حازت "الساعة الجديدة" بحمص أو ما تعرف بساعة "كرجية" على شهرة واسعة في المدينة وخارجها حتى أصبحت من رموز حمص ودخلت في النسيج الاجتماعي للسكان في النصف الثاني من القرن العشرين، وكانت قبلها الساعة القديمة مركز المدينة القديم تتوسط الساحة الرئيسية والأسواق، غير أن أقدم ساعة برجيّة "معمرة على برج" في "حمص" هي "الساعة العمومية" أو ما تعرف "بساعة الأربعين" الواقعة في كاتدرائية الأربعين شهيدا في حي "بستان الديوان".

يعود تاريخ بناء هذه الساعة إلى عام /1921/ ويشير الباحث "نهاد سمعان" أن ذِكر الساعة العمومية ورد في كتاب "زفرات القلوب" للخوري "عيسى أسعد" أحد أهم المؤخين "بحمص"، فجاء في مقدمة الموضوع ما يلي : «عُرف الحمصيون بغيرتهم على "حمص" ووضعهم المساعدة في موضعها اللائق وكان أولو المرؤة يسألون عن بعد عن النقص الموجود في حمص ليسعوا إلى تلافيه وفق استطاعتهم». ويضيف "سمعان" حسب المصدر ما جاء في المصدر نفسه أن المتبرع المغترب "سليم نسطة" ابتاع الساعة من فرنسا وأهداها إلى الكاتدرائية لترشد أهالي الحارة والمحلات المجاورة برؤيتها وسماع صوتها من بعيد إلى الوقت.

عُرف الحمصيون بغيرتهم على "حمص" ووضعهم المساعدة في موضعها اللائق وكان أولو المرؤة يسألون عن بعد عن النقص الموجود في حمص ليسعوا إلى تلافيه وفق استطاعتهم

في عهد المطران "أثناسيوس عطالله" الشهير في طائفة الروم الأرثوذكس. وتحديدا في /12/ تشرين الثاني من عام /1921/ وصلت الساعة المذكورة إلى "بيروت" فطلب المطران المذكور من مستشار لواء "حمص" أنذاك إعفاء الساعة من رسم الجمرك.

الباحث "نهاد سمعان"

ويرجح الباحث "سمعان" أن الساعة قد تأخر وصولها إلى سورية أثناء الحرب العالمية الأولى بسبب ضياعها في إحدى السفن، وحين وصلت "حمص" حصلت بعض المنافسات بسببها أدى ذلك إلى تأجيل بناء القبة لها حتى عام /1922/ في شهر تموز تحديدا حيث أخذت الوضع الذي هي عليه حاليا.

وأخذ المطران "أثناسيوس" على عاتقه أمر الإنفاق عليها فتم بناؤها في السنة التي توفي فيها وكانت آخر ما شيده من الأبنية، وقد نقش على صفحة القبة المتجهة إلى الغرب تاريخ بنائها من نظم الأستاذ" يوسف أفندي شاهين" عام /1923/ بالنص الشعري التالي :

ذكر الساعة كما ورد في جريدة "حمص"

"أثناسيوس مطراننا ذو الفضل من

في القلب هذا الشعب بث الغيرة

ساعة "الأربعين"

للساعة الكبرى سعى ببناية

ورجال حمص أبرزوا ذي الهمة

فسليم نسطا ابتاعها من ماله

لمحبة الوطن العزيز بها أتى".

ويوضح الأستاذ "نهاد" أن البناء الداخلي للساعة شكله حلزوني جميل، أما ميكانيكها فهو بسيط جدا يعتمد على مانويل موصول بثقالات، تحتاج كل /36/ ساعة لإعادة تحضير من جديد، وغير أن المحزن حاليا أنها متوقفة وتحتاج لإعادة تشغيل، حتى تعود للمساهمة مع الساعات الأخرى في ضبط إيقاع المدينة.