بيوتها الطينية البسيطة وأشجار اللوز الممتدة على مساحات شاسع، وعادات أهلها الريفية المتمثلة بالطيبة والكرم والشهامة التي حملوها معهم من قراهم المتعددة، واختلاطها مع العادات البدوية الأصيلة بحكم التجاور، جعل من قرية الشعيرات مكاناً متميزاً في العديد من النواحي.

تقع الشعيرات جنوب شرق مدينة حمص (40) كم، وهي إحدى قرى ما يسمى بمنطقة (الجفلتك) يرجع تاريخها لأكثر من مئة وثلاثين عاماً، حيث كانت تلك المنطقة عبارة عن أراض زراعية واسعة من أملاك السلطان العثماني عبد الحميد، وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر، أعلن الباب العالي للدولة العثمانية عن مغريات لكل جماعة تبني تجمعات سكنية شرقي العاصي، ومنها الإعفاء من الجندية والضرائب والسماح بتملك السلاح وتقديم تسهيلات مادية وعينية للإعمار.

فبدأت أعداد كبيرة من الناس تسكن في تلك المنطقة ومن ضمن تلك القرى التي تأسست كانت الشعيرات والتي أغلب سكانها قدموا من عدد القرى الواقعة غربي مدينة حمص.

وحسب ما أفادنا السيد (منيف البلال) كان مدرساً لمادتي التاريخ والجغرافية في القرية، أنه وفي عهد الانتداب الفرنسي تم تأجير الفلاحين لأراضي القرية لمدة زمنية مع الوعد بالبيع فجرى خلالها تملك الأراضي.وليس هناك مصادر دقيقة عن معنى كلمة الشعيرات وفي المعجم هي المنطقة الكثيرة الشجر والنبات.

وأوضح السيد (بلال) أنه يبلغ عدد سكان قرية الشعيرات القاطنين حوالي (1500) نسمة، يعمل البعض منهم في الزراعة، ومنهم العمال والموظفون في جهات مختلفة في مدينة حمص والمناطق المجاورة، وهناك نسبة جيدة من الأطباء والمهندسين والضباط المرموقين في سلك الجيش والقوات المسلحة. ويوجد حوالي (4000) نسمة مستقرون خارج القرية في دمشق وحمص يزور بعضهم قريته في فصل الصيف.

وذكر أن فلاحي القرية كانوا في السابق يزرعون القمح والشعير والعدس، لكن نتيجة التغير في الأحوال المناخية وطبيعة المنطقة، تم التحول منذ عشرين سنة إلى زراعة اللوز التي تتحمل الجفاف والبرودة.

ويبني أهالي القرية حالياً آمالاً كبيرة على استفادة القرية من مشروع نقل مياه الفرات من دير الزور إلى المدينة الصناعية بحسياء من خلال وقوعها على خط المشروع. ومن الناحية التعليمية أكد لنا (بلال) أن هناك أكثر من (50) من أبناء القرية من حملة الشهادات الجامعية، والشهادات العليا، كما أن أول مدرسة ابتدائية تم افتتاحها في المنطقة كانت في الشعيرات، وذلك في أواخر عهد الانتداب الفرنسي وكان الطلاب يأتون إليها من القرى والمناطق المجاورة.

تل الشعيرات الأثري

وبتضافر جهود أهل القرية ومؤازرتهم تم إنشاء ثلاث مدارس (ثانوية وإعدادية وابتدائية)، كما تم بناء مستوصف صحي بالتعاون مع وزارة الصحة وهناك حالياً مساع لإنشاء جمعية خيرية لمساعدة الفقراء وللمساهمة ببناء بعض المرافق الاجتماعية الحيوية.

من ناحية ثانية فإن المنطقة الواقعة جنوب القرية تعتبر منطقة أثرية مصنفة من دائرة الآثار وتعرف بتل الشعيرات الأثري وهذا التل محاط بسور قديم من الحجارة الكلسية، أسفرت التنقيبات الأولية للبعثة الوطنية التي نقبّت منذ أعوام عن وجود آثار لمركز حضاري قديم في هذه المنطقة متزامن تاريخياً مع مملكة قطنة (تل المشرفة) شرقي حمص أي تعود إلى ما يقارب الألف الثالثة قبل الميلاد، وهناك نية من دائرة الآثار لاستئناف عملية البحث والتنقيب في التل الأثري سعياً لاكتشاف لقى أثرية جديدة والوصول إلى معلومات جديدة تفيد التاريخ.