ما يميز "حماة" من غيرها من المدن معالم كثيرة، أهمها "النواعير" وكذلك الآثار وحديقتها الأشهر في سورية والتي تشد الزائر لجمال طبيعتها الرائعة. ولكن هناك من أضاف اسمه إلى قائمة المشاهير في هذه المدينة، ولا أدل على ذلك من لفافة "ساندويتش" لتعرف أنك في ضيافة "أبو راغب" فقد ارتبط اسم المرحوم "أبو راغب" بمدينته ارتباطاً غريباً مع أنه لم يكن سوى بائع للفلافل.

موقع eSyria زار مطعم "أبو راغب" الكائن إلى الغرب من "الساعة" وهو ما يعرف باسم مطعم "علي بابا" لكن اسم صاحبه "أحمد الشب" والأشهر باسم "أبو راغب". فالتقينا ابنه "عدنان الشب" وهو صاحب المطعم الحالي بعد وفاة الأب، والذي تحدث عن تاريخ والده وكيف أتى بالفلافل إلى "حماة"، فيقول: «كان والدي يعمل في مطعم "فريحة" في لبنان، وهناك تعلم صناعة "الفلافل" وحسب قوله فقد تعلمها اللبنانيون من المصريين، والذين بدورهم تعلموها من الفلسطينيين، ويروى أن صنع الفلافل يعود الى عهود قديمة في فلسطين».

ولكن قلة توافر زيت السمسم، وغلاء سعره، جعلنا نتجه إلى استعمال "زيت القطن"، وما زلنا نستعمله حتى الآن

ويضيف: «وعند قدوم والدي "أبو راغب" إلى "حماة" فتح مطعماً صغيراً في مدخل سوق الخضار في حي "الحاضر الصغير"، و بذلك يكون أول من أحضر الفلافل الى سورية، وتحديداً إلى حماة».

حركة كبيرة أمام مطعم أبو راغب

واستمر "أبو راغب" في العمل في هذا المطعم لمدة عشر سنوات، ومع ازدياد الإقبال على هذه "الوجبة الشعبية" انتقل الى محله الحالي في ساحة العاصي، ومازال العمل به مستمراً حتى الآن.

وعن الخلطة التي يتكون منها قرص الفلافل تحدث "عدنان الشب" فقال: «كان والدي يصنع الفلافل من "الفول" المطحون بعد تنقيته من القشر القاسي، ثم يضيف له "البهارات"، و"الثوم"، و"الكرات"، و"البصل"، و"الكربونة"، و"الملح"، إضافة إلى الماء».

السيد "عدنان الشب" صاحب المطعم

بعد أن تعرفنا على مكونات قرص الفلافل، يتحدث إلينا عن طريقة معالجتها لتصبح قرصاً شهياً: «كل هذه المكونات يتم عجنها حتى تصبح متوسطة اللزوجة، ويترك لبعض الوقت، ثم يأتي وقت "القلي" وكان والدي يقلي الفلافل بزيت السمسم المعروف عندنا باسم "السيرج"، ونستخدم قالباً خاصاً لجعل هذه العجينة على شكل أقراص تتحول بفعل القلي إلى لون بني، ذو رائحة شهية».

ويضيف: «ولكن قلة توافر زيت السمسم، وغلاء سعره، جعلنا نتجه إلى استعمال "زيت القطن"، وما زلنا نستعمله حتى الآن».

وعن الميزات التي يختص بها "قرص الفلافل الحموي" يضيف "الشب" قائلاً: «الفلافل الحموية مصنوعة من "الفول"، وهناك ما هو مصنوع من "الحمّص"، ونحن نستخدم "خبز التنور التقليدي" في عملية لف "الساندويتش"، وهو من الأصناف المرغوب بها عند الزبون، كما أنه بات كالعملة النادرة في وقتنا الحاضر».

وعن المكونات التي تدخل في تركيبة "ساندويتش الفلافل" يذكرها "الشب" قائلاً: «إضافة إلى قرص الفلافل نضيف بعضاً من أنواع الخضار المفرومة، ومنها "الخس"، و"الملفوف"، ثم نضيف رائب "اللبن العربي" وعصير الليمون الطبيعي، ونضيف المخلل، والملح، كل هذه تلف برغيف الخبز، لتكون وجبة سريعة ذات طعم شهي».

ومع تقدم الوقت لم يقتصر الأمر على الفلافل، فقد دخلت أصناف أخرى، وعنها تحدث السيد "عدنان الشب": «لقد قمنا بإدخال بعض الأطعمة الأخرى مثل "الحمص الحَبْ"، و"الحمّص الناعم"، و"الفول بالزيت"، و"اللبن"، و"الفتة"، و"المتبل بالباذنجان"، وبعض أصناف اللحوم حسب متطلبات السوق».

ويضيف: «أدخلنا تصنيع فلافل البودرة الجاهزة، والتي لا تحتاج إلا لإضافة الماء لها لتصبح جاهزة للقلي وذلك منذ عام 1990، ويتم تسويقها في داخل وخارج سورية، وخاصة إلى دول الخليج العربي، وبعض الدول الأوروبية، ونفخر بأن المواد الأولية التي نستخدمها هي من إنتاج محلي بحت، ومن مزارع محافظتنا، والمحافظات المجاورة، وخاصة الشمالية منها».

وعن طبيعة العمل في المطعم يقول: «يفتح المطعم أبوابه على مدار الساعة لكننا نتوقف عن تقديم الطعام داخل المحل في نهار "شهر رمضان" لما له من خصوصية، ويستأنف العمل بعد أذان المغرب، وحتى فترة "السحور"، ويعمل على خدمة الزبائن ما يقارب الخمسة عشر عاملاً».

فهل يخطر في بال من يزور "حماة" أن يغادرها دون تذوق فلافل "أبو راغب" سواء أكان عربياً، أم سائحاً أجنبياً؟ والجواب يأتي سريعا بدخول أحد الوفود الأجنبية الى المطعم أثناء وجود eSyria ولدى الحديث معهم تبين أنهم يحملون اسم المطعم ضمن برنامج زيارتهم وقد قام "أبو سعيد" وهو رئيس العمال في المطعم بتقديم الضيافة مرحباً بهم مع ابتسامة من صاحب المطعم، وفي مدينة "حماة" ونتيجة للشهرة التي اكتسبها عرف موقف الباص الذي يجاوره باسم موقف "أبو راغب" وهذا ما يتعارف عليه المواطن، والسائق في كافة أنحاء المدينة.

ويختم السيد "عدنان الشب" قوله: «أتمنى لكل من يزور "حماة" الاستمتاع بمعالمها النادرة على مستوى العالم من آثار وعمران وطبية أهلها، فهي بحق مدينة الغرائب المحببة، والطبيعة الفاتنة».

بعد كل هذا هل تعتقدون أن الراحل "أبو الراغب" اكتشف سر الفلافل في مغارة "علي بابا"؟!... ربما.