من حق لاذقية العرب أن تفخر ببطلها رائد السباحة "مصطفى زين العابدين" أول بطل عربي سوري حقق انتصاراً في بطولة العالم الرسمية لسباحة المسافات الطويلة عام 1958.
موقع eLattakia زار البطل "مصطفى" في منزله المملوء بالكؤوس والميداليات...
في عام 1948 وكنت لم أبلغ الرابعة عشرة من عمري عشقت البحر ولازمته يومياً ولساعات طويلة ونشأت بيننا نوع من الصداقة كان لها تأثير كبير على مسيرتي. فيما بعد وفي هذه الفترة كنت أشارك في البطولات وأحصد الألقاب وشاع اسمي بين الناس بسرعة كبيرة وتوقع الجميع مستقبلاً كبيراً لي. وفي عام 1950 فاجأ السباح الدمشقي المغترب "راتب العوف" محافظة "اللاذقية" بقطعه المسافة الواقعة ما بين مرفئي "جبلة" و"اللاذقية" بزمن فاق 12 ساعة واعتبر هذا إنجازاً كبيراً حينها لم يسبق لأحد أن حققه
فتركنا له مساحة كبيرة من الحديث ليخبرنا عن ذكرياته وبطولاته وبداياته فاستجمع ذاكرته التي مازالت قوية بالرغم من السنين 79 التي ظهرت ملامحها على وجهه فقال: «في عام 1948 وكنت لم أبلغ الرابعة عشرة من عمري عشقت البحر ولازمته يومياً ولساعات طويلة ونشأت بيننا نوع من الصداقة كان لها تأثير كبير على مسيرتي. فيما بعد وفي هذه الفترة كنت أشارك في البطولات وأحصد الألقاب وشاع اسمي بين الناس بسرعة كبيرة وتوقع الجميع مستقبلاً كبيراً لي.
وفي عام 1950 فاجأ السباح الدمشقي المغترب "راتب العوف" محافظة "اللاذقية" بقطعه المسافة الواقعة ما بين مرفئي "جبلة" و"اللاذقية" بزمن فاق 12 ساعة واعتبر هذا إنجازاً كبيراً حينها لم يسبق لأحد أن حققه».
ويتابع: «عزّ على أبناء "اللاذقية" أن يحقق هذا الإنجاز بطل من خارج مدينتهم وللحقيقة والأمانة التاريخية أسجل هنا للأستاذ "صلاح الدين غريب" رئيس اللجنة الرياضية في محافظة "اللاذقية" مبادرته واهتمامه في تحريض سباح "اللاذقية" البطل "صالح هارون" لإجراء محاولة لكسر الرقم القياسي الذي سجله السباح "راتب العوف".
إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن أحياناً لأنه وفي يوم المحاولة كانت الأنواء شديدة والتيارات عكسية فاضطر سباحنا "هارون" لإجراء محاولته من مرفأ "اللاذقية" إلى مرفأ "جبلة" (الطريق العكسي) واستطاع أن يجتاز المسافة بنجاح وأن يسجل رقماً قياسياً قارب العشر ساعات والنصف مما دفع سباح "اللاذقية" الآخر "فارس طايع" لإجراء محاولة لتحطيم الرقم القياسي وفعلاً نجح بذلك وسجل زمناً قدره 10 ساعات و 10 دقائق».
** كنت آنذاك لم أبلغ السادسة عشرة أتدرب وأتابع الموقف والتطورات، وكنت قد وضعت هدفاً وهو تحطيم كل الأرقام القياسية وفاجأت الجميع عبر الصحف المحلية والمركزية التي كانت تصدر في ذلك الوقت عزمي على ذلك ولكن اللجنة الفنية لسباحة "اللاذقية" وقتها اشترطت عليّ تأمين متطلبات المحاولة وفي مقدمتها تأمين زورق بخاري وطبيب لمرافقتي فاضطررت لبيع دراجتي الهوائية ولتأمين ذلك وتبرع الطبيب المرحوم "برهان قدسي" بمرافقتي.
وفي اليوم المحدد توجهت اللجنة المشرفة على المحاولة والمؤلفة من الأستاذين "جورج الكسندر" و"عشير صوفي" والطبيب المرافق إلى مدينة "جبلة" بينما كان الزورق الذي سيرافقني راسياً في ميناء "جبلة" بانتظار المحاولة.
** في الساعة الثانية عشرة ليلاً وعلى بركة الله أنجزت المحاولة وبنجاح منقطع النظير ووصلت إلى مسبح العائلات بـ"اللاذقية" المتاخم لنادي الضباط حالياً وبمرافقة عشرات الزوارق، و((الحسكات)) التي رافقتني من مشارف "اللاذقية" وحتى نقطة النهاية مسجلاً رقماً وقدره 9 ساعات و32 دقيقة محطماً بذلك جميع الأرقام القياسية التي سجلها من سبقني، وقد استقبلني عند خط النهاية محافظ "اللاذقية" حينها المرحوم الأستاذ "رشاد قدسي" .
** لقد أصبحت مادة دسمة للصحافة التي نشرت صوري وأعلنت ولادة بطل عربي سوري سيكون له شأن كبير في المستقبل، وهذا ما حفزني على بذل الكثير من الجهد لأطور مستواي واحتكرت بعدها بطولة سورية في السباحة الطويلة لسنوات عديدة.
** في عام 1957 ذهبت للانتساب لمعهد التربية الرياضية بالقاهرة ولكنني كنت متأخراً عن الفصل الدراسي وكانت فرصة لي أن أمكث في القاهرة عدة أشهر تدربت خلالها مع السباحين المصريين الذين احتكروا بطولة العالم سنوات طويلة ومنهم "حسن عبد الرحمن" و"عبد اللطيف أبو هيف" و"عبد المنعم عبده" و"عبد الحفيظ عبد الحميد"، واشتركت معهم في سباق القاهرة وأحرزت المركز الثاني بفارق بسيط جداً عن صاحب المركز الأول البطل "عبد الحفيظ عبد الحميد" لتخرج الصحف المصرية صبيحة اليوم الثاني تتحدث عن الإنجاز الذي حققته وتدون في صدر صفحاتها عناوين منها:
"الحوت السوري في مياه النيل .....النيل يوزع بطولته بين مصر وسورية....سباح سوري يهزم تماسيح النيل..."
وبعد عام واحد أقيمت الوحدة بين مصر وسورية وقرر اتحاد السباحة في الإقليمين كما سميا حينها المصري والسوري إقامة بطولة الجمهورية العربية المتحدة الأولى لسباحة المسافات الطويلة وحدد الإقليم السوري لإقامتها فيه مابين "جبلة" و"اللاذقية" وكم كانت سعادتي كبيرة لأن السباق سيكون بين الأهل والخلان فكثفت استعداداتي لذلك.
* حدثنا عن هذا السباق؟
** لن أنسى ما حييت يوم 25 نيسان عام 1958 حين أقيمت هذه البطولة وقد أحرزت حينها المركز الأول على جميع السباحين السوريين هواة ومحترفين وثالث الترتيب العام وغمرتني السعادة حين سلمني الزعيم الكبير "جمال عبد الناصر" الكأس وأذكر أنني لم أنم في تلك الليلة من شدة فرحي وسعادتي. واكتملت فرحتي يوم تمَّ اختياري لتمثيل الجمهورية العربية المتحدة في بطولة العالم الرسمية للسباحة الطويلة التي تقام سنوياً في إيطاليا مابين جزيرة "كابري" ومدينة "نابولي" ولمسافة 34 كم وكان الله معي ورغم أنه لم يتوفر لي المرافق الجيد إلا أنني أحرزت المرتبة الثالثة بين الهواة بعد كفاح دام ثلاثة عشرة ساعة من السباحة المتواصلة، وقد شعرت بأنني أطير من الفرح وأنا أتسلم كأس المركز الثالث من رئيس الوزراء الإيطالي وأفخر بأنني أول بطلٍ عربي سوري هاوٍ يحقق انتصاراً في بطولة العالم للسباحة الطويلة...
** حينما عدت للوطن كانت سعادتي كبيرة حينما أمر الزعيم "جمال عبد الناصر" بتعييني في سلك الأمن العام وبمرتبة تفوق الشهادة العلمية التي أحملها بكثير. كما نلت مكافأة مالية قدرها ثلاثة آلاف ليرة سورية وهذا المبلغ كان يكفي لشراء منزل آنذاك. بعدها أوفدت إلى الإقليم المصري للدراسة في المعهد الرياضي لضباط الشرطة وتخرجت منه بتقدير امتياز ليسند لي بعدها رئاسة الفرع الرياضي لشرطة محافظة "اللاذقية" ومن ثم قائداً لفوج إطفاء المحافظة.
* كيف ترى السباحة الآن؟
** مختلفة كلياً كنا نتدرب ونسبح ونفوز بالبطولات حباً بالسباحة فقط والآن كل شيء متوفر ولكن لا إنجازات تذكر إلا ما يعد على أصابع اليد. كنا نحلم بماء معقم أو دافىء شتاءً لنسبح فيه، كنا نسبح في أصعب الظروف الجوية ولم نكن نبال بذلك لأننا كنا نعشق الرياضة والبطولة أما الآن...!!!؟؟؟
من الجدير بالذكر أن البطل العالمي "مصطفى زين العابدين" يبلغ من العمر 79 عام عنده ولدان يعملان في الصحافة "عمار" و"زياد". احتكر بطولة الجمهورية في السباحة الطويلة سنوات عديدة، وأحرز المركز الثاني في بطولة "القاهرة" للسباحة الطويلة عام 1957. أحرز المركز الأول في بطولة منطقة "دمياط" عام 1958، والمركز الثاني في بطولة منطقة "بورسعيد" عام 1958. يعتبر أول من أدخل رياضة التجديف ولعبة كرة الماء إلى سورية. وهو أحد مؤسسي كرة اليد في الساحل السوري ويحمل بطاقة التحكيم الثانية والبطاقة رقم واحد كانت للرائد "بهجت العادل" أول رئيس لاتحاد كرة اليد في سورية.
أهم الوظائف التي أسندت له:
قائد فوج إطفاء محافظة "اللاذقية".
أمين سرّ مجلس مدينة "اللاذقية".
رئيس دائرة العلاقات العامة في مجلس مدينة "اللاذقية".
نائب رئيس الاتحاد العربي السوري لسباحة المسافات الطويلة.
رئيس اللجنة الفنية في الإتحاد العربي للسباحة.
