الصيف هو الضيف الذي يحمل معه المعاناة لأبناء قرى "جبل الزاوية" لما يحمله من أزمةٍ مائية تزداد مع أفول شمس يومٍ وبزوغ فجرٍ جديد، فنقص الموارد المائية الحالية، وعدم وجود المصدر المائي البديل والداعم للقرى يفرض العديد من المشكلات.
* /20/ يوماً بدون ماء
«لم يطلق لفظ "البلدان الميتة" عبثاً على قرى "جبل الزاوية"، لأن الماء هو سر الحياة والضمان الوحيد لاستمرارها، أزمة مياه الشرب تقض مضاجعنا، وتحرم أبناءنا حتى من الطعام، /12/ ألف ليرة سنوياً لشراء /400/ برميل من مياه الشرب التي تنقلها الصهاريج الخاصة، رغم اشتراكنا في مؤسسة المياه ووجود العدادات النظامية، لكن المياه في فصل الصيف تأتينا على فتراتٍ متقطعة وتستمر /6/ ساعات خلال /20/ يوم، وحتى تقسيم المياه للقرى يتم بطريقة غير عادلة، فقرى كثيرة تصلها الماء لأكثر من /4/ أيام، في حين لا تتجاوز مدتها في بعض القرى يوماً واحداً».
لا نريد سقاية محاصيلنا الزراعية فمعظم زراعاتنا بعلية من الأشجار المثمرة، نحتاج لتأمين مصدرٍ مائي يروي المواطنين، فبدلاً من تنفيذ مشاريع ري المزروعات من مياه "عين الزرقاء" لإرواء السهول الزراعية، نحن بأمس الحاجة لمشاريع مياه الشرب، حتى نأخذ حاجتنا من الماء
هذا هو حال معظم سكان منطقة "جبل الزاوية" في مشكلتهم الرئيسية، المياه، وهو ما تحدث به السيد "عبد الحميد مراد"، وتحدث السيد "مصطفى قيروط" قائلاً: «لا نريد سقاية محاصيلنا الزراعية فمعظم زراعاتنا بعلية من الأشجار المثمرة، نحتاج لتأمين مصدرٍ مائي يروي المواطنين، فبدلاً من تنفيذ مشاريع ري المزروعات من مياه "عين الزرقاء" لإرواء السهول الزراعية، نحن بأمس الحاجة لمشاريع مياه الشرب، حتى نأخذ حاجتنا من الماء».
موقع eIdleb نقل مشكلة المواطنين إلى المسؤولين، ففي لقائنا المهندس "هيثم رحمون" مدير وحدة مياه "إحسم" عن الانقطاع المستمر الماء ولفترات طويلة تحدث قائلاً: «ترتوي /50/ قرية من قرى "جبل الزاوية" وريف المعرة الغربي من مياه "اللج" الواقعة في "سهل الروج" الجنوبي بالقرب من سد "قسطون" التخزيني، وهي عبارة عن /12/ بئر مياه جوفية و/3/ آبار احتياطية، يتم ضخ الماء منها عبر /5/ محطات رئيسية من عمق /70/ متر تحت سطح البحر في هذه الآبار إلى ارتفاع /850/ متر في بعض القرى، كل محطة تحوي /6/ مضخات طاقتها تتراوح بين /200/ و/250/ حصان بخاري، المشكلة الرئيسية أن /12/ بئر بغزارة /600/ م3/سا تروي ما يزيد عن /250/ ألف نسمة، وغالباً ما تتعرض مياه الآبار للشح نتيجة الجفاف مما يضطرنا إلى التقنين».
وأضاف "رحمون": «يتم فصل مياه "جبل الزاوية" عن مياه ريف المعرة في المحطة الثالثة التي تضخ الماء إلى المحطة الرابعة ومنها إلى خزان "الموزرة" المؤلف من /4/ أقسام توزع إلى المحاور بانتظام لتأخذ كل القرى البالغ عددها /23/، والتي يصل عدد مشتركيها إلى /8000/ نصيبها من المياه وفق دور محدد يتم تنظيمه، وفي فصل الصيف يؤدي انقطاع الكهرباء بين /2-4/ ساعات إلى انخفاض الضاغط، وعدم كفاية مجموعة توليد الطاقة الكهربائية للمشروع التي لا تشغل أكثر من نصفه، كل ذلك يؤدي لتأخير دور القرى من /7/ أيام في فصل الشتاء إلى /12/ يوم في فصل الصيف، وفي حالة الطوارئ قد تزيد هذه المدة، علماً أن معظم شبكات القرى القديمة تم استبدالها بكلفة تصل إلى /130/ مليون ليرة سورية.
