يتفق معظم الناس فيما بينهم على أن الإصابة بالعين لا تنتج إلا شراً، ولهذا فسرت بعض الشعوب القديمة أثر العين مرتبط بالأرواح الشريرة والشياطين، ولهذا تفنن الناس في منطقة الفرات منذ القدم في ابتداع وسائل الوقاية كالكحلة والخضرمة والنوتة، لحماية أنفسهم من أثر الإصابة بها.

فأكثر ما يخشاه المجتمع الفراتي هو العين الشريرة على الأطفال الذكور أما الإناث فلا يكترثون بهن، فيضعون على أطفالهم شتى التمائم والتعاويذ والرقى.

الرجل الذي تصيب عيونه، يقولون له "عائن" و"معيان"، أما المصاب فيسمونه "معيون، مسفوع، منفوس، ومنظور"

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16/1/2013 الحاجة "مفيدة العلي"، والتي تحدثت عن هذا المعتقد بالقول: «لا تقتصر إصابة العين على عين إنسان لإنسان، فهناك حيوانات لعيونها قدرة على الإصابة بالعين مثل الأفاعي والثعلب والطاووس والقط، بالإضافة إلى الحيوانات التي يكون لعيونها بريق أو لمعان خاص، وقد حمل هذا الاعتقاد بعض الناس على التطير والتخوف من تلك الحيوانات والابتعاد منها خشية عينها».

اسوارة يد فاطمة

تضيف: «الرجل الذي تصيب عيونه، يقولون له "عائن" و"معيان"، أما المصاب فيسمونه "معيون، مسفوع، منفوس، ومنظور"».

ويشير الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "بقايا معتقدات من الفرات" حول استخدام أهل "الدير" لحماية العين قائلاً: «لا يزال أهل "الدير" يستخدمون نوعاً من الخرز في حماية الأطفال "الكحلة" وهي خرزة من "النمنم" سوداء تحمي الطفل من الاصابة بالعين الحاسدة، و"القبلة" وهي خرزة بيضاء توضع في عنق الفرس أيضاً لحمايتها من الإصابة بالعين».

وبين "عياش" طرق المعالجة من أثر العين بالقول: «تعالج "الخطفة" و"النظرة" عند الصبيان بتعليق سن ثعلب، أو سن هرة على الصبي، فإن تلك الأسنان تهرب الجن، وعين "العاين" هي التي تصيب بمجرد وقوع النظرة على الشيء وإن لم يتعمد صاحبها الأذى، وعين الحاسد تصيب في الغيبة وفي الحضور فتنفذ إلى المحسود وتصيبه بالأذى».

أما الإشارة التي يرسمها الذين يودون اتقاء خطر العين فتدعى"إشارة التين" وهي تقضي بوضع الإبهام بين السبابة والوسطى.

بالإضافة إلى أن العرب يتشاءمون من العيون الزرق بخلاف الغرب فإنهم يتغزلون بالعيون الرزق ويتفاءلون بها، كما يتغزل العرب بالعيون السود متفائلين بها، والغرب يشبهون جمال صاحب العيون الزرقاء بالسماء الصافية، والعرب يرون فيها سوء الأخلاق وإنها دليل البلادة والكسل».

اختلف الشعراء العرب القدامى في مدح زرقة العين أو ذمها وعابوا الأشخاص زرق العيون، حيث قال أحدهم يدافع عن زرقة عين امرأة:

ما شأنها والله زرقة عينها / بل كان ذلك زيادة في زينها

كادت اساود شعرها تسطو على / مهج الورى لولا زمرد عينها

وأشار الباحث "عواد الجاسم" إلى بعض ما تعلقه "الفراتيات" لطرد العين الشريرة عن الأطفال قائلاً: «"النوتة" وهي من الخرز الأزرق يسمى "النمنم"، كما يعلقون "خضرمة" بشعر الطفل وهي قطعة من الزجاج الخشن مثقوبة من الوسط، يضعون سواراً من "النمنم" في رسغ الطفل وفي أسفل ساقه وتسمى "خصور"، حيث يلبسون الطفل قبعة مزينة بريش نعام أو دجاج من الأمام لطرد الجن».

يضيف: «عندما يقع الطفل ترفعه أمه قائلة: "اسم الله، الذيب الخطيب حاضر لا يغيب"، وهناك من يضعون موساً صغيرة وملحاً في كيس صغير تحت وسادة الطفل مع مقص وقطع خبز يابسة وبعضهم يضع قرآناً صغيراً، وإذا بكى الطفل في المساء يسمى هذا البكاء "خويرة المغربية" يصنعون كعكاً صغيراً يعلقونه في قرون المعز عندما تذهب للسرح».

والمرأة "الديرية" ترقص طفلها منشدة نشيداً طويلاً لدفع العين ومن ذلك:

ياعين عني جنبي / ألف الصلاة على النبي

ياعين عنك صدي / مقلوعة بالود

ما تصلي على النبي / تعمى وما تشوف صبي

ما تحبك ريتها / دق العزا ببيتها

يموت راعي بيتها / ورحت انا عزيتها

والما تقلك عيني / تعمى من الثنتيني

يموت رجل صباها / ويكثر عليها الدينِ.