كتب الأديب الراحل "عبد الله عبد" قصصه بصدق وعين ناقدة تلاحظ بكثافة واقعها المحيط، وبعفوية آسرة، وتركت هذه الصفات أثرها في قصصه، الأمر الذي قيض لها الخلود والاستمرارية.

ولد الأديب الراحل "عبد الله عبد" في /8/ تشرين الثاني عام /1928/ في "اللاذقية" وله خمسة إخوة، درس في مدارس "التجهيز" حتى نال الكفاءة (نهاية المرحلة الإعدادية)، ومن ثم درس في مدارس "التركمان" في قرية "أم الطيور"، وعمل في تلك الفترة في المحجر الصحي ثم انتقل إلى مؤسسة التبغ عام /1960/.

إنه "كان يستخدم الخيال للوصول إلى حقيقة الواقع عبر نظرة شفافة ويصف الأحداث التي تجري معه بطريقة واضحة ترد إلى ذهن المتلقي بيسر وسهولة فألفاظه وتعابيره تجمع بين السهولة والرشاقة، أما أسلوبه فهو رشيق وهادئ يدفع المتلقي إلى انتظار التالي من قصصه دوماً

القاص السوري "عيسى حيدر" وفي حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10/10/2013 قال: «في نفس العام أي /1960/ توفي أخوه "محمد" ما اضطره إلى العمل في مرفأ "اللاذقية" حيث بيئة العمال التي كثيراً ما صورها في قصصه اللاحقة كما هو الحال في مجموعته القصصية الأولى "مات البنفسج" والمرجح أنه كتبها عقب وفاة أخيه عندما كان يحضر لنيل الشهادة الثانوية، وقد استقال من المرفأ، وعمل في "الريجي" ثم أكمل دراسته فدخل إلى جامعة "دمشق" قسم الفلسفة وكان يدرس في تلك الفترة في المنزل، تخرج عام /1971/ وبقي يعمل في "الريجي" إلى أن توفي في /28/ تموز عام /1975/ إثر نوبة قلبية».

غلاف نجوم عبد الله عبد

تميز الأديب الراحل بجملة صفات إنسانية وأدبية جعلت من حضوره بين الناس فرحاً دائماً، فقد كان يحب البساطة والضحك ويرحب دوماً بالعمال والفلاحين ويسعد للقائهم ومجالستهم، تحدثت عنه السيدة "مريم شاكوش" زوجته قائلة: «كان "عبد الله" مرحاً دائماً، يتلهف للفقراء واليتامى، كان عميق الإنسانية جداً، كان ينشر قصصه بصورة متتالية في المجلات خاصة في مجلتي "المعرفة" السورية و"الآداب" اللبنانية، وقصص الأطفال نشرتها له مجلة "أسامة" العريقة، وقد نشرت له العديد من قصصه المعروفة للأطفال وبعضها كان مصوراً، آخر قصة كتبها كانت "الحمامة والكشاش" ونشرت في مجموعة "النجوم" التي طبعتها وزارة الثقافة بعد رحيله».

استقى الأديب الراحل أغلب قصصه من الواقع الذي عاشه فكان عيناً على الواقع وتقلباته وانحاز بشكل واضح إلى الفقراء والطبقات الشعبية، وأغلب قصصه تدور حول التناقض الاجتماعي والإنساني والجشع واقتناص اللحظات السعيدة في مسار الحياة الصعبة، وأضاف الناقد "عبد الله أبو هيف" في حديث سابق له عن الأديب "عبد الله عبد": «إنه "كان يستخدم الخيال للوصول إلى حقيقة الواقع عبر نظرة شفافة ويصف الأحداث التي تجري معه بطريقة واضحة ترد إلى ذهن المتلقي بيسر وسهولة فألفاظه وتعابيره تجمع بين السهولة والرشاقة، أما أسلوبه فهو رشيق وهادئ يدفع المتلقي إلى انتظار التالي من قصصه دوماً».

مات البنفسج

كتب الأديب "عبد الله عبد" /38/ قصة قصيرة جمعت في ثلاث مجموعات هي "مات البنفسج" و"النجوم" و"السيران ولعبة أبناء يعقوب"، كما كتب /48/ قصة للأطفال جمعت ضمن مجموعتين قصصيتين هما "العصفور المسافر" و"الطيران الأول"، وجميعها نشرتها وزارة الثقافة السورية، وقد أعادت الوزارة قبل عامين طباعة أعماله الكاملة في مجلد واحد ضم جميع أعماله القصصية إضافة إلى الرواية الوحيدة التي كتبها وهي رواية "الرأس والجدار".

عن روايته الوحيدة تحدث الأديب والناقد "وفيق سليطين" فقال: «تدور أحداث الرواية حول عمال "المياومة" في المرفأ وتعتمد على الحوار بشكل رئيسي بين الشخصيات الروائية لتقديم الأفكار التي صبغت بالواقعية والابتعاد عن الزخرفة اللفظية وتعد هذه الرواية من أهم أعماله الأدبية لأنها تقدم خلاصة فكرية لطروحات الأديب "عبد الله عبد" في قالب روائي يظهر انحيازه إلى الناس البسطاء ولما لها من قيمة أدبية وفنية في مسيرته القصيرة».

مجمل أعمال الأديب عبد

تم تكريم الأديب "عبد الله عبد" في أكثر من مناسبة، فأطلقت مديرية الثقافة اسمه على قاعة المطالعة الرئيسية في المركز الثقافي العربي القديم بعد تجديده عام /2005/، كما كرمته بلدية "اللاذقية" فأطلقت اسمه على حديقة للأطفال، وبمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على رحيله أقيمت أمسية أدبية في ثقافي "جبلة"، وأخيراً مثلت قصته "البغل" التي نشرت في مجموعة "النجوم" فيلماً تلفزيونياً أدى الدور الرئيسي فيه الممثل السوري الكبير "غسان مسعود".