تسعى القنوات الفضائية كل حسب توجهها وتخصصها إلى شرائح مختلفة من المتلقين، وأهم الفئات تأثراً جيل المستقبل أطفال اليوم الذين أصبحوا هدفاً للعديد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ومنها قناة "طيور الجنة"، والتي لم تكتفِ بما تبثه من أغان وأناشيد متنوعة خاصة بالأطفال، بل اعتمدت مبدأ التواصل المباشر بجمهورها من خلال إقامة حفلات في الدول العربية لتعميق جذور القناة لدى شريحة الأطفال.

لهذا لم يكن غريباً أن نجد الآلاف من فلذات أكبادنا يتوافدون إلى الصالة الرئيسية في مدينة الأسد الرياضية والتي تتسع لحوالي سبعة آلاف متفرج، لكن شهرة القناة وكادرها الفني كان السبب وراء الحضور الغفير الذي تجاوز ثلاثة عشر ألف متفرج ما دفع اللواء "كمال فتيح" قائد شرطة "اللاذقية" لاتخاذ قرار بنقل الحفل إلى الملعب الرئيسي حفاظاً على سلامة الأطفال والحضور لاكتظاظ الصالة بعدد يفوق طاقتها الاستيعابية، لينتقل الحضور إلى الملعب ويتأخر بدء الحفل أربع ساعات عن موعده الأصلي والمقرر في الخامسة مساء، ما اضطر بعض الأهالي للعودة أدراجهم غاضبين، فيما قرر الكثيرون البقاء لمتابعة الحفل الذي استمر إلى منتصف ليل يوم الخامس من آذار.

أسعى لتطوير نفسي، "طيور الجنة" قدمتني للجمهور وأنا اليوم في قمة سعادتي وأنا أغني أمام جمهور كبير وذواق

الحفل جاء لدعم جمعية "فرح" لأطفال مرض السرطان باللاذقية حيث يذهب جزء من ريع الحفل للجمعية وساهم في تنظيم مجموعة من الشركات الاقتصادية في المحافظة.

طواف لتحية الجمهور

بعد انتظار طويل اشتعلت المدرجات بتصفيق الحضور وتفاعلهم مع أفراد الفرقة الذين بدؤوا بدخولهم أرضية الملعب مع تقديمهم للحضور عبر الدكتور "براء عقدة" وهم "عمر الصعيدي" وطفلته "ألين" والدكتور "مصطفى العزاوي" و"أسامة النسعة" و"محمد بشار" وشقيقته الصغيرة المتألقة "ديمة بشار" والطفلة المحببة "رغد الوزان" ثم "إبراهيم السيلاوي" و"أشرف يوسف" و"خالد مقداد" وطفلاه "المعتصم بالله" و"وليد" وقام كل منهم بتقديم مجموعة من أغانيه بمشاركة الجمهور.

وطاف أفراد الفرقة أرجاء الملعب لتحية الجمهور ومن الأغاني التي قدمت "بابا تليفون" و"الحرم لمين" و"طقطق" و"عيوني تشتاقللو" و"لما بنستشهد بنروح الجنة" وأغان أخرى.

عمر الصعيدي في إحدى أعنياته

موقع elatakia تابع الحفل واستطلع آراء المشاركين ومنهم الأستاذ "خالد مقداد" المسؤول عن القناة فقال: «نعتذر من الجميع على التأخير لكننا فضلنا التأخير على التأجيل لأن هناك عدداً كبيراً جاء من المحافظات الأخرى ونأمل أن نعوض لجمهور "اللاذقية" في حفلات أخرى، وحفل اليوم هو البداية لمشاركات قادمة».

وتابع قائلاً: «مؤسسة "طيور الجنة" لأغاني الأطفال انطلقت عام 1997 وتحولت إلى قناة فضائية عام "2008" وهدفنا تثقيف وتعليم الأطفال من خلال أغان هادفة تؤثر إيجابياً بالطفل وتعيده إلى عاداته وتقاليده، التلفاز يساهم في تربية وتقويم سلوكيات الطفل وعليه كان تأسيس القناة التي تسعى لإيصال رسائل تربوية في المقام الأول بغية خلق جيل واعٍ وقويم ومدرك ومتميز بكل شيء، وبات التلفاز اليوم أكثر تأثيراً من الأهل في بعض الأحيان لهذا نعمل لنكون مكملين لعملهم».

أطفال ونجومية فوق العادة

وختم "مقداد" بأن تزايد القنوات الفضائية الخاصة بالأطفال ظاهرة إيجابية لكونها تزيد من التنافس وتُشكل حافزاً لتقديم الأفضل دائماً.

"مصطفى العزاوي" (دكتوراة في العلوم الإسلامية) يعمل مع أسرة "طيور الجنة" منذ إطلاقها قبل عامين قدم خلالهما ألبومين وما زال لديه الكثير، سبق له تقديم العديد من الألبومات وعمله لا ينحصر مع القناة بل له مشاركات أخرى، وعن الحضور قال: «فوجئت بالعدد غير المتوقع وهذا مؤشر على مكانة الفرقة لدى الجمهور السوري الذواق الذي أتى من محافظات سورية كافة، وأنا سعيد بوجودي في "اللاذقية" التي زرتها سابقاً كسائح... بلدكم جميلة وممتعة».

"محمد بشار" (سنة رابعة نظم معلومات إدارية) يطمح لمواصلة هوايته والوصول مع الفرقة إلى العالمية وتقديم أغان باللغة الإنجليزية لكشف جرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني خاصة وأنه من أصول فلسطينية ويجد نفسه في الأغاني الوطنية: «بدأت الغناء من الصف الثاني وأصدرت ألبومين تضمنا "16" أغنية منها عشر أغنيات مع شقيقتي "ديمة"، تأثرت بفرقة "أبي أيوب الأنصاري" السورية المعروفة بفرقة "الإخوة أبو شعر" وأحب الاستماع لكوكب الشرق "أم كلثوم" وموسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب"، أحب أغنياتي إلى قلبي "عيوني تشتاقللو" و"لما بنستشهد بنروح الجنة"».

"ديمة بشار" عبرت عن إعجابها بما شاهدته في "اللاذقية" وببراءة الأطفال تمنت أن تعود مجدداً للقاء أطفال الساحل السوري.

أما "أسامة النسعة" فيقول: «أسعى لتطوير نفسي، "طيور الجنة" قدمتني للجمهور وأنا اليوم في قمة سعادتي وأنا أغني أمام جمهور كبير وذواق».

الشقيقان "وليد" و"المعتصم بالله مقداد" قالا أنهما يحاولان ألا تتأثر دراستهما بالغناء ورفضا قبول أي عرض احترافي مهما كان مغرياً مادياً لمغادرة "طيور الجنة" سواء دفع لهما والدهما أم لم يدفعا ما يقابل عملهما.

ومن جهة أخرى التقينا الدكتورة "سمارة الأرنب" رئيس مجلس إدارة جمعية "فرح" لأطفال مرض السرطان حيث توجهت بالشكر إلى كل من ساهم في إنجاز الحفل ومساعدة أطفال الجمعية وأكدت أن عمل الجمعية ما كان ليرى النور لولا تكاتف المجتمع الأهلي والفعاليات الاقتصادية في المحافظة، إضافة إلى دعم القيادة السياسية والمؤسسات الحكومية التي تعمل لتذليل الصعوبات في حال وجودها».

وختمت بتوجيه اعتذار للأطفال وذويهم عما حصل من تغيير لمكان الحفل والتأخر في بدئه حرصاً على سلامة الأطفال.