عرف في ديار المشرق منذ القدم بصوته وحسه الموسيقي الجميل، فهو من الطيور التي تأقلمت في وادي الفرات، والتي إذا ما نمت واكتنزت اللحم فإنها لا تجمع الدهن في جسمها.

إنه طائر "الدراج" الذي تحدث عنه المهندس الزراعي "محمد حاج خضر" لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 5/1/2013 بالقول: «تتميز الحياة البرية في وادي الفرات بتنوعها الكبير، وذلك للتنوع المناخي في المنطقة، الأمر الذي جعل منها معبراً لهجرة أنواع عديدة من الطيور من الشمال إلى الجنوب والعكس ومنها طائر "الدراج" الذي يستوطن الأقسام الشمالية والشمالية الشرقية من القطر، ولكنه أخذ ينحسر جنوباً على الفرات بسبب الاصطياد الجائر والمطاردة المستمرة له، تساعده حقول القمح والأعشاب النامية على الاختفاء، وعندما يزول القش في الخريف يلجأ إلى حقول القطن وإلى الأدغال العشبية والطرفاء، ولكن حقول القطن تفضحه لسقوط أوراقها مما يسهل عملية اصطياده في هذه الفترة، يجتمع على شكل أسراب جماعية».

لو لم يكن "للـدراج" فخذ دجاجة لكان أفضل طائر بجناحيه قد طار

اسمه بالعربية "الدراج"، وباللاتينية "الفرانكولين" ويلحقه بعضهم بالحجل ويسميه الحجل الأسود.

طائر الدراج

يصنف "الدراج" الفراتي في فصيلة التدارج، وفصيلة التدارج في رتبة الدجاجيات من الطيور، وهنا يقول المهندس الزراعي "حسن هيثم": «طائر جميل الحلة، فالذكر أسود الصدر مبرقش الخاصرة حنائي الظهر مع طوق حنائي حول الرقبة، والأرجل حمراء بنية والظهر سوسني، الانثى مبرقشة بنية رملية أصغر من الذكر، ويعد من أجمل طيور العالم، ولحمه لذيذ يكاد يخلو من الدهن، ولهذا كان "ابن سينا" يصف لحمه للمرضى».

يضيف: «ينشط مع هبوب الرياح الندية الشمالية، ويتكاسل عندما تهب الرياح الشرقية، وصوت الذكر يعتبر في غاية الروعة الموسيقية (طاط – طاط – ططا – ططا) وهو عند العرب من الطيور المباركة لأنه كما يقولون يذكر الله، وانه في صوته يقول: بالشكر تدوم النعم».

وأشار المهندس "رازي العبود"عن "الدراج" بالقول: «طائر رشيق يبلغ طول القدم 34 سم، الذكر أجمل من الأنثى رصاصي المنقار داكن العيون أرجله حرة الأصابع بنية اللون عليها مهماز ينمو مع تقدمه في العمر، الوجه والخدان والحلق وأعلى الصدر وباطن الأجنحة، سوداء، البطن كستنائي اللون، والخاصرة مبرقشة بلون أبيض ظاهر الأجنحة، وأكثر ما يميز الذكر طوق من اللون الحنائي حول العنق ولطخ بيضاء على جانبي الرأس، أما الأنثى فبنية رملية مبرقشة أصغر من الذكر ومما يلاحظ في "الدراج" تناسق الألوان ودقة الوشم والتخطيط ما يجعله آية في الروعة والجمال».

وصفه الشاعر العباسي أبو الطيب المأموني:

قد بعثنا بذات الحسن بديع / كأزهار الربيع بل هي أحسن

في رداء من جلنار وآسن / وقميص من ياسمين وسوسن

وأشار الباحث "أسعد الفارس" في كتابه "شعب ومدينة على الفرات الأوسط" إلى فترة إباضة "الدراج" بالقول: «تبيض الأنثى في مطلع الحصاد في حقول القمح حوالي أربع عشرة بيضة، وتحضنها بحنان حتى تفقس، وفي هذه الفترة يكثر الذكر من الصياح ويجلب الانتباه بعيداً عن موقع العش، والفراخ يتقن فن التخفي والمراوغة، ومن الصعوبة أن تدركهن في مكان واحد.

ويعتبرون الحصول على زوج منه هدية لا تقدر بثمن حتى إني عثرت على وصف له في مذكرات السائحة الانكليزية "الليدي آن بلنت" عند زيارتها للفرات عام 1879م كل هذا وأبناء الفرات اليوم يشنون حملة لإبادته وهم لا يعرفون أنه من تراثنا القومي وأنه من الطيور النادرة في العالم».

وقال عنه الشاعر البريطاني "ولفرد بلنت": «لو لم يكن "للـدراج" فخذ دجاجة لكان أفضل طائر بجناحيه قد طار».