«عندما نتساءل: هل من قضية أسمى وأشرف من قضية الوجود الجذور؟ هل من قيمة لحضارة ما لم تستمر أو لتراث أسدل عليه ستار النسيان، أو فائدة لتاريخ ما لم يبق له امتداد وتواصل؟ هل لعمل أن يطبع في ذاكرة شعب أو شعوب مهما بلغ جماله ما لم يحمل بين طياته رسالة إنسانية خالدة؟».
بهذه الكلمات ابتدأ الأب "يعقوب فرجو" كلامه عن دير السيدة "العذراء" في
نستطيع القول إن دير السيدة العذراء منارة علم وإيمان يفخر به السريان، لا بل صرحاً وطنياً يفخر به السوريون جميعاً لذا فقد كان محجاً للجيل الطامح إلى معرفة كنيسته المقدسة ومركزاً مشعاً أوصل صوتهم إلى العالم بأسره ليكتب صفحات مشرفة في كتاب الكنيسة السريانية الخالدة
"تل الورديات"، متحدثاً لموقع eHasakeh، وأكمل الأب "يعقوب فرجو" عن تدشين هذا الدير: «دير السيدة العذراء شيده نيافة الحبر الجليل مار اوسطاثيوس "متى روهم" مطران "الجزيرة" و"الفرات" على ضفاف نهر "الخابور" انطلاقاً من كون المنطقة تعج بالقرى "الآشورية" ومن ضرورة إحياء الماضي التليد بمجد جديد إضافة إلى إيمانه العميق بالرسالة الأسقوفية التي يحملها.
وضع حجر الأساس لهذا الصرح العظيم عام ألف وتسعمئة وثلاثة وتسعين على يد قداسة الحبر الأعظم مار اغناطيوس "زكا الأول عيواص" وساهم أبناء الكنيسة السريانية والكنائس الأخرى بدعمهم المادي والمعنوي للارتقاء بالدير حتى وصل إلى شكله الحالي وتم تحقيق هذا الحلم بتدشين الدير في الخامس عشر من شهر آب لعام 2000 باحتفال مهيب حضره جمهور غفير من الأساقفة والكهنة وأبناء الكنيسة من كل حدب وصوب».
وعن الدير من الناحية المعمارية قال الأب "يعقوب فرجو": «يقعُ الدير على الطريقِ الرئيسيِ بين "الحسكة" و"تل تمر" في قرية "تل الورديات" ويبعد 24 كيلومتراً عن "الحسكة" و95 كيلومتراً عن "القامشلي"، تقوم أرض الدير على مساحة تقارب ثلاثة وستين ألف متر مربع ويشغل بناؤه أربعة آلاف متر مربع، كنيسة الدير تحتل الجناح الشرقي منه وتتسع لأكثر من مئتي شخص، يجمع بناؤها بين الحداثة والأصالة، كما أن الدير لم يكن داراً للعبادة فحسب بل للخدمة الاجتماعية أيضاً تدعيماً للقيم الروحية والإنسانية فكان نقطة مضيئة في "الجزيرة" لخدمة جميع المواطنين في الوطن والمهجر.
يستضيف الدير سنوياً مهرجانات تراثية للغة السريانية والأغنية السريانية ويهتم بالمدارس والكفاف وبناء الأديرة سعياً لنشر الثقافة السريانية وأحياء التراث السرياني الخالد، بالإضافة إلى أن هذا الدير يعتبر المتنفس الوحيد لأهالي المنطقة، فترى في أيام العطل العديد من العائلات ومن مختلف الطوائف في هذا الدير الذي يعتبر صرحاً من صروح البنيان والتسامح، كما يحيط بالفناء الداخلي فعاليات عدة من قاعة الاجتماعات، مكتبة المخطوطات، قاعة بيع الكتب واللوازم الدينية، صفوف التدريس، قاعة الاستقبال ومطبخ وقاعة للطعام بالإضافة إلى 29 غرفة نوم ومهجعين يتسع كل منهما إلى خمسة وعشرين شخصاً، لتكون في خدمة الآباء الكهنة والزائرين المتوافدين».
ختاماً قال الأب "يعقوب فرجو": «نستطيع القول إن دير السيدة العذراء منارة علم وإيمان يفخر به السريان، لا بل صرحاً وطنياً يفخر به السوريون جميعاً لذا فقد كان محجاً للجيل الطامح إلى معرفة كنيسته المقدسة ومركزاً مشعاً أوصل صوتهم إلى العالم بأسره ليكتب صفحات مشرفة في كتاب الكنيسة السريانية الخالدة».