لم تنم حجارته الصفراء على مر الزمن، بل شكلت الكثير من الحكايات التي سجلت تاريخ من لامسها أو حتى مر بقربها يقرأ ما عليها.

مئات الأعوام مرت، والمكان باق على الرغم من التغيرات التي أصابت مناخ المنطقة وقيدت تضاريسها، ومرت الفتوحات تلو الفتوحات والأجيال تتداعى وراء مثيلاتها، ولكن المسجد الصغير بقي على ما هو عليه ولكن مساحته الفعلية قوضت ليعود بعدها كما هو عليه اليوم.

eLatakia زار المكان وتحدث إلى العائلة المشرفة على ترميم هذا المسجد حيث التقى الموقع بالسيد "فواز عجيل" نجل "الحاج علي حسين عجيل" بتاريخ 14/7/2008 والذي رهن حياته للمسجد ورعايته ولكن ودع الحياة واستلم أولاده مقاليد المهمة التي مازالوا إلى الآن على الرغم من صعوبتها إلا أنهم تصدوا لها بكل إخلاص وتفان، السيد "فواز" روى لنا سيرة المسجد الصغير قائلاً: المسجد سمي باسم أحد الفاتحين والولاة الذين مروا على المنطقة حيث أعطي اسم مسجد "علاء الدين الخشاش المعري الطرابلسي" سنة 807 هجري الموافق 1404 للميلاد، كانت مساحة المسجد تفوق الـ400م ولكن التطورات وصعوبة الحياة وصلت بالمسجد إلى مساحة تقديرية مسجلة بالسجلات الرسمية والعقارية على أنها 84م، ويتابع "العجيل" ليقول: الوالد رحمه الله هو آخر المرممين لهذا الصرح القديم الذي لم يذكره إلا "ابن بطوطة" في إحدى رحلاته التي سلط الضوء فيها على تلك المساحة الصغيرة التي صلى فيها وذكره كغيره من الأماكن المنتشرة هنا في "حي الصليبة" القديم و"اللاذقية" عموماً مدينة تذخر بالذكريات التي توجتها السنين الكثيرة المتتالية والمتعاقبة.

محرابه الصغير وحجارته الصفراء لم تمنع المصلين من القدوم إلى مسجد "الخشاش" وقضاء فروضهم الدينية على مدار السنين، الحجارة التي برع ومنذ القدم بنّاؤها وهندسة رفعت من فحوى الحكاية ما بقي من عمر المرممين الذين تعاقبوا مع زمن المسجد الذي وعلى ذمة الراوي "حسن عجيل" الابن الثاني للحاج المتوفي: أن المسجد وحسب التتالي الزمني تم بناؤه بعد وفاة الرسول "محمد"(ص) بخمسين عام، وتعاقبت عليه الحروب والكوارث ولكن قدرة الله وحوله كانت دون تداعيه وهذا ماساهم ببقائه شاهداً على الزمان القديم ورابطاً مهماً للباقي القليل من المعالم الأثرية الهامة.

مقطع من المسجد الصغير غدا اليوم على زاوية هامة من "حي الصليبة" القديم والمعروف بقدمه على مدار التاريخ والتقاويم، إلا أن المسجد اليوم في حالة خدمية تستحق من بعض المسؤولين عنه أن يراجعوها كأن يلحقوا فيه مكاناً للوضوء فمساحته الصغيرة لا تستدعي إنقاصها أيضاً باتخاذ مكان منه للوضوء.