كانت وسائط التنقل في القديم تقتصر على حيوانات الركوب، وكان الجمل "سفينة الصحراء" الأكثر تحملاً لعناء السفر وطول المسافات، وتقديراً للمرأة وحفاظاً عليها من حرارة الشمس وبرد الشتاء صنع لها الرجال مقصورة خاصة تسمى " الهودج" وهي توضع على ظهر الجمل.

ولمعرفة هذه المقصورة وميزاتها وكيفية صنعها التقى esyria السيد"أحمد العكلة" وهو مهتم بالتراث والذي حدثنا بالقول:« "الهودج" مجموعة من الأخشاب التي تشكل بسهولة وتصنع على هيئة خيمة صغيرة، من الأعلى تكون الأخشاب سميكة وقوية وفي نهاية التشكيل يتكون مقعد يوضع على ظهر الجمل وتفرش أرضيته بالصوف ليكون رخواً ويكون جاهز لتركب المرأة بداخله ويغطى الهودج بكامله من الجوانب والأعلى بأقمشة منسوجة من صوف الأغنام المصمم على هيئة أشكال هندسية وألوان غاية في الجمالية فلا يظهر من الهيكل الخشبي إلا المقابض التي تستخدم لتحميل وتنزيل الهودج على الجمل، و"الهودج" في مجمله شبيه بالمظلة والتي تقي من بداخلها كل العوامل الخارجية من البرد وحرارة الشمس والغبار والرياح الشديدة وكذلك رؤية الناس لمن بداخلها أو انكشافهم أمام الغرباء، وقد صنع الهودج ليستر المرأة إثناء ركوبها على الجمل أثناء السفر وقطع المسافات خارج القبيلة وجميع أعمال الهودج من الهيكل الخشبي إلى الأغطية والتزيين كلها من صنع أهل البادية وكذلك نسيج صوفه وكل أعماله وتزيينه بالمرايا وريش النعام من عمل النساء».

كان الهودج من أهم وسائل الراحة بالنسبة للنساء بالدرجة الأولى وقد يستخدم استخدامات استثنائية لكبار السن والمرضى والأطفال الصغار، والهودج يعتبر من الأدوات الأساسية لدى أهل البادية، وأحياناً يعلق فيه بعض الأجراس وذلك لإصدار صوت أثناء تمايله وهذا دليل على أ الجمل الذي يحمل الهودج يسير وراء القافلة مباشرةً، وإذا اختفى الصوت دل ذلك أن هناك مشكلة ما حدثت فيلتفت إليه الجميع

وأضاف"العكلة " بالقول:« وللهودج دور آخر فهو يستخدم لركوب المرضى الذين لايستطيعون ركوب الحيوانات الأخرى وأيضاً يركب بداخله كبار السن، وتسمى المرأة التي تركب الهودج بالضعينة، والهودج قديم جداً من زمن "امرؤ القيس" وكان يسمى "الغبيط" حيث قال فيه أبيات من الشعر:

الهودج أثناء استراحة القافلة

"ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة /فقالت لك الويلات إنك مرجلي

تقول وقد مال الغبيط بنا معاً / عقرت بعيري يامرؤ القيس فانزل

هودج العطفة المكشوف

فقلت لها سيري وأرخي زمامه / ولا تبعديني من جناك المعلل "

واستخدم "الهودج"لزف العروس إليه حيث يزين خصيصاً لها وتزف إلى بيت عريسها، وقد تزف من قبيلة إلى أخرى أو ضمن القبيلة، واشتهرت الجمال خاصة في البلاد العربية بنقلها الأحمال، وسيرها من بلد إلى بلد في قوافل يجتمع فيها عدد من الجمال، وكانت جميع القبائل المتواجدة في بادية "ديرا لزور" تستخدم الهودج لركوب النساء فيه، ولكن انتهى دوره بتطور وسائل النقل الحديثة، ولم يبقى من ذكره شيء سوى مجسم الجمل الذي يحمل الهودج والموجود في متحف التقاليد الشعبية "بدير الزور"، وكان وسيلة حجاج بيت الله الحرام من كل حدب وصوب، ولعل الجمل سمي بسفينة الصحراء بسبب ما كان ينقله من سلع تجارية عبر البوادي العربية وصحرائها، وكان "الهودج" أحد أهم الركائز في تلك الرحل وذلك لبعد المسافات والظروف المناخية القاسية، واستخدم الهودج المفتوح لحمل العطفة أثناء القتال».

"عبد الرحمن الحسن" من قرية سعلو قال:«كان الهودج من أهم وسائل الراحة بالنسبة للنساء بالدرجة الأولى وقد يستخدم استخدامات استثنائية لكبار السن والمرضى والأطفال الصغار، والهودج يعتبر من الأدوات الأساسية لدى أهل البادية، وأحياناً يعلق فيه بعض الأجراس وذلك لإصدار صوت أثناء تمايله وهذا دليل على أ الجمل الذي يحمل الهودج يسير وراء القافلة مباشرةً، وإذا اختفى الصوت دل ذلك أن هناك مشكلة ما حدثت فيلتفت إليه الجميع».

"سعدون الفرحان" من "الحسكة" قال:«رأيت "الهودج" في زماننا هذا في مدينة"تدمر" حيث قاموا بإحياء التراث ضمن فعالياتهم السياحية، وهو مجهز بشكل جيد ومنظره من الداخل مثير للدهشة، وذلك لأنه مزين ومرتب بشكل جيد، وطريقة الصعود عليه بأن تنخى الناقة أي تجلس على الأرض ويتم الركوب فيه وبعدها يعطى أمر للناقة بالوقوف على قوائمها لتكون جاهزة للمسير، وكذلك شاهت "الهودج"على شاشة التلفاز في مهرجان الربيع"بحماة" حيث كان الهودج وبداخله امرأة في مسيرة الكرنفال».

  • الصورة الرئيسية من مهرجان الربيع بحماة 2006