"العجور" من الخضروات التي لا تغيب عن موائد "المالكية" صيفاً خاصة في وجبة الفطور، ويتميز بلونه المائل للخضرة والتي تعتبر "المالكية" من مناطق زراعته الرئيسية.

لإلقاء الضوء على "العجور" كانت لموقعehasakeh هذه اللقاءات، وبدايتنا كانت مع الباحث اللغوي "يعقوب حنا" الذي أخبرنا عن أصل التسمية فقال: «يعرف "العجور" بالعربية الفصحى بالقثاء، و"العجور" ولفظه "القثاء" من المعرّبات من الألفاظ القديمة، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أنها عُرّبت من أصل آراميْ، وورد ذكر "القثاء" في القرآن الكريم "فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وفومها وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا"، وقد اصطلح على تسميته في محافظة الحسكة "العجور" إن كان لونه أخضر، و"رمي" إن كان لونه مائل للسواد ويزرع في الأراضي الرملية، ولكن "العجور" طعمه ألذ وتمتاز به مدينة "المالكية" وريفها، ويقبل على شرائه الكثير ممن هم في مدن محافظة "الحسكة"، وهو قريب الشبه بالخيار ولكنه أطول ويؤكل في الغالب نيئاً، كما يدخل في إعداد السلطات والمخللات».

يستعمل "العجور" بالإضافة إلى أكله نيئاً على الفطور أو العشاء في بعض الطبخات ومنها المحشي، حيث يتم حشوه بالرز واللحم بعد استخراج داخله كالباذنجان والكوسا، كما يمكن أن يتم تحضيره كمخلل مع الثوم والملح والخل والجزر

ولمعرفة كيفية زراعته كانت لنا زيارة إلى حقل السيد "سليم بنيامين" من قرية "الكاظمية" الذي قال: «"العجور" من الخضروات التي يمكن زراعتها طوال العام ولكنه يتأثر بالبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة فيقل إنتاجه، وهو عرضة للإصابة بالحشرات والأمراض مما يقلل الإنتاجية، وتعتبر الأراضي الطينية هي المفضلة لزراعته ويتميز عن البطيخ والجبس والقرع بأن محصوله أوفر».

نبتة العجور

ويتابع "بنيامين" قائلاً: «أفضل الأوقات لزراعة "العجور" هي من منتصف "شباط" وحتى منتصف "آذار"، والفترة الثانية هي من من بداية "تموز" إلى بداية "آب"، والفترة الثالثة هي من بداية "تشرين الأول" إلى بداية "تشرين الثاني" حيث يتم فلح الأرض مرة أو مرتين حسب الحاجة، وتسوّى الأرض جيداً كي لايبقى فيها كتل ترابية ثم يتم تخطيط الأرض إلى مصاطب بعرض مترين وتزرع البذور بحيث تكون المسافة بين الحفرة والأخرى 50 سم ويوضع في الحفرة الواحدة مابين 3 – 5 بذور».

ويختتم "بنيامين" قائلاً: «يبدأ "العجور" بحمل الثمرة بعد حوالي 30 – 45 يوم من الزراعة وذلك حسب الصنف والموسم والتربة وطريقة الزراعة، ويُفضل أن يتم جمعه كلما وصلت الثمار إلى الحجم المناسب لأن عدم الحصاد يمنع تكون أي ثمار جديدة، ويفضل الناس تناول "العجور" الصغير أو المتوسط الحجم لطراوته وطعمه اللذيذ».

المزارع سليم بنيامين في حقله

ولمعرفة كيفية العناية به والوقاية من الأمراض التي تصيبه توجهنا إلى المهندس الزراعي "يوسف أحمد" الذي قال: «"العجور" نبات عشبي حولي زاحف زراعي أوراقه مفصصة وأزهاره صفراء صغيرة وثماره طويلة تشبه إلى حد ما الخيار، قبل أن تتم الحراثة الأخيرة يستحسن إضافة الأسمدة البلدية المتحللة إلى الأرض، أما الأسمدة الكيميائية فتضاف بعد ذلك بواقع 50 كجم من" اليوريا " للدونم، وذلك وفق الطريقة التالية يوضع السماد في حلقات أو حفر حول النباتات علي بعد مناسب حتى لا تتأثر جذور النباتات، وتتم تغطية السماد بالتربة التي يمكن أن تؤخذ من جوانب المصاطب ومن ثم تتم سقايته بطريقة برية خفيفة».

ويضيف "أ حمد": «"العجور" معرض للإصابة بمجموعة من الأمراض أهمها "مرض البياض الدقيقي" الذي تتم معالجته عن طريق الرش بمركبات الكبريت، أما مرض "الذبول" فتتم معالجته ومقاومته بإتباع دورة زراعية مناسبة وزراعة السلالات المقاومة للمرض، كما يتعرض"العجور"للأذى من بعض الحشرات لعل أهمها وأخطرها هي "ذبابة ثمار القرعيات" التي تتم الوقاية منها عن طريق قلع النباتات الذابلة وجمع الحشرات الكاملة بالأيدي وإعدامها، وفي حالة طور العذراء الساكن في التربة يتم إغراق الأرض بالماء لقتلها، كما يتم استعمال مبيد السيفين بمعدل 1 كغ لكل دونم».

العجور في سوق المدينة

ويختتم حديثه بالقول: «"للعجور" فوائد طبية كثيرة وفق كتب الطب الحديث، منها أنه مرطّب ومنظّف للدم مذيب للأحماض البولية وأملاحه مدرة للبول، ويستعمل القثاء خارجياً ضد الحكة الشديدة والقوبا، وكما يفيد في العناية ببشرة الجلد ويستعمل لعلاج النمش والكلف حيث يمزج عصير "العجور" مع حليب طازج ويغسل به مكان النمش والكلف، أما الطب القديم فقال عنه وفق "ابن البيطار" أنه أخف من الخيار وأسرع هضماً وهو يبرّد ويرطّب، وهو من أغذية المحرورين ويضر المبرَدين وينبغي ألا يكثروا منه، أما "ابن سينا" فقد قال فيه إدرار وتليين وينفع من أوجاع المذاكير وهو موافق للمثانة».

وختام جولتنا كان في منزل السيدة "رانيا عبد الأحد" التي قالت: «يستعمل "العجور" بالإضافة إلى أكله نيئاً على الفطور أو العشاء في بعض الطبخات ومنها المحشي، حيث يتم حشوه بالرز واللحم بعد استخراج داخله كالباذنجان والكوسا، كما يمكن أن يتم تحضيره كمخلل مع الثوم والملح والخل والجزر».

ويتدخل السيد "جميل مراد" القادم من "السويد" بالقول: « نحرص على أخذ كمية من "العجور" إلى بلاد الغربة كون كثير من أبناء "المالكية" يوصون عليه، وأذكر أن هناك أمثال عن "العجور" نتداولها في "المالكية" من قبيل القول "العجورة في الجورة" دلالة على أن كل الأمور جيدة، وكما يغني الأطفال أهزوجة شعبية تقول كلماتها باللهجة "الأزخينية" المحلية الدارجة "نينا نينا نيناي عجور وبطيخاية رحنا بيت العطاية عطونا فستقاية طمرناها في التبن حبلت وجابت ابن».