على الرغم من حداثة بنائها؛ إلا أنها تحظى بديمومة تاريخية، تتمثّل في الاسم الذي تسمى به حالياً، والقدسية الروحية لكونها تحتضن حجرة من الديار المقدّسة، فمثّلت عند بنائها إيذاناً بتشييد صرحٍ معماري متميّز في المنطقة، لتساهم بذلك في بلورة الصورة المعمارية الجميلة للدور الدينية في أذهان الناس.
موقع eHasakeh زار كنيسة "القدّيسة" للمشرق الآشورية الواقعة في بلدة "تل تمر" والتقى بداية "سركيس يوسف" من أهالي البلدة، حيث تحدّث عن مكانة الكنيسة لدى الأهالي بالقول: «أنا من عشيرة "بني قليتا" الآشورية، حيث نقوم بالاحتفال كما تجري العادة بتذكار "القديسة" في الكنيسة، وذلك في الأحد الأخير من كلّ عام، فالاحتفال في كنيسة "القديسة" له طابع خاص، حيث الخدمة المتميّزة والمكان الرحب، وإضافة إلى ذلك هنالك احتفالات دينية أخرى تتطلب استعدادات خاصّة لا تتوافر في الكنائس الموجودة في القرى، كتذكار القدّيس "مار سركيس" والقدّيس "مار باكوس"، والتي تحتفل به مرتين في العام الواحد عشيرة "جمنايه"، وأيضاً الاحتفال الديني الخاص بعشيرة "كونايه" بمناسبة تذكار القدّيس "مار جرجس" يومي 24 نيسان والاثنين الأول من تشرين الثاني من العام، وأخيراً تذكار القدّيس "مار أوكين" الخاص بعشيرة "منشتت نارا"، وتلك الاحتفالات يحضرها عدد كبير من الناس، ما يستوجب إقامتها في الصالة الموجودة بكنيسة "القديسة" حصراً».
زارنا في منتصف الثمانينات غبطة البطريارك "مار أفرام" من الولايات المتحدة الأمريكية، وبطريارك الأرمن "أوهانيس" في زيارة قصيرة، وأيضاً المطران "دودو" بطريارك مدينة "حلب"
الكاهن "بوغوص إيشايا" راعي كنيسة "القدّيسة" تحدّث لنا عن تاريخ بناء الكنيسة بالقول: «الكنيسة الحالية هي امتداد لكنيسة "القدّيسة" القديمة الموجودة إلى الآن في البلدة، والتي شيّدت في عام 1818 م، وذلك بعد 123 عاماً من وفاة "خايل بيث قليثا" الرجل الذي جلب حجرة مقدّسة من قبر السيّد المسّيح في الديار المقدّسة في عام 1695، وهو من أهالي البلدة، حيث تمّ البناء على تلك الحجرة تذكاراً له، إلا أن الازدياد السكاني الكبير الذي شهدته البلدة حثّ أبناءها على بناء الكنيسة الجديدة مع مساعدة أهالي البلدة المغتربين في الخارج.
فقد تمّ إقامة أوّل قدّاس فيها عام 1986، ولكن أساساتها كانت موجودة منذ الستينيات، حيث بدأنا العمران فيها بعد مجيء سيّدنا غبطة البطريارك "ماردم خرابا" بطريارك كنيسة "المشرق الآشورية" إلى سورية عام 1980، بعدما أُنشئت اللجان المركزية واللجان الفرعية في كل كنيسة، وبناء الكنائس في كل قرية وبلدة يتواجد فيها "الآشوريون"، فاستغرق تجهيز "القدّيسة" مدّة 6 أعوام، لخدمة أبناء بلدة "تل تمر" والنواحي التابعة لها».
وفيما يتعلّق بمساحة الكنيسة وأقسامها أضاف الأب "إيشايا": «البناء من الطراز الحديث، ومساحته حوالي 400 م، أما أقسامه فهي أقسام كل كنيسة، فهناك "المذبح" و"بيت العماد" و"بيت القدّاس" إضافة إلى "الهيكل" الذي يجتمع فيه المؤمنون، ومساحته 26 م2 ويتسع ل 450 شخصا تقريباً في الأيام العادية، أما في أيام الأعياد فيدخله أشخاص أكثر.
وتمّ إنشاء ناد كبير بجانب الكنيسة تماما وهو تحت تصرف لجنة الكنيسة، ومخصص لإحياء الحفلات الخيرية، بالإضافة للندوات واللقاءات الكبيرة وإقامة العروض المسرحية والمعارض الفنيّة ومكان لتقبل التعازي، وتتوسط الكنيسة بلدة "تل تمر"، في شارع مدرسة "عدنان المالكي"».
وعن الأشخاص الذين خدموا الكنيسة وأيضاً الذين يقومون على خدمتها الآن قال: «حسب ما أذكرهم كان هناك "قسّ يونان" والقسّ "قريو"، أما الآن فيقوم على خدمة الكنيسة: الكاهن أو خوري الرعية المتمثّل بشخصي، و"الشمامسة" وعددهم 4، وأيضاً اللجنة الفرعية 7 أشخاص، والأخويات، إضافة إلى لجنة "السيّدات" وهي لجنة اجتماعية يطلق عليها تسمية "لجنة سيّدات كنيسة القدّيسة"، تضم قسما كبيرا من نساء البلدة ومن جميع مستويات المجتمع، وقد تأسست في نهاية عام 2002، ويتركز مهامها في توعية النساء اجتماعياً والعمل على نشر المحبّة بين أبناء البلدة عامة والنساء خاصة، وبثّ روح الأخوة والتعاون والمشاركة في جميع الفعاليات الاجتماعية والدينية التي تقام».
وبالنسبة للشخصيات الدينية المرموقة الذين زاروا الكنيسة وأعطوا "عظات" فيها اختتم الأب "إيشايا" حديثه عن كنيسة "القدّيسة" بالقول: «زارنا في منتصف الثمانينات غبطة البطريارك "مار أفرام" من الولايات المتحدة الأمريكية، وبطريارك الأرمن "أوهانيس" في زيارة قصيرة، وأيضاً المطران "دودو" بطريارك مدينة "حلب"».