على ضفةٍ من ضفاف العاصي، نشأ واحد من أقدم أحياء مدينة "حماة"، إنه "حي الكيلانية" الذي يصله بضفة النهر الغربية جسرٌ وحيد، ليطل عليه مباشرة بواجهاته وقصوره ومساجده المبنية بطريقة عمرانية مميزة، والذي جعله يبدو كالقلعة ليس لها إلا معبر واحد.
حيث يحد الحي من الجنوب "حي الصابونية" ومن الشمال "طريق حلب"، أما "حي الحميدية" فيحده من الشرق، و"القلعة" من الغرب.
ولدت فيه وأمضيت /25/ عاماً من حياتي بين أرجائه، حيث عرف بجماله، وبتقارب أهله الاجتماعي، كما أنه من الأحياء التي خرّجت الكثيرين من المبدعين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى عاداته وتقاليده التي تعتبر من جذور حماة التاريخية
مدونة وطن "eSyria" زارت الحي بتاريخ 24/4/2013 والتقت السيد "وليد زينو" البالغ من العمر /63/عاماً، أحد سكان الحي السابقين، والذي تحدث عنه بالقول: «ولدت فيه وأمضيت /25/ عاماً من حياتي بين أرجائه، حيث عرف بجماله، وبتقارب أهله الاجتماعي، كما أنه من الأحياء التي خرّجت الكثيرين من المبدعين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى عاداته وتقاليده التي تعتبر من جذور حماة التاريخية».
وللتعرف أكثر على الحي أشار السيد "محمد زين الدين" المختص بدراسة تاريخ حماة: «أولُ من أسس الحي هو "سيف الدين يحيى الجيلاني" الذي يعود نسبه إلى الشيخ "عبد القادر الجيلاني البغدادي" في القرن السابع الهجري، حيث بنى الزاوية القادرية وتوفي عام \1334\م، ودفن فيها.
جاء بعده الشيخ "ياسين الكيلاني"، الذي قام بتجديد بناء الزاوية في العام \1706\ م، وضم إليها قصراً سكنياً كان خلفها، وبنى أيضاً قصرَ الطيارة وحمامَ الشيخ والكثير من الدور السكنية والعقارات.
يصل الحي بضفة نهر العاصي الغربية جسرٌ وحيد، ليطل عليها بواجهاته وقصوره ومساجده المبنية على النهر مباشرة، والذي جعلها تبدو كالقلعة ليس لها إلا معبر واحد.
يرجح الكثير من الدارسين على حد قول "زين الدين" أن أساساتِ حي "الكيلانية" تعود إلى عصور غابرة تسبق بكثير العصر الأيوبي بسبب الأقنية والأقبية التي قيل إن أحدها يمتد من حي الكيلانية الى حي البارودية المجاور على ضفة نهر العاصي، وهي مسافة تصل لأكثر من كيلومتر واحد.
وتعتبر هذه "الأقبية الأثرية" من أجمل ما يميز الكيلانية، ومن أهمها قبو "الكيلانية" وقبو "الطيارة" وقبو "الزاوية القادرية"، وقبو "حمام الشيخ"، وقبو "باب الخوجة"».
أضاف: «حي "الكيلانية" القديم يمثل معلماً من أهم معالم حماة السياحية لما يحتويه من الفنون ومظاهر الإبداع في العهد الأيوبي والمملوكي والعثماني، ويمثل كذلك مركزاً ثقافياً معترفاً به دولياً.
ولمباني الحي أهيمة كبيرة من حيث موقعها على ضفة العاصي مباشرة، حيث تلاصق مياه النهر مباشرةً، لتتغلغل المياه تحت البيوت في بعض الأماكن، لتُشكلَ الحمامات الصيفية وهي عبارة عن مسابح ومصاطب للسباحة والتشميس، وتتوزع هذه بين قصر الطيارة والزاوية القادرية الكيلانية (مقر الافتاء قديماً)، وأسفلَ بناءٍ جامع "نور الدين الزنكي"».
وحول سكان الحي يشير: «كان معظمُ سكانهِ ينتمونَ الى عائلةٍ واحدة وهي الكيلاني ومعظم بيوت ذلك الحي ليست فقط متلاصقة بل يوجد أبواب فيما بينها، وبالإضافة إلى ذلك كان سكانها في الأغلب يتزوجون من بعضهم بعضاً، فيبقون في داخل الحي ويتعزز رابط "الدم" فيما بينهم، وهو ما كان الحي عليه.
حي الكيلانية غني بالأبنية التاريخية والأثرية، حيث يضم قصر الحمراء (الطيارة) وقد سمي بذلك الاسم لأنه يطل على النهر على شكل طائرة وهو يشبه العمارة العربية في الأندلس، كما يضم حماماً عثمانياً قديماً يسمى حمام الشيخ وجامع الشيخ ابراهيم الكيلاني، بالاضافة إلى الزاوية وهي لعفيف الدين الكيلاني وثلاثة عقارات سكنية.
كما يحتوي الحي على عدد كبير من الزوايا، كالزاوية القادرية، وزاوية الشيخ ياسين الكيلاني، والشيخ حسين الكيلاني، وجامع الشيخ إبراهيم الكيلاني، بالإضافة إلى "ناعورة" الباز عبد القادر الكيلاني و"حمام"الشيخ" الأثري».