لم تتسع تلك الصالة وذلك البهو المخصصان لاستقبال الزوار القادمين إلى معرض طلاب معهد الفنون التشكيلية السنوي المقام في دار الأسد للثقافة في "اللاذقية".
ألوانهم تتشابه حيثما نظرت تبحث رغم الزحام فيما قالوه ضمنها، هناك ترى مزهرية طبيعية، وهناك جندي مجهول صامت ينتظر من يفك عقد الحديث لديه ويجعله ذاتياً في وجود الوجود، بينما هنا فيروق لتلك الفتاة رسم نفسها وهي جالسة بين جدران بيتها الريفي تنظر إلى الغد، أما فلان من الناس فاكتفى بتلك الوسمات التي كانت في داخلها بعض سطور وكلمات حولها إلى مجسم طيني مبهر للذات.
خلال الأشهر القليلة التي رافقت فيها طلاب المعهد لاحظت وجود خامات جيدة علينا الاهتمام بها في المستقبل وتقديم كل العون والدعم لها
هذا باختصار ما يحدث داخل صالة المعارض في مركز الفنون التشكيلية، فالطلاب وبعد ستة أشهر من التعب والجد، أثمرت أعمالهم لتولد من جديد في حضرة ووجود الجميع، المراقب والناقد والزائر والأستاذ والإعلامي والمصور، الكل يراقب ويبدي رأيه مع الغير.
موقع eLatakia زار في غمرة الزحام المعرض ونقل لكم العديد من اللقاءات والحوارات مع من حضر حين الافتتاح الذي تقدمه الدكتور "رياض نعسان آغا" وزير الثقافة ود."خليل مشهدية" محافظ "اللاذقية" وعدد من الفنانين والمختصين والمراقبين.
تقول "رشا معلا" وهي طالبة في المعهد ومشاركة بالمعرض: «عندما انتسبت للمعهد وعمدت على الدراسة فيه كانت غايتي أن أحقق ما في نفسي من عشق للفن بتشعباته، والأمر الآخر أن هذا الوقت الذي قضيته هنا جعلني أكسب الكثير من العلاقات الاجتماعية المميزة مع أصدقاء أصبحوا مهمين بالنسبة لي، ولا شك أن الخبرة التي اكتسبتها وأضفتها لموهبتي هي الثمرة الأسمى».
الطالبة "نيفين إبراهيم" مشاركة في المعرض تقول: «العمل الذي أشارك به هو عمل سريالي يمثل الواقع بكل أوقاته وتفاصيله، هناك بساطة في كل شيء مكون للعمل كما هي باقي الأعمال الأخرى لزملائي وزميلاتي، المعرض قربنا أكثر من المنصة التي تكمل الجزء الناقص من شخصية كل فنان تشكيلي، هناك من يسألك وهناك من ينقدك ومن يرحب أو يحبط بما تقوم وقمت به ولكن تبقى خيارات الإجابات مدروسة ومعمقة».
يقول الزميل الإعلامي والفنان التشكيلي "شادي نصير" عن المعرض: «المعرض هو عبارة عن مجموعة من التجارب الثقافية البصرية لمجموعة شباب مميزين، أغلب الأعمال التي رأيتها هي أعمال احترافية بين الواقعية والسريالية تضاهي في بعضها أعمالاً كبيرة لفنانين كبار مكرسين كمخضرمين في الفن التشكيلي، وقد لفتتني مجموعة من الأعمال التي رسمت بقلم الرصاص بالإضافة إلى أعمال سريالية كبيرة تمثل ألم ومعاناة الشباب على اختلاف المدارس المستخدمة طرقها ومذاهبها الفنية واللونية».
وفي لقاء خاص بموقعنا صرح الفنان العالمي "علي فرزات" خلال تواجده في المعرض: «"اللاذقية" ترعى اليوم الفنون في جميع أشكالها، ولكن هذه الرعاية منقوصة وتحتاج إلى اهتمام أكثر بالفنان ذاته كي يبدع وينجح، وأنا أحيي شباب اليوم المشاركين بالمعرض وبجهود فردية أنهم بهذا الاندفاع وهذا الإصرار الذي مكنهم من عرض إبداعهم أمامنا اليوم ودون النظر إلى الخلف وانتظار المأمول، وبشكل عام هناك تقصير من الجهات المعنية تجاه هذا الفن من خلال إزكاء فنانيه ومجالاتهم، فأغلب المعارض والمحافل الفنية تكون عبارة عن جهود فردية بحتة ورغم ذلك أبارك لهم ما قاموا به اليوم من أنجاز، صدقني هو إنجاز عظيم ومقنع وكيف لا وهم أبناء بلاد الحضارة والتاريخ».
يقول الاستاذ الفنان "عبد الباسط زابون" وهو أستاذ مدرس في معهد الفنون التشكيلية: «يأتي المعرض اليوم كحصيلة تعب وجهد وحب وتعاون كبير ما بين الطلاب ومدرسيهم وما بينهم كطلاب داخل قاعات الدراسة والعمل، والذي أثمر تشكيلات فنية مميزة ورائعة سرّت كل من شاهدها».
أما الفنان التشكيلي "عبد الله جاديبا" وهو مدرس في معهد الفنون التشكيلية قسم النحت فيقول: «خلال الأشهر القليلة التي رافقت فيها طلاب المعهد لاحظت وجود خامات جيدة علينا الاهتمام بها في المستقبل وتقديم كل العون والدعم لها».
في حين يقول المدرس في معهد الفنون التشكيلية في قسم الرسم الحر "هشام إسماعيل": «الأهمية الكبرى لطلابنا هذا اليوم التي سيكتسبونها فعلياً هي كيفية وقوفهم أمام اللوحات والبحث الجاد في ماهيتها ومكوناتها الفنية، وإجادة الوقوف أمام الجمهور وطرح الأسئلة واستقبالها والإجابة عليها بطريقة تعبر عن شخصية كل واحد منهم».
وختام حواراتنا كان مع الفنان التشكيلي "عبد السلام عبد الله" القادم من "دمشق"، حيث سبق له أن زار الطلاب مؤخراً في مهمة ورشة عمل فعلية حيث قال: «أتيت إلى "اللاذقية" هذا اليوم كضيف للمرة الثانية ولهذا المكان بالذات، وفي كلا الزيارتين شعرت أنني أجلس أمام فنانين حقيقيين يملكون الكثير من النقاط المهمة التي تساعدنا كمدرسين على إيصال الفكرة والصورة الصحيحة عما يتعلمون».