنه الأصلي».

المخرج نواف حديدي

وأضاف: «للعقال عددة أسماء أهمها "المرعز" و"القنب" الذي اشتهر في دول الخليج ومن تقاليد ارتدائه أن يفتح العقال في فلسطين من الأمام ويكون مطبقاً في دول الخليج العربي وسورية».

ويرى الباحث "عامر النجم" أن العقال العربي يمثل رمزاً للرجولة والتقاليد في مجتمعنا ولكل حركة له تعبير ودلالة، وعنها يخبرنا بالقول: «قديماً كان الرجل يشعر بالحرج عند خروجه من منزله وهو حاسر الرأس، فذلك كان يعد نقصاناً من شأنه.

القالب الذي يصنع فيه العقال

كما أن لكل حركة للعقال دلالة معينة فقد كان ينكس العقال إلى الأكتاف والرقبة في حالات طلب الثأر لأحد أفراد العائلة، بينما كان العقال يحمل للضرب كالكرباج في حالات الشجار، أما رفع العقال ورميه على الأرض من قبل صاحبه فإن ذلك يدل على أن الأمور وصلت إلى حد لا يطاق، أما نزعه من قبل شخص آخر أمام الناس فذلك يعتبر إهانة لا تغتفر، وعند وقوع النزاعات فان انتزاع حطة شخص ما أو عقاله تعتبر غنيمة ثمينة يتباهى بها الخصم كما أن خلع العقال أمام الضيف أو الصديق فهذا يدل على فتح الأسرار بين الشخصين وعدم وجود حواجز بينهما وبالتالي تكون علاقتهم أخوية لأن خلع العقال أمام شخص غير أهل البيت تعتبر عيباً».

وأضاف "النجم" أن العرب سابقاً كانوا يميزون ضيفهم من نوع ووضعية العقال الموضوع على رأسه حيث قال: «إن أفراد قبيلة شمر مثلاً كانوا ينكسون عقالهم إلى اليمين، وكذلك عندما يكون للعقال شرشوبة من الخلف فإن الشخص يعرف بأنه من بلاد الشام، وعندما يكون العقال بشرشوبتين فإنه من دول الخليج».

ويبين المخرج "نواف حديدي" أصل وضع العرب "العقال والحطة" لدى القبائل العربية حيث قال: «الحطة والعقال كانت توضع لسببين، الأول للتخفيف من حدة العوامل البيئية والطبيعية كون المنطقة التي يعيشون فيها صحراوية وشديدة الحرارة والبرد في الفصول المختلفة، أما السبب الثاني فيعزى للبعد الديني فارتداء شيء ما على الرأس موجود في أغلب الديانات للتعبير عن التصاق الإنسان بإلهه، وذلك ابتداء من الديانات البوذية والهندوسية وحتى المسيحية والإسلامية».