وفيما يخص قسمة المياه والتلاعب بدور القرى قال "رحمون": «يتولى فتح صمامات المياه للقرى موظفين من وحدة المياه أو من بلديات القرى، وغالباً ما يتم التلاعب نتيجة جهل بعض المواطنين وتعديهم على الممتلكات العامة وكسر الصمامات لتحويل مجرى الماء من قريةٍ لأخرى أو من حي لآخر رغم اتخاذ كافة الإجراءات وصنع الأغطية الإسمنتية، إلا أنها تتعرض للخلع والكسر بشكلٍ مستمر، كما أن مشكلة الوعي بأهمية المياه تغيب عن أذهان الكثيرين، فبعد أن يأخذ المستهلك حاجته من المياه لا يغلق الصنبور ليشرب الآخرون وإنما يستخدمها لسقاية المزروعات، ونقوم بشكلٍ دوري خلال تجوالنا في القرى بتنظيم ضبوط وصل عددها إلى /300/ ضبط كأكبر نسبة مخالفات في المحافظة، فكمية الماء غير الكافية لحاجات المواطنين، واستغلال المياه الذي يحرم الباقين من الشرب هو ما يزيد المشكلة تعقيداً».
وفي طرحه للبدائل المتاحة لتوفير المصدر المائي الدائم لينهل سكان المنطقة منه ويكون حلاً للأزمة تطرق المهندس "هيثم رحمون" لمشروع استجرار مياه نبع "عين الزرقاء" ليكون رديفاً لمياه "اللج" في سقاية جبل الزاوية وريف المعرة الغربي فقال: «تتولى المديرية العامة دراسة المشروع فسيتم ضخ /650/ م3/سا لتصل إلى المحطة الثالثة ومنها يتم توزيع المياه حيث تصبح الغزارة العامة /1200/ م3/سا، وتوجد محولات لهذا المشروع الضخم، وتم تخصيص مصدر كهربائي لخط المحطة الخامسة والمحولات ويلزم وضعه في الخدمة، وإذا ما تحقق هذا المشروع سيؤدي لتحسين وضع الأوضاع وتخفيف الشكاوى والمخالفات الناتجة عن شح المياه».
وعن مشروع جر مياه "عين الزرقاء" لدعم مياه "اللج" تحدث المهندس "عادل المرعي" مدير الدراسات في المديرية العامة للمياه والصرف الصحي بـ"إدلب" فقال: «تم وضع دراسة لمشروع جر المياه إلى "جبل الزاوية" بكلفة تقديرية تصل إلى /550/ مليون ليرة سورية، وتم رفعها لوزارة الإسكان للتصديق عليها، وهو مشروع استثنائي، فالمشاريع المثبتة ضمن الخطة تشمل مرحلتين، الأولى جر المياه لكل من "إدلب" و"سراقب" و"أبو الظهور" و"المعرة" و"سنجار" حتى "الخوين"، وهذه المرحلة ستنتهي في منتصف العام /2010/ وتوضع في الخدمة، أما المرحلة الثانية فتشمل كلاً من "خان شيخون" و"معرتمصرين" و"الدانا" و"ترمانين" و"تفتناز" وسيبدأ تنفيذها بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، هذه المشاريع تهدف بمجملها لإرواء جميع مناطق المحافظة بإيجاد المصادر المائية البديلة وهو ما تم تنفيذه لإرواء "سلقين" من منطقة "الغفر".
وبالإشارة للمشاريع المنفذة على نبع "عين الزرقاء" أضاف "المرعي": «هو نبع طبيعي تبلغ غزارته /5.2/ م3/ثا، خصص منها /3,2/ م3/ثا للشرب والباقي لري المزروعات، وللاستفادة من مياهه في إرواء /71%/ من مجموع سكان المحافظة، وتبلغ الكلفة التقديرية لمشروع مياه الشرب /4/ مليارات ليرة سورية، يتألف المشروع الذي بدأت أعماله عام /1996/ من منشآت النبع وهي البحيرة الاصطناعية المقامة لتجميع المياه، وسدة الحماية، وقناة تصريف مياه المجاري لعزل مياه البحيرة عن مجرى نهر "العاصي" لحماية مياهه من التلوث، إضافة لمحطة النبع ومنشأة حصاد المياه، وقد تم الانتهاء من تنفيذها كما تم استلامها من الجهة المنفذة، ويتكون من ثلاث محطات رئيسية تعمل على التسلسل وهي محطة الضخ الأولى والثانية والثالثة، وثلاث محطات فرعية على الخطوط الفرعية وهي محطة الضخ الرابعة على خط "كفرتخاريم"، ومحطة الضخ الخامسة على خط مدينة "المعرة"، ومحطة الضخ السادسة على خط "سنجار- الخوين"، و/5/ خزانات رئيسية وهي خزان العبور سعة /10000/ م3 موقع "مريمين"، وخزان التوازن سعة/50000/ م3 موقع "تب عبس"، وخزان سعة/25000/م3 موقع "مرتين"، وخزان سعة /5000/ م3 موقع "سلقين"، وخزان سعة /10000/ م3 موقع "معرة النعمان"، وتصل أطوال الخطوط في المشروع إلى /304/ كم، تتراوح أقطارها بين /150/ مم إلى /1200/ مم».