إن صناعة "دبس الرمان" في قرية "دير ماما"، حرفة متوارثة منذ القدم، فقد اختصوا بها وتفننوا بمراحل عملها ليكونوا أبرز المنتجين لأسواق التصريف.
فالمراحل المتعددة لصناعة "دبس الرمان" هي سر نجاح هذه الصناعة الحرفية اليدوية، التي أتقنها الرجال قبل النساء، وهي سر التميز بالإنتاج الذي وجد أسواق التصريف مشرعة أمامه، وهنا قالت السيدة "وحيدة خضور" من أبناء وسكان القرية لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 22 تشرين الأول 2014: «تمر صناعة "دبس الرمان" بمراحل متعددة يتبعها أبناء قرية "دير ماما" بخطواتها المدروسة والمتوارثة منذ القدم، ليحصلوا على إنتاج جيد ومتميز، وتبدأ مراحل العمل بصناعة الدبس من شهر أيلول في كل عام، حيث تقطف الثمار الحامضة "اللفاني" وتحضر إلى المنزل لغسلها جيداً، ومن ثم "تفريط" حباتها بشكل كامل، وهنا لا أقصد بشكل كامل الحبات غير الجيدة، بل أقصد لا نبقي منها شيئاً ضمن القشور.
بالعموم يمكن القول إن إنتاج القرية من دبس الرمان له تصنيف على مستوى القطر، وهو في المرتبة الأولى من حيث الإنتاج والنوعية، والسبب في ذلك باعتقادي لأننا منتجين جيدين لهذه الثمرة، إضافة إلى أن عدم وجود أعمال جعلت فكر أبناء القرية فكراً يقظاً يبحث عن موارد عمل إضافية ومتجددة ويتخصص بها، وقد نشتري ثمار الرمان في بعض المواسم عندما يكون الطلب أكبر من الإنتاج لنقوم بتصنيع الدبس منها، وهذا إن دل على شيء فهو أن منتجنا من الدبس منتج متميز
يوضع الرمان المفروط في وعاء كبير ليصار إلى عصره واستخراج السائل منه، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن مرحلة العصر في الوقت الحالي تختلف تماماً عن مرحلة العصر في السابق أي في التراث الديرمامي، حيث كانت الجدات والأمهات يعصرن الرمان بواسطة الرحى الحجرية التراثية، فيطحن لب الحبة أيضاً، وهو ما يعني أنه يجب تكرار مراحل التصفية، أي تصفية وفرز العصير عن اللب، حتى لا يشرك في السائل شيء، وكانت مرحلة العصير تحتاج إلى وقت طويل، حيث يوضع المسحوق المطحون بالرحى في قطعة قماشية وتوضع فوقه حجرة متوسطة الحجم لتساعد في عملية الفرز عبر وزنها.
أما اليوم فنساء القرية يعمدن إلى عصر الرمان بـ"الخضاضة"، وهي آلة صغيرة تشبه الغسالة التقليدية، مخصصة لخض الحليب واستخراج السمن البلدي، وهذه الآلة "الخضاضة" تحافظ على اللب كما هو أي لا تكسره كما الرحى، ومع هذا فمراحل التصفية والفرز تكون متعددة، للحصول على سائل نقي مئة بالمئة، وذلك منعاً لتكتل الدبس خلال مراحل الطهو على نار الحطب».
وبما أن الرجال يعملون بصناعة دبس الرمان كما النساء، أي كتف الرجل الديرمامي على كتف السيدة الديرمامية، تحدث الأستاذ "محمد حسن" مدرس التاريخ المتقاعد من أبناء وسكان القرية، قائلاً: «في كل عام أنتج ما يكفيني من دبس الرمان ليكون مؤونة الشتاء بالنسبة لمنزلي، وذلك بعد أن كنت أنتجه بكميات كبيرة أسوق حوالي تسعين بالمئة منه، وكان ذلك في أوقات الضعف المادي عندما كان الأولاد في الجامعات.
وكانت هناك أوعية خاصة بعملية الطهو على نار الحطب بالنسبة للسائل، وهي أوعية نحاسية في الأغلب، أما اليوم فهي أوعية من الألمنيوم بأحجام متعددة تتناسب والكمية المطلوبة للصناعة، ومرحلة الوضع على النار الهادئة، مرحلة تحتاج إلى انتباه جيد ولساعات طويلة تصل إلى أربع وعشرين ساعة تقريباً، وعند بداية الغليان يجب قشط ما يطفو فوق العصير حوالي ثماني مرات بطريقة جيدة، والمواظبة على مرحلة الغليان حتى يبقى عُشر الكمية الأساسية الموضوعة في الوعاء، وبعدها نعرض ما تبقى من مرحلة الغليان لأشعة الشمس حتى يتبخر ما تبقى من مياه فيه، فيصبح جاهزاً للاستخدام».
ويتابع الأستاذ "محمد": «بالعموم يمكن القول إن إنتاج القرية من دبس الرمان له تصنيف على مستوى القطر، وهو في المرتبة الأولى من حيث الإنتاج والنوعية، والسبب في ذلك باعتقادي لأننا منتجين جيدين لهذه الثمرة، إضافة إلى أن عدم وجود أعمال جعلت فكر أبناء القرية فكراً يقظاً يبحث عن موارد عمل إضافية ومتجددة ويتخصص بها، وقد نشتري ثمار الرمان في بعض المواسم عندما يكون الطلب أكبر من الإنتاج لنقوم بتصنيع الدبس منها، وهذا إن دل على شيء فهو أن منتجنا من الدبس منتج متميز».
المختار "أحمد عباس" قال: «حرفة صناعة دبس الرمان حرفة عامة وتراثية لأبناء القرية، وأسواق التصريف هي "حماة" و"دمشق" و"الساحل السوري" والقرى المجاورة، والتسويق يتم ضمن القرية فقط عبر التجار.
كما أننا نستثمر قشور الرمان ونبيعها لتستخدم بدباغة الجلود والأقمشة، لاحتوائها على مواد عالية القلوية، كما أن التمز الناتج من العصر أو ما يعرف باللب، يشمس ويباع أيضاً، ليدخل في صناعة الزعتر البلدي، وبعضهم يستخدمونه في عمليات تسميد الحدائق المنزلية، فهو مفيد للخضار بشكل كبير».