ضمن فعاليات "مهرجان القلعة والوادي" أقيم في قرية "مريمين" فعالية "عرس الضيعة"، وتميزت هذه الفعالية بالتنظيم والحضور الجماهيري الكبير من أهالي "مريمين" والقرى المحيطة بها. وخلال هذه الفعالية التي تمثل عرساً قروياً قديماً قام بتمثيله أهالي القرية من رجال ونساء وشباب وأطفال تمَّ تقديم العدد من اللوحات الغنائية والراقصة المستمدة من تراث المنطقة....

ومما كان يحدث في تلك الأعراس من تقدم الأهل ووجهاء القرية لطلب يدّ العروس والأغاني التي كانت تُغنى من قبل أهل العريس والعروس مثل ("السكابا" -"المعنى" -"ليا وليا" -"العتابا") وغيرها من اللوحات التي تعّبر عن تحدي واحد من أقارب العروس للعريس بحمل"الجرن" الحجري الذي كان بزن مابين/100-200كغ/ وربما أكثر.

الفعالية جميلة والحقيقة تدريبهم الجيد على هذا العرس أعطى نتيجة لم نكن نتوقعها، والفرقة التي مثلت استطاعت أن تضعنا في جو العرس القديم، ونتمنى أن يكون لنا مشاركات أوسع الأعوام القادمة

إضافةً إلى ذكر"رضوه ابن العم أو القريب" وهو مبلغ مالي كان فيما مضى يمكن أن يطلبه ابن العم أو الأخ حتى يسمح بخروج قريبته إلى بيت زوجها، ثم بعد ذلك قدّم عدد من مطربي القرية حفلاً فنياً ساهراً استمر حتى الساعة /12.30/ بعد منتصف الليل.

الممثل "أحمد منصور" يتوسط الفلرقة

موقع eHoms تابع هذه الفعالية والتقى عدداً من القائمين والمشاركين في تنظيم هذه الفعالية. الممثل"أحمد منصور" المسؤول عن تنظيم الفرقة وتدريبها قال: «بدأنا التحضير لهذا العرس منذ شهرين تقريباً وفي سبيل العمل على خلق عرس مشابه للأعراس القديمة كنت اجتمع مع كبار السن في قرية "مريمين" الذين حكوا لي ذكرياتهم وذكريات آبائهم عن الأعراس التي كانت تقام في القرية حتى تكونت لي صورة متكاملة عن العرس القروي والأغاني التي كانت تقدم فيه والزي الشعبي لتلك الأيام».

مضيفاً: «في هذا العرس قمنا باختيار لوحات متنوعة فيها الهدوء والحماس، فيها الطرفة والقول الجميل كتوصيات الأب والأم لابنتهم عند انتقالها إلى بيت زوجها كقولهم مثلاً: (يابنت ابكي على الفراق ابكي وزيدي دلالوا يابنت عزّ الأهل راحوا وابكي بي بدالوا) وهي إحدى أغنيات المنطقة التي كانت تقدّم في الأعراس».

السيد" حمد علي" رئيس البعثة الإماراتية

وعن كيفية اختيار اللباس قال"منصور": «بالنسبة للباس الشعبي بعضه كان جاهزاً وأحضرناه من عند الأهالي، أما القسم الأخر قمنا بتفصيله بناءً على الصورة التي تكونت لدينا عن لباس تلك الأيام، الحقيقة بحثنا كثيراً وحصلنا على شيء جميل حقاً، فهذا السروال أو (اللباسة) التي كانت تلبس تحت البدلة ومنديل الحرير هو لباس نساء هذه المنطقة ويعود إلى فترات زمنية بعيدة، أما لباس الرجال فلم يكن من نفس الفترة الزمنية بل من فترة أحدث لكنه متلائم جداً مع اللوحة وهو لباس عربي قديم يتماشي مع عمل الفلاح وحركته، وفي هذا العمل تمَّ إشراك مجموعة من كبار السن من أجل العتابا والغناء الشعبي، إضافةً إلى مجموعة من الشبان والشابات، ونتمنى أن نوفق بهذا العمل ويحقق النجاح المطلوب منه».

ويتابع "منصور": «التجربة جديدة على أهالي القرية وأنا أشكرهم لأن الذي كان بإمكانه أن يقدّم شيئاً لم يقصر في تقدّيمه لنا. بدايةً واجهتنا صعوبات في إقناع الناس بالمشاركة معنا لكن بعد ذلك بدأت تأتي عناصر كثيرة من القرية تطلب منا المشاركة لكننا كنا قد اكتفينا بالعدد المطلوب من أهالي القرية ولم يعد باستطاعتنا أن نأخذ أي شخص آخر».

السيد"ناجي درويش" عضو اللجنة العليا لمهرجان القلعة والوادي

وتميزت هذه الفعالية بحضور جماهيري كبير، وضمن الحضور كان هناك وفد رياضي إماراتي وعن هذا الوفد وسبب حضوره كان لنا لقاء مع الزميلة "حياة عواد" المرافقة للبعثة الرياضية للفريق الإماراتي والتي قالت: «تتكون البعثة الإماراتية من فريق لكرة قدم ناشئين وأشبال وفريق دراجات تحت اسم نادي"مصفوف" الإماراتي الذي يزور سورية قبل بدء الموسم الكروي للأندية الإماراتية، وهذه الزيارة هي الثالثة لهم إلى سورية حيث كان لهم زيارات سابقة في الأعوام /1999- 2004م/ لإقامة معسكرات تدريبية وقد أعجبوا بسورية و"حمص" لأن الجو لطيف ويساعد اللاعبين على الأريحية بالتدريب والأداء الرياضي الأفضل.

مضيفةً: «تتكون البعثة الإماراتية من/47/ شخصاً بقيادة رئيس البعثة "حمد علي" والكادر التدريبي والفني المرافق للفريق، ووجودهم في سورية كان بناء على دعوة من نادي "الوثبة" الرياضي لإقامة معسكر تدريبي يستمرحتى13/8/2009م، وسيكون لهم مباريات ودية مع فريقي "الكرامة" و"الوثبة".

ويقيم الفريق حالياً في مدينة "البعث الرياضية"، وتمّ دعوتهم من قبل المحافظة لحضور فعاليات مهرجان"القلعة والوادي" من أجل التعرف على سورية أكثر، وكانت لهم جولات في" قرى الوادي" وظهر القصير" وتمت دعوتهم إلى النزول في منتج "مدينة الربيع" السياحي وكانوا سعداء بالزيارة وتمنوا لو كان لديهم وقت أكبر للقيام بجولات أخرى».

وكان لنا لقاء مع رئيس البعثة الرياضية الأستاذ "حمد علي" الذي قال: «هذه ليست الزيارة الأولى لنا لسورية، بل هي واحدة من زيارات كثيرة قمنا بها إلى هذا البلد الجميل، الجو هنا ولا أروع والناس طيبة ولا نحس بغربة وكأننا في بلادنا والمنطقة رائعة لكن وقتنا محدود ولا نستطيع أن نأخذ الفريق كل يوم في جولة عدا يوم الجمعة، أما عن نفسي فأنا أعرف جمال هذه المنطقة بشكل جيد فقد كانت لي والعائلة زيارات كثيرة إلى سورية».

الأستاذ "ناجي درويش" عضو اللجنة العليا لمهرجان القلعة والوادي قال في تقيمه لهذه الفعالية: «الفعالية ممتازة ومنظمة بشكل جيد على الرغم أن هذه هي المشاركة الأولى لقرية "مريمين" في فعاليات "مهرجان القلعة والوادي"، والحقيقة أن اندفاع أهلها ورغبتهم في إعطاء أفضل مالديهم هو ماساعد على إنجاح الفعالية، حيث كنت ترى على المسرح رجال يتجاوز عمرهم/60/عاماً ولم يقفوا يوماً على خشبة المسرح ومع ذلك أدّوا أدوارهم بشكل متقن وكأن هذه هي المرة الألف التي يقفون فيها على خشبة المسرح، لأنهم يعيشون روح القرية وبساطتها، والذي عشناه الآن في "عرس الضيعة" هو إحياء لثقافة شعب يعود تاريخه إلى /4000/عام، وهم مشكورون رجالاً ونساءً شباباً وشابات على الجهود التي بذلوها في إنجاح هذه الفعالية».

وكان لنا لقاء مع بعض الحضور المواطن "نوار ديوب" من أهالي القرية قال: «الفعالية جميلة والحقيقة تدريبهم الجيد على هذا العرس أعطى نتيجة لم نكن نتوقعها، والفرقة التي مثلت استطاعت أن تضعنا في جو العرس القديم، ونتمنى أن يكون لنا مشاركات أوسع الأعوام القادمة».

وكان لنا لقاء مع مشارك آخر في الفعالية وهو الأستاذ "طاهر بلال" الذي أخذ دور أبو العريس حيث قال :«بقينا فترة الشهر وأكثر ونحن نتدرب على أداء أدوارنا بقيادة الأستاذ "أحمد منصور" وكنا كأسرة واحدة أخذت على عاتقها مهمة إحياء تراث القرية ونتمنى أن تكون الظروف ساعدتنا على عكس الصورة الجميلة عن القرية وأهلها وتراثها».

وبعد الانتهاء من تقديم عرض"عرس الضيعة" قدّم عدد من مطربي القرية وصلات غنائية واستمرت الفعالية حتى الساعة/12,30/ بعد منتصف الليل.

الجدير ذكره أن قرية "مريمين" من القرى الأثرية في سورية ويعود بناؤها إلى الألف الثاني قبل الميلاد حسب الباحث الأثري"رينيه دوسو"، وكانت تابعة سابقاً لمدينة حماه ومنذ منتصف العام/2008م/ أصبحت ضمن الحدود الإدارية لمحافظة "حمص"، وتعتبر المشاركة في هذه الفعالية هي الأولى لها منذ انضمامها لمحافظة "حمص".