من خلال بحثه منذ أن دخل مركز الفنون التشكيلية حول طبيعة الوجه البشري، استطاع أن يحجز لنفسه مكاناً مختلفاً ضمن الفنانين التشكيليين وهذا ما نراه في نظرات العيون التي يرسمها وتلاحق المتابعين للحركة التشكيلية في أي مكان.

إنه الفنان "بسام ناصر" الذي التقاه "eLatakia" بتاريخ 15/2/2012 في محترفه الكائن في مدينة "اللاذقية" وكان معه الحوار التالي:

في أعمال الفنان "بسام ناصر" ثبات في العمل التشكيلي والمفردة الخاصة المتمثلة بالوجه وهذا يعطي انطباعاً مختلفاً عندما يتابع التشكيلي التطور الحاصل في الوجه

  • ما الآليات التي استفدت منها في دراستك للفن التشكيلي في مركز الفنون التشكيلة وماذا قدم لك؟
  • وجهان

    ** عملياً أي مكان يتجمع فيه فنانون سواء أكانوا طلاباً أم مدرسين هو بحد ذاته مكان مفيد، حيث إننا لا نستطيع أن نقول بأن المدرس الفنان لم يقدم لنا أي شيء، ولم نكن ننتظر أن نتعلم من المدرس الفن لأنه لا يستطيع أن يعلمه، كنا ننتظر التعلم من خلال متابعة اقراننا ومتابعة الأعمال التشكيلية للفنانين الآخرين وخصوصاً متابعتنا كيف تتحول الأعمال من خامة بيضاء إلى لوحات فنية تضج بالحياة اللونية، وهذا يعلمك سواء بالشعور أو دونه.

  • انتقلت كباقي الفنانين في عدة مدارس مروراً بالواقعية وصولاً نحو التجريد حبذا لو تحدثنا حول التجريد؟
  • وجه بلون ازرق

    ** في طبيعة الأمر أختلف في رؤيتي ونظرتي للتجريد عن رؤية باقي الفنانين التشكيليين فلا أعتبره مدرسة بحد ذاتها، بل مرتبط بالفنان التشكيلي نفسه ولأي مرحلة من التجريد استطاع الوصول الفنان فهي مرتبطة بالفنان نفسه، وهكذا نستطيع التعرف على تجريد "بسام" وتجريد "هيشون" وتجريد "سموقان" وغيرهم.

    فأثناء القيام بأي تجربة تبدأ بالواقعية ومن ثم يتم اختيار أهم العناصر من هذه الواقعية وتحويلها وتعزيزها وإلغاء العناصر الأخرى، وهكذا يتحول العمل إلى عمل تجريدي مروراً بمراحله، ويصل الفنان بهذه الطريقة إلى رموز تخصه كفنان ومن الممكن أن يكون إطارها العام تكعيبياً أو تعبيريا أو غير ذلك وممكن أن يكون مختلطاً، فكل انسان يصل فنه إلى رموز معينة تسبغ عليه بأنه تجريده الخاص.

    اشخاص بوجوه

  • ضمن مراحل التجربة التشكيلية تختار ألوانك بشكل مميز وتقوم بصناعتها بنفسك من أين أتاك هذا الاستقاء اللوني؟
  • ** عملياً أختار ألواني منذ البداية بنفسي وأقوم بصنعها وطبعاً في صناعة الألوان مشقة ورغم وجود الألوان الجاهزة كانت فكرتي من صناعة الألوان هو الإحساس بماهيتها ومن اجل اختيار منحى يميزني عن باقي الفنانين.

  • بدأت بملتقى الشجرة بوجوه ولا تزال وجوه "بسام" تتراقص بجماليتها على القماش حدثنا عن وجوهك وما تعنيه بالنسبة لك؟
  • ** بالنسبة لأي شخص الوجه الإنساني بمكوناته الواضحة من فم وعيون وانف والخ ومع بساطتها فإنها توحي إليك بأنك تستطيع أن تتعاطى معها بأكثر من طريقة، وطبعا الوجه الإنساني يملك الروح الإنسانية والاهم هو انك تستطيع أن تدخل داخل الوجه الإنساني وجوهاً وبيوتاً ولا تكون واضحة، ولكن أنسنة الأشياء في الوجه الإنساني تعطي حالات حسية رائعة اشعر بها وأحياناً من الممكن أن تشاهد عملاً وجهياً فيه تكسيرات وهي التي تجعل للوحة وجه السمة الخاصة أو المحور وهذا التحوير كتشكيل بصري مهم.

  • كفنان تشكيلي ماذا يقدم لك تحوير الأشياء ضمن الوجه الخاص بك؟
  • ** بالنسبة إلي أرسم في بعض الأحيان عيناً كبيرة أو عيناً صغيرة والسؤال الذي يُطرح هل املك القدرة على رسم العيون متساوية والجواب: طبعا نعم، فأنا قادر ولكن هذا الموضوع أقوم به لأعطي حركة في العمل التشكيلي، وأستطيع أن اسميها رقص فإذا كنت أقف أمام لوحة وارقص مع أنني ثابت وأريد أن انقل حركاتي الراقصة إلى المتلقي ويأتي السؤال كيف؟

    فعندما اقترب إلى الشيء يبدو كبيراً وعندما ابتعد يبدو صغيراً وعندما انظر إليه من عدة اتجاهات يبدو مختلفاً وعملياً أنا متحرك، وعندما أضع العمل أمامي وله عين كبيرة وعين صغيرة فيبدو لي متحركاً دون أن أتحرك، وفكريا في الموازنة أبدو بأنني تحركت من مكاني، وإذا كان الرقص يحتاج إلى موسيقا فأستخدمها بالألوان فمع توزيع الألوان واختلاف درجاتها أحقق الموسيقا في العمل الفني الوجهي الخاص بي، وهكذا يرقص الشخص أمام لوحتي إذا كان يدرك ماهية عملي.

  • هل استطاعت الحركة التشكيلية السورية أن تحقق وجوداً لها على الساحة التشكيلية العربية؟
  • ** الفن يملك الصفة العالمية وكل الفنانين متأثرين بالفن العالمي بشكل أو بآخر والفن السوري يأخذ الهوية السورية الراقية، ورغم أننا ضمن قرية صغيرة اسمها العالم لا بد من البحث عن جذور المنطقة وتاريخها وتراثها مع عدم وجود أي مشكل في أن يأخذ الفنان أو يطلع على الفنون الأخرى الغربية والشرقية ولكن الجذور الأساسية للتاريخ والفن الذي يخص منطقة الفنان هو الذي يعطيه الهوية والدافع الجديد.

    * ما هو مشروعك الجديد؟

    ** هناك مقولة أحبها وتقول "من الصعب أن تصنع لنفسك مدرسة ولكن من الأصعب أن تخرج منها" وهذا على الصعيد العملي صعب وأنا ابحث عن أسلوب جديد لأخرج من أسلوبي وأتمنى أن ارسم الإحساس المقدس أو ما يسمى نفسية الأمكنة، فأثناء زيارتي لأمكنة محددة كالمقبرة اشعر بالخشوع أو عظمة أي مكان مقدس أو اثري فأشعر بالرهبة، فأنا أبحث عن رسم هذا الشعور والقدسية وليس المكان كمكان.

    وفي شهادته الفنية يتلخص رأي الفنان "سومر عبدوش" حول أعمال الفنان "بسام ناصر":

    «في أعمال الفنان "بسام ناصر" ثبات في العمل التشكيلي والمفردة الخاصة المتمثلة بالوجه وهذا يعطي انطباعاً مختلفاً عندما يتابع التشكيلي التطور الحاصل في الوجه».

    أما "لينا عبد الله" وهي متابعة للحركة التشكيلية فتقول: «من اللافت أن تجربة الفنان "بسام ناصر" تسير في خط متصاعد يميزه عن باقي التشكيليين والرواد فهو حافظ على الكتلة والشكل مع اللعب في مضمون العمل وهذا يعطي سروراً في نفس المتلقي، فهو يقدم أعمالاً تتميز بالجمال والرقة والقوة معاً».

    الجدير بالذكر أن التشكيلي "بسام ناصر" خريج دبلوم اقتصاد معلوماتية ودبلوم تأهيل تربوي، وخريج مركز فنون تشكيلية ومدرس حالياً في المعهد المصرف التجاري وشارك في عدد من المعارض الجماعية منذ عام 2000 منها معرض الخريف ومهرجان المحبة وشارك في ملتقى إهدن في لبنان وملتقى الشجرة في سورية ومعرض أيام الفن التشكيلي مع نخبة من الفنانين في الساحة وقدم معارض فردية.