العطور على مر العصور كانت ولا زالت صناعة وتجارة رابحة لا يعرف صاحبها الخسارة قط فإن فاته ربح المال لم تفتحه الرائحة الطيبة واليوم تعددت أصنافها ومسمياتها وانتشرت مصانعها في كل مكان مع تميز بعض الدول في ذلك حيث باتت تنشر عطرها بأسمائه المختلفة في كافة دول العالم دون استثناء بما تحمله من تأثير على الأحاسيس العاطفية والمشاعر الإنسانية..

وإذا ما وقفت ذات يوم أمام واجهة محل لبيع العطور فإنك ستجد نفسك محتاراً أمام كم كبير من أصناف وأنواع العطور التي يغلب عليها المسميات الأجنبية. فما هو أصل هذه التجارة وما هو تاريخها ؟ سؤال وجهه موقع ( eIdleb) للسيد (عبد الرؤوف رحمه) صاحب محل لتجارة العطور في مدينة إدلب حيث قال: "أن هناك من يقول أن الفراعنة هم مبتدعو العطور ومنهم انتقلت إلى اليونان و الرومان حيث كانوا يستخدمونها في طقوسهم الدينية لإرضاء الآلهة من خلال رشها على القرابين التي تقدم للآلهة لتعطيرها كما استخدمت في عملية التحنيط.

وهناك من يقول أن العرب هم أول من عرف العطر وتاجر به حيث عرفوه قديماً واكتشفوا الروائح العطرية الطبيعية كما أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يحض على استخدام العطر والتطيب به وفي زمن الخلافة العباسية أقيمت أسواق خاصة للعطر من أشهرها (سوق العطر) في بغداد كما أن ولع الأمراء والخلفاء به بلغ حداً كبيراً جعل خزائنهم مليئة بأصناف مختلفة من الطيب والعطور كما ألف العلماء والباحثين العرب العديد من الكتب في العطر وصناعته منها(كتاب كيمياء العطر) للكندي, حيث انتشر استخدام العطر خارج البلاد العربية بفضل رحلات التجار العرب إلى الهند وإندونيسيا وآسيا و إفريقيا, ولكن العرب أهملوا هذه الصناعة كغيرها وأصبحوا مستوردين للعطور من الدول الغربية بعد أن كانوا السباقين في تصديرها إلى العالم وأضاف أن العرب أدركوا تأخرهم عن الغرب في هذه الصناعة فعمدوا إلى ابتكار خلطات خاصة بهم ليحصلوا على أصناف يمتازوا بها عن غيرهم كما هو حال مصانع بيت العود والعنبر وحامل المسك.

وعن تركيب وصناعة العطور تحدث السيد رحمه بأن العطر كان في بدايته طبيعياً خالصاً كالمسك الذي يستخرج من الغزال والعنبر الذي يطفو على سطح الماء خاصة في الخليج العربي ومصدره أمعاء الحوت وكذلك والأنواع الأخرى من العطور التي تعتمد على النباتات والزهور والورود المعروفة كالفل والياسمين والنرجس و زهرة الكاردينيا و بعد اكتشاف ما يسمى الأنبيق أصبح العطر يستخرج بعد غلي الزهور بعملية التقطير والتبخير.

وأضاف رحمه أنه يتم تركيب العطر بشكل عام من الماء والكحول والزيت العطري المستخرج إما من مصدر نباتي أو حيواني كالمسك والعنبر، ومصدر ثالث صناعي يركب تركيباً لدرجة يشبه فيها الطبيعي حيث تختلف أصناف العطر تبعاً لحجم الماء المضاف إلى الزيت العطري الخالص ومدى تركيز الزيت فيه.

أما السيد (مصطفى سليمان) صاحب محل للعطورات فتحدث لنا عن أسماء العطور في العالم حالياً بالقول إن معظم التسميات تنسب إلى أسماء مشاهير في عالم الفن والأزياء والسياسة والرياضة أمثال كريستيان ديور وإيف سان لوران صاحب أعظم دور أزياء في أوروبا وآلان ديلون وديفيد بيكهام .

أما عن واقع هذه التجارة وأكثر الزبائن طلباً للعطور فيقول أنه خلال السنوات الأخيرة انتشرت محلات بيع العطور بشكل كبير في مختلف المدن نتيجة ازدياد الطلب على العطور وأضاف أن الطلب على العطر يكثر في فصل الصيف وأن الشباب والفتيات هم أكثر طلباً للعطور ثم النساء ولكل منهم ذوقه الخاص والنوع الذي يفضله ويرى نفسه مميزاً عن غيره بهذا الصنف أو ذاك.