"عدنان إسماعيل" اسمٌ برز بمحافظة "الحسكة" في مجال الخط العربي، يتذوق ويتحسّس جمالية الحرف، يزاوج بين المعنى والشكل في براعة وشفافية وإتقان.
مدونة وطن eSyria قابلت الفنان "اسماعيل" في مكان إقامته بـ"عامودا" بتاريخ 8/9/2012 وكان الحوار التالي:
يتميز "عدنان" بأسلوبٍ خاص به في مجال الخط، فلديه من الخبرة ما يمكّنه من منافسة أفضل الخطاطين على مستوى المحافظة، وكغيره من فناني المنطقة لم ينل حظه من الريادة وبقي وحيداً مع فرشاته وأدواته البسيطة
** لم يكن عمري قد تجاوز العاشرة عندما بدأتُ أكتب في دفاتري المدرسية جملاً وكلمات وفق أنماطٍ متعددة من الخط العربي دون أن أميّز بعضها من بعض، في تلك الفترة وبالتحديد عام /1968/م كان "سعيد ريزاني" و"إبراهيم عيسى" هما الخطاطان الوحيدان اللذان برز اسمهما في "عامودا" وتأثّرت بهما إلى حد اعتبرتهما قدوتي في مجال الخط العربي من دون أن يكون لهما فضل علي. في سن الرابعة عشرة بدأتُ بتقليد أسلوبهما في الخط، ولما كان "إبراهيم عيسى" مُتفرغٌ في دار السينما بـ"عامودا" لكتابة اللافتات حول العروض الجديدة؛ كنت أنتظر هناك طويلاً حتى أشاهد الطريقة التي يكتب بها أسماء الأفلام وأشكال الحروف دون أن يدري بمراقبتي لحركات فرشاته، وعند عودتي للمنزل أبدأ بالتمرّن على الطريقة التي اتّبعها خطاط السينما في عمله. أثناء المرحلة الثانوية بدت الأمور بالنسبة إليّ واضحة وصار اسمي معروفاً بين زملائي كخطاط موهوب، لذلك كان الجميع يلجأ إلي إذا لزمهم شيء مُتعلّق بكتابة اللافتات أو أسمائهم الشخصية؛ وبذلك أصبح بإمكاني استعراض مهاراتي وصقلها أكثر من السابق، حتى أثناء دراستي في معهد إعداد المعلمين كنت الشخص الوحيد الذي تلجأ إليه الإدارة للاستعانة بمهاراتي في كتابة العناوين العريضة لمجلات الحائط والحكم والأمثال ضمن أروقة المعهد.
** كيفما كان مستوى الخطاط فبالتأكيد لديه معرفة بأشكال الخطوط، لكن هل يا ترى أن هؤلاء يتعاملون مع الخط العربي وفق قواعده الأساسية؟ الجواب بالتأكيد لا، لأن الكثير ممن يمتهنون الخط غير ملتزمين بتلك القواعد خاصةً بالنسبة لحروفٍ محددة مثل حرف الألف.
** صور الحروف العربية متعددة ومتنوعة حسب الاتصال أو الانفصال أو حسب ورودها في بدء الكلمة أو وسطها أو آخرها حتى تبلغ أشكال بعضها ثلاثة أو أربعة مثل هـ ـ ـهـ ـ ـه ـ / ع ـ عـ ـ ـعـ ـ ــع , وهكذا تبلغ الحروف /90/ شكلاً مستقلاً، وإن تشابه الحروف العربية تجعلنا نخلط بينها ونجد صعوبة في التمييز مثل: /ع ـ غ ـ ب ـ ت ـ ج ـ ح ـ خ الخ/ إضافة إلى صعوبة التنقيط وهي ناشئة عن الرغبة في تذليل صعوبة التشابه وإزالة اللبس، إذ إن نصف الحروف العربية لا تُقرأ إلا بالتنقيط ونسيانها أو إهمالها يغير من حقيقة الحرف. ويأتي التشكيل أيضاً أحد الصعوبات ويشمل الفتحة والكسرة والضمة والسكون والتنوين بأنواعه، إضافة لمشكلة كتابة الهمزة ومواقع كتابتها المختلفة ومشكلة الألف المتطرفة».
** في الحقيقة اعتبر أن هذا الدخيل أو الوافد الجديد قد حكم على الخط العربي بالموت البطيء، لأنه بات بإمكان أي شخص يُتقن استخدام الحاسوب، بغض النظر عن ميوله، أن يُصمّم أفضل اللافتات وبنوع الخط الذي يختار دون أن يعلم شيئاً عن قواعد الخط، لذلك وبعد عدة سنوات لن نجد من يحمل الفرشاة أو القصبة ليتفنّن بكتابة الحرف العربي على أصوله.
** إن جمالية الخط العربي تكمن في الروح التي يهبها كاتبها (أي الخطاط)، ومهما بلغت مهارات الحاسوب في إخراج وتنضيد اللافتات وأنواع الخطوط المختلفة، فإنه لن يصل لما يُبدعه الخطاط، لذلك كما قلت قبل قليل فإن الاستعانة بالحاسوب في هذا المجال هي إعلان موت الخط العربي.
** يجب ألا يتخصّص الخطاط في نوع بعينه، بل عليه أن يجيد كتابة كافة الأنماط حتى لو لم يستطع استخدام جميعها، وإذا كان من الصعب ذلك فمن البديهي أن يُتقن استخدام الأنواع الأربعة كثيرة الاستعمال وهي "الرقعي، الفارسي، الديواني، النسخ" أما أصعبها فهي خط الثلث لما لحروفه من تشعبات.
** بالتأكيد؛ فهو علم لأنه يعتمد على أصول ثابتة وقواعد دقيقة تستند إلى موازين وضعها الأقدمون ودخل هذا العلم كمادة دراسية في حقل التعليم، وقواعده العامة لا تختلف من شخص لآخر. وهو فن لأن محوره الجمال في التعبير الذي يتوخاه ويهدف إليه كما يتطلب استعداداً فنياً يقوم على دقة الملاحظة والقدرة على المحاكاة؛ والتعبير في هذا الفن يختلف من خطاط لآخر حتى إنه قد يختلف عند الخطاط نفسه من حينٍ لآخر نظراً لتغيير الانطباعات النفسية والمشاعر. أما الخط فلسفة فلأن لكل نوع من أنواع الخط فلسفة خاصة عبّرت عن فلسفة مجتمعها وطبيعته، ففي الخط الكوفي نلاحظ خطوطاً مستقيمة قاسية تُعبّر عن قسوة الحياة في العصر الجاهلي الذي ينسب إليه، وفي الخط الثلث نلاحظ تعقيداً في الحروف وجمالاً في الشكل تتلاءم مع تعقيد الحياة وروعة الحضارة في العصر العباسي, أما الخطان الرقعي والديواني فيتمثّل فيهما الوضوح والسرعة وهما وليدا العصر العثماني.
يقول عنه الفنان "محمد سعدون": «يتميز "عدنان" بأسلوبٍ خاص به في مجال الخط، فلديه من الخبرة ما يمكّنه من منافسة أفضل الخطاطين على مستوى المحافظة، وكغيره من فناني المنطقة لم ينل حظه من الريادة وبقي وحيداً مع فرشاته وأدواته البسيطة».
يُذكر أن "عدنان إسماعيل" من مواليد "عامودا" عام /1958/م يعمل في سلك التدريس ويمارس مهنة الخط التي عشقها منذ طفولته المبكرة.