كان علماً بارزاً من أعلام الفكر والدعوة الإسلامية في سورية عموماً وحمص خصوصاً، بدايات القرن العشرين.

هو "مصطفى بن حسني السباعي" من مواليد مدينة "حمص" في سورية عام 1915م، نشأ في أسرة علمية عريقة معروفة بالعلم والعلماء منذ مئات السنين، وكان والده وأجداده يتولون الخطابة في الجامع الكبير "بحمص" جيلاً بعد جيل، وقد تأثر بأبيه العالم المجاهد والخطيب البليغ الشيخ "حسني السباعي" الذي كانت له مواقف مشرّفة ضد الأعداء المستعمرين، حيث قاومهم بشخصه وجهده وماله.

كان "مصطفى" يرافق أباه إلى مجالس العلم، التي يحضرها علماء "حمص" أمثال "طاهر الريس" و"سعيد الملوحي" و"فائق الأتاسي" و"راغب الوفائي"، شارك "السباعي" في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسورية، وكان يوزع المنشورات ويلقي الخطب ويقود المظاهرات في "حمص" وهو في السادسة عشرة من عمره، وقد قبض عليه الفرنسيون واعتقلوه أول مرة عام 1931م بتهمة توزيع منشورات في "حمص" ضد السياسة الفرنسية، كما اعتقل مرة ثانية من قبل الفرنسيين أيضاً، بسبب الخطب الحماسية التي كان يلقيها ضد السياسة الفرنسية والاحتلال الفرنسي، وآخرها كان خطبة الجمعة في الجامع الكبير "بحمص" حيث ألهب حماس الجماهير وهيج مشاعرهم ضد الفرنسيين، بل قاوم الفرنسيين بالسلاح حيث قاد مجموعة من إخوانه في "حمص" وأطلقوا الرصاص على الفرنسيين رداً على اعتداءاتهم.

وفي عام 1933م ذهب إلى مصر للدراسة الجامعية بالأزهر، وهناك شارك إخوانه المصريين عام 1941م في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني، كما أيد ثورة "رشيد عالي الكيلاني" في العراق ضد الإنكليز، ثم انتقل إلى كلية أصول الدين، ونال الماجستير منها، قاد الأستاذ "السباعي" الكتيبة السورية التي شاركت في معركة القدس في حرب فلسطين عام 1948م مع إخوانه المصريين والأردنيين والفلسطينيين.

عاد "السباعي" إلى سورية ليخوض الحرب لإصلاح الفساد في الداخل، وتربية الأمة من جديد على منهج الإسلام.

د. مصطفى السباعي بالزي الأزهري

ولقد عمل "السباعي" وإخوانه على إدخال مواد التربية الإسلامية إلى المناهج التعليمية، كما سعى لإنشاء كلية الشريعة في الجامعة السورية، ثم شرع في إنشاء موسوعة الفقه الإسلامي التي أسهم فيها العلماء من جميع أنحاء العالم الإسلامي، لتقديم الفقه الإسلامي في ثوب جديد، يعالج قضايا العصر ويحل مشكلاته على ضوء الكتاب والسنة وفقه السلف الصالح، واختارت دمشق الدكتور "مصطفى السباعي" نائباً في الجمعية التأسيسية عام 1949م وهو ابن "حمص" ولم يمض على إقامته في "دمشق" سوى بضع سنين، وسرعان ما لمع نجمه كبرلماني شعبي وانتخب نائباً لرئيس المجلس، وأصبح عضواً بارزاً في لجنة الدستور، وقد بُذلت له العروض بإلحاح وإغراء، للدخول في الوزارات المتعاقبة فرفضها، وفي نفس هذا العام، عام 1950م عُيِّن "السباعي" أستاذاً في كلية الحقوق بالجامعة السورية، وفي عام 1951م حضر المؤتمر الإسلامي العام، الذي انعقد في باكستان.

في عام 1955م أصدر مجلة "الشهاب" الأسبوعية، والتي استمرت في الصدور إلى قيام الوحدة مع مصر، وفي العام نفسه حصل على ترخيص إصدار مجلة "المسلمون" الشهرية بعد توقفها في مصر، وظلت تصدر في "دمشق" إلى عام 1958م.

حسن البنا وسط الأخوين مصطفى السباعي وعمر بهاء الأميري في حرب فلسطين

وفي يوم السبت (10- 1964م) انتقل الأستاذ الدكتور "مصطفى حسني السباعي" إلى جوار ربه، بعد حياة حافلة بالجهاد، وقد شيعت جنازته بمدينة "حمص" في احتفال مهيب، وصلي عليه في الجامع الأموي "بدمشق".

مؤلفاته:

1- أحكام الزواج.

2- أحكام الأهلية والوصية.

3- أحكام المواريث.

4- الوصايا والفرائض.

5- أخلاقنا الاجتماعية. طبع مرات متعددة، الأولى عام 1375هـ.

6- اشتراكية الإسلام. ألفه عام 1959م وطبع ثلاث مرات.

7- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، طبع مرتين الأولى عام 1960م.

8- أحاكم الصيام وفلسفته.

9- نظام السلم والحرب في الإسلام.

10- الدين والدولة في الإسلام.

11- مشروعية الإرث وأحكامه في الإسلام.

12- المرونة والتطور في التشريع الإسلامي.

13- القلائد من فرائد الفوائد، طبع عام 1962م.

14- هكذا علمتني الحياة، ألفه عام 1962م وطبع مرتين.

15- المرأة بين الفقه والقانون، طبع مرتين الأولى عام 1962م، والثانية عام 1966م.

16- من روائع حضارتنا، طبع مرتين الأولى عام 1959م. والثانية عام 1968م.

17- الأحوال الشخصية.

18- السيرة النبوية.

(17/7/2008).