كانت تربية الحمام مقتصرةً منذ القدم على عددٍ محدود من الأشخاص، فهم يجدون في تربيته متعةً كبيرة، وشكلاً من أشكال الرفاهية المفرطة، إلا أنه أصبح في يومنا هذا باباً للرزق ومجلبةً للمال والهواة.
مدونة وطن "eSyria" رصدت طقوس تربية الحمام في مدينة "الحسكة" من خلال زيارتها للمربي "خضر غازي"، حيث تحدث عن طقوس تربية الحمام خلال اللقاء الذي أجري معه بتاريخ 23 أيار 2014، فقال: «ليس بإمكان أي شخصٍ عادي أن يربي الحمام؛ نظراً لما تحتاجه التربية من خبرة عملية وعلمية في آنٍ معاً، إذ يجب على المربي أن يكون قد تربى وترعرع وسط أجواء تهتم بهذا المجال، ففي السابق كان الناس يعتمدون على تربية الحمام الموجود بين أيديهم ويتناقلون خبراتهم دون تطويرها، أما اليوم فقد دخلت أصناف وأنواع عديدة إلى هذا المجال، وتعدّ تربية الحمام متعةً كبيرة للمربين علاوةٌ على كونها مصدراً مدراً للدخل، وذلك في حال أتقن المربي مهنته وتمكن من التماهي مع السوق، من خلال تأمين المتطلبات اليومية على طيور الحمام التي أخذت تتزايد، ودخلت فيها سلالات هجينة لا يعرفها إلا العالم بمنشأ الطيور أو الخبير في هذا المجال».
أنه يعمل في تربية الحمام منذ عام 1980، وأنه اكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال جعلت منه خبيراً وحكماً في مجال بيع وشراء واقتناء الطيور، مشيراً إلى أن الأجيال الجديدة من المربين لم يصلوا حتى هذا التاريخ المرحلة التي تمكنهم من معرفة وضع الطائر القادم من خارج المحافظة، وهذا ما يحتم على الجميع الاستعانة بخبرته لتوصيف الطائر وتقييم ثمنه
ويتابع: «أمتلك 75 نوعاً من الطيور من كل الأشكال والأصناف، ويبلغ عدد الطيور في الأكواخ التي أضعها في منزلي نحو 300 طير، وهي تشغل وقتي بالكامل حيث أراقبها على مدار الساعة، حتى وصل بي الأمر إلى أن وضعت برنامجاً يومياً حتى لا أغفل عن خدمتهم، وتصل ساعات مكوثي بينهم إلى ثلاثة أضعاف ما أقضيه مع عائلتي، ففي كل يوم أقوم بإطعامهم قبل أن أتناول إفطاري، ثم أجلس بالقرب منهم وأستمع إلى أصواتهم، فمن خلال صوت الطائر وحركته أعرف إن كان مريضاً أم لا، ثم أقوم بجمع البيوض ووضعها في مكان محدد، وعند اكتمال البيض أضعه تحت الطائر الذي أرتئي، فإذا كانت البيوض للطيور غالية الثمن أضعها تحت الطيور العادية، لأقلص فترة الحضانة على الطيور الغالية وأكسب بيوضاً جديدة، وهذا ما نسميه بـ"التحضين"، وحتى لا تختلط البيوض علي قمت بعزل كل مجموعة من الطيور في مكان منفصلٍ عن الآخر».
ويضيف: «بعد الخبرة التي اكتسبتها على مدار أحد عشر عاماً، تعلمت الكثير عن هذا العالم فقمت بتهجين الطيور للوصول إلى سلالات مرغوبة في البيع والشراء، وأكثر الأنواع التي أقوم بتهجينها هي: "المجري، واللورنسي، والماليزي، والريحاني"، ويأتي التهجين حسب الطلب؛ بغية إنتاج طائر طويل العنق، أو طويل القدمين، أو يحمل لوناً معيناً لا تمتلكه سلالته الأصلية، حيث يخرج لدينا الطائر المطلوب وحسب المواصفات بعد السلالة الثالثة أو الرابعة، وتكون أسعار هذه الطيور مرتفعة جداً تبعاً للمواصفات التي ينتجها التهجين. وفي بعض الأحيان طيور من التجار لا تكون موجودة عندي، فأقوم بوضعها في العزل الصحي لمدة عشرة أيام حتى أضمن سلامة الطيور؛ في حال كان الطائر الجديد يحمل مرضاً معدياً».
أما عن العناية الصحية لكل هذه الطيور، فيقول: «من خلال الممارسة اليومية وعملي مع الطيور أصبحت لدي معرفة بالحالة الصحية للطيور من مجرد النظر إليها، ويوجد لدي عدد من العقاقير الإسعافية التي أعطيها للحمام عند إحساسي بخطرٍ ما، حتى إنني أقوم بإجراء عمليات جراحية للطيور المصابة خصوصاً إذا كانت الإصابة خارجية، وتحصين الطيور ضد أمراض: "نيوكاسل، والقلاع، والجدري الخناق"، والأمراض العرضية مثل الرشح ونقص الكلس، مشيراً إلى أنه يمتلك 25 زوجاً من الحمام لا يقوم ببيعه بسبب صفاء سلالته، حيث يصل سعر الزوج الواحد حتى 150 ألف ليرة سورية».
من جهته بيّن الخبير في مجال طيور الحمام "بدران قريش": «أنه يعمل في تربية الحمام منذ عام 1980، وأنه اكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال جعلت منه خبيراً وحكماً في مجال بيع وشراء واقتناء الطيور، مشيراً إلى أن الأجيال الجديدة من المربين لم يصلوا حتى هذا التاريخ المرحلة التي تمكنهم من معرفة وضع الطائر القادم من خارج المحافظة، وهذا ما يحتم على الجميع الاستعانة بخبرته لتوصيف الطائر وتقييم ثمنه».
وأوضح: «الطيور السورية مشهورة على مستوى العالم، حيث يوجد في كل أنحاء العالم عدة أنواع يعترف جميع المربين بأنها ذات منشأ سوري، ومنها: "البوز الشامي، والمسوّد الشامي، والأبلق"، لافتاً إلى أن تجارة الطيور بدأت الازدهار في الأعوام القليلة الماضية حيث أخذت طريقها إلى البلاد الإقليمية والبلدان الأوروبية، وأن أسعارها أصبحت اليوم مرتبطة بالقطع الأجنبي، ما يجعلها تجارة رابحة بامتياز تغري المربي بمواصلة التعامل مع الطيور».