صرح معماري فريد من نوعه بتصميمه القديم، فهو نقطة علاّم مميزة لكل من يزور محافظة "اللاذقية". لون حجارته الصفراء وشكل سطحه الذي يذكرك بقلاع من العصور الوسطى وأعمدته العالية وحكاياته القديمة التي تتمثل بالنشاطات المقامة فيه، تذكرك بأنه كان محطة استراحة للزوار من مختلف بقاع العالم حيث زاره العديد من الفنانين والشخصيات الاعتبارية.

الكازينو الواقع على كورنيش "اللاذقية" الغربي مطلاً بواجهته الغربية على مرفأ "اللاذقية" وبواجهته الشرقية على خان الدخان المعروف حالياً بمتحف "اللاذقية" ومن جهة الجنوب يطل على حديقة البطرني وشمالاً على حديقة المنشية بتسميتها الحالية حديقة العصافيري. حكاية قديمة لم يطو الزمن أوراقه عليها ما زالت باقية لبقاء هذا المبنى.

تقام في الكازينو حفلات شبابية في الصالة الرئيسة وبين حين وحين آتي وأحضر هذه الحفلات بالإضافة إلى الجلوس في أوقات الصيف على الشرفة المطلة على الشارع العام لأحتسي فنجاناً من القهوة أنا وأصدقائي والتعرف على وجوه جديدة من السواح العرب والأجانب وممثلين الدراما السورية فيه، هذا المكان خلاب بماضيه وحداثته

الأستاذ "جمال حيدر" مدير الآثار في "اللاذقية" تحدث لموقع eLatakia عن تاريخ هذا المبنى منذ بداية إنشائه فقال: «يقع الكازينو في حي الشيخ "ضاهر" في "اللاذقية" ويطل بواجهته الشرقية على شارع "جمال عبد الناصر" وبواجهته الغربية على البحر أما الجنوبية فتطل على حديقة المنشية، بني في سنة 1926 م وضع تصميمه عام 1925 م المهندس المعماري "ليموندجيان الأرمني" الأصل، السوري الجنسية والذي كان يعمل في النافعة (الأشغال لاحقاً ومديرية الخدمات الفنية حالياً) حيث كان السيد bauchon الفرنسي مديراً لها.

الاستاذ جمال حيدر

وأرسلت المصورات إلى المفوضية العليا في "بيروت" للتصديق عليها واعتمادها، متخذاً هذا المهندس طابع العمارة المتوسطية لجنوب فرنسا ممزوجة ومتآخية مع سمات عمارة الأندلس، البناء مكون من قبو وطابق أرضي وطابق أول يتم الوصول إلى المبنى بواسطة ست درجات توصل مباشرة إلى شرفة واسعة تمتد على كامل الواجهة الشرقية حيث يوجد باب يؤدي مباشرة إلى المدخل الرئيسي للطابق الأرضي. ومن الجهة الجنوبية يوجد رواق يشكل مع الشرفة حرف (L) ويوجد درج مقابل المدخل يتم بواسطته الوصول إلى الطابق الأول حيث الغرف المخصصة للنزلاء، ينتهي الدرج إلى موزع طويل تتوزع الغرف على جانبيه، كما يوجد في هذا الطابق قاعتان كبيرتان، أما القبو فيتم الوصول إليه عبر درج داخلي في الطابق الأرضي أو بواسطة درج خارجي موجود في الجهة الشمالية كما يوجد درج آخر يتم بواسطته الوصول إلى القبو من التراس الجنوبي، يحتوي القبو على المطابخ وغرفة الصيانة ومشالح العمال».

وعن ذكريات من ارتاد الكازينو في أيام أوجه فيقول السيد "محمد قعقع" الملقب بالآغا والبالغ من العمر 75 عاماً ليحدثنا عن ذكرياته بالكازينو: «للكازينو ذكرى في داخلي لا تنسى وهي عندما أتت كوكب الشرق السيدة "أم كلثوم" وغنت في "مقهى شناتا" وكان مكان إقامتها الكازينو، بعد حفل أم كلثوم ذهبنا إلى باب الكازينو لملاقتها وتهنئتها وتحقيق حلمي برؤيتها بشكل شخصي وتحقق هذا الحلم فعلاً في الكازينو وما زلت أذهب إلى ذلك المكان لأعيش على تلك الأطلال أطلال "أم كلثوم" وأطلال رؤيتها في الماضي».

كازينو

وعن وضع الكازينو الحالي يقول السيد "سومر البيك" أحد زوار الكازينو الشباب: «تقام في الكازينو حفلات شبابية في الصالة الرئيسة وبين حين وحين آتي وأحضر هذه الحفلات بالإضافة إلى الجلوس في أوقات الصيف على الشرفة المطلة على الشارع العام لأحتسي فنجاناً من القهوة أنا وأصدقائي والتعرف على وجوه جديدة من السواح العرب والأجانب وممثلين الدراما السورية فيه، هذا المكان خلاب بماضيه وحداثته».

وذكر في كتاب تاريخ "اللاذقية" للباحث "هاشم عثمان" بعض النشاطات التي أقيمت بالكازينو ونذكر منها: أقيمت في الكازينو (فندق السياحة والاصطياف) مسابقة لاختيار أحسن الأزياء وأجمل القيافات للسيدات وتوزيع الجوائز على الفائزات فاجتمع في الكازينو عائلات كثيرة وبعض قضاء فترة من الوقت في السمر والرقص وزعت الجوائز على الحاضرين أوراق بيض لانتخاب أحدