حظيت يا عود الأراك بثغرها/ ما خفت يا عود الأراك أراك/ لو كنتَ من أهل القتال قتلتك/ ما فاز مني يا سواك سـواك... بيتان جميلان من الشعر ليسا لشاعرٍ معاصر بل للإمام "علي بن أبي طالب" كرم الله وجهه قالهما لسيدة نساء الجنة زوجته "فاطمة" رضي الله عنها حين وجد السواك في يدها. و"السواك" عبارة عن فرشاة أسنان تحتل مكاناً مميزاً في صيدلية الطبيعة وتعمل مراكز الأبحاث العالمية على دراستها والاستفادة منها.

موقع eSyria كان له وقفة للتعرف عليه حيث جاءت البداية من اللغة أولاً، و"السواك" في اللغة بكسر السين يطلق على العود الذي يُساك به وعلى فعل الاستياك نفسه والجمع سُوُك ككتب.

التساوك احتكاك العظام من الهزل. فالكلمة تحمل معنى الاضطراب والاحتكاك

قال "الخليل بن أحمد": «"السواك" مأخوذ من الاضطراب والتحرك من قولهم: "تساوكت الإبل" إذا اضطربت أعناقها من الهزل».

المهندس الزراعي زهير داوود

وقال "الأزهري": «التساوك احتكاك العظام من الهزل. فالكلمة تحمل معنى الاضطراب والاحتكاك».

للتعرف على مصدر السواك وطريقة استخدامه التقينا بالمهندس الزراعي "زهير داوود" الذي حدثنا عنه قائلاً: «يؤخذ "السواك" غالباً من جذور شجرة "الأراك" وقد يتخذ من أغصانها ويغلف "السواك" من الخارج طبقة من الفلين ثم طبقة من القشرة ثم يلي ذلك ألياف كثيرة، وله رائحةُ خاصة وطعمُ حرَاق لوجود مادة به لها علاقة بالخردل تسمى "سينجرين sinnigrin" ولزيت الخردل رائحة حادة وطعم حراق.

شجرة الأراك

وتشبه شجرة الآراك شجرة الرمان ففروعها شائكة وأوراقها بيضاوية وتنتشر الشجرة على الأرض لمسافات كبيرة وهي دائمة الخضرة طوال فصول السنة، وهناك أشجار أخرى تستعمل أغصانها "كسواك" مثل شجرة "السرح" و"الأسجل" وعموماً تنمو أشجار "الأراك" في الأماكن الحارة والاستوائية ففي "المملكة العربية السعودية" نجدها بكثرة وخاصة في منطقة "عسير" في "جيزان" و"أبها" و"الحجاز".

وكذلك ينمو الأراك في "طور سيناء" وصعيد "مصر" و"السودان" ويفضل عدم اتخاذ أي سواك من أشجار غير معروفة لأنها ربما تكون سامة أو على الأقل ضارة لأنسجة الفم .

أعواد الأراك

أما عن أفضل أنواع "السواك" وطريقة استخدامه التقينا طبيب الأسنان "عادل العبد الله" الذي أفادنا قائلاً: «يفضل أن يكون "السواك" من "الأراك" الطازج الطري فإن لم يكن كذلك فإننا ننقعه في الماء، وبعد 24 ساعة من استعمال "السواك" يفقد الجزء المستخدم المادة الفعالة وفي هذه الحالة نعمد إلى قطع رأسه وتحضيره مرةً أخرى، ويغسل ويبلل بالماء أو اللعاب قبل الاستعمال، أما بالنسبة للفم فيجب أن تتم عملية المضمضة بعد كل "استياك" كما ينصح بتنظيف اللسان "بالسواك".

يعمل "السواك" على إزالة ترسبات الأسنان لاحتوائها على أليافٍ سيلولوزية ليّنة تدخل بين الأسنان وفي شقوقها، كما يحتوي على بلورات صلبة تساعد على تنظيف الأسنان عن طريق الاحتكاك.

يبدأ الاستياك بجانب الفم الأيمن وتستخدم الفرشاة و"السواك" بنفس الطريقة عموماً، تساك الأسنان العلوية والسفلية كلٌ على حدة، فيحرك "السواك" من اللثة إلى أطراف الأسنان باتجاه رأسي عدة مرات».

وللحديث عن الفوائد الطبية للسواك التقينا الأستاذ "عامر النجم" والذي يعمل في مجال العطارة منذ عدة عقود والمهتم بدراسة الأعشاب ومستخلصاتها فيقول: «أثبتت الأبحاث الطبية أن "السواك" المأخوذ من شجرة "الأراك" غني بالمواد المطهرة والمنظفة والقابضة والمانعة للنزف الدموي والعفونة والقاتلة للجراثيم، حيث يحتوي "السواك" على "العفص" (tannicAcid) ولهذه المادة تأثير مضاد للتعفنات والإسهالات كما يعتبر "العفص" مطهراً وله استعمالات مشهورة ضد النزيف كما يطهر "اللثة" والأسنان ويشفي جروحها الصغيرة ويمنع نزيف الدم منها.

أما مادة سينجرين "sinnigrin" فهي عبارة عن "جليكوزيد" مكونة من اتحاد زيت الخردل مع سكر العنب اليميني ويمكن فصلهما بواسطة الخميرة المسماة myrosin إلى سكر العنب وزيت الخردل وللأخير رائحة حادة وطعم حارق وهو ما يشعر بها الشخص الذي يستعمل "السواك" لأول مرة وهذه المادة تساعد على الفتك بالجراثيم.

وورد مقال في إحدى الصحف للعالم "رودات" مدير معهد علم الجراثيم والأوبئة في جامعة "روستوك" "بألمانيا" يقول فيه: «قرأت عن "السواك" الذي يستعمله العرب كفرشاة أسنان في كتاب لرحالة زار بلاد العرب وعرض الكتاب الأمر بأسلوب ساخر كدليل على تأخر هؤلاء الناس الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين، ولكن أخذت المسألة من وجهة نظر أخرى وفكرت لماذا لا يكون وراء هذه القطعة من الخشب ودعني أسميها فرشاة الأسنان العربية حقيقة علمية؟ وتمنيت لو استطعت إجراء التجارب عليها ضمن تجاربي الأخرى التي أجريها على غيرها ثم حانت الفرصة حينما سافر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم هو الدكتور "هورن" في بعثة علمية إلى السودان وعاد ومعه مجموعة منها وفوراً بدأت في إجراء أبحاثي عليها سحقتها وبللتها ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم فظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها "البنسلين".

إن هناك حكمة كبيرة في استعمال العرب "للسواك" بعد بله بالماء لأن استعماله جافاً لا ينجح العمل لما يحتويه من مادة مضادة للجراثيم ولو استعمل جافاً فهناك اللعاب الذي يمكنه من حل هذه المادة أما الحكمة الأخرى فهي تغيير السواك من حين لآخر ذلك لأنه يفقد مادته الهامة المقاومة للجراثيم بطول الاستعمال.

وفي قسم الأبحاث لشركة "كوارليفارما" السويسرية للأدوية في "بازل" في "سويسرا" تم إجراء التجارب العلمية على خلاصة "السواك" فجاءت النتائج الطبية في المحافظة على الفم والأسنان.

وقد تم صناعة معجون أسنان من خلاصة "السواك" ولو نظرنا إلى "السواك" لوجدناه يتكون كيميائياً من ألياف "السيليلوز" وبعض الزيوت الطيارة ومن "راتنج عطري" وأملاح معدنية أهمها "كلوريد الصوديوم" و"كلوريد البوتاسيوم" لذك فإن "السواك" فرشاة طبيعية زودت بأملاح معدنية ومواد عطرية تساعد على تنظيف الأسنان فهو فرشاة طبيعية ومعها مسحوق لتنظيف وتطهير الفم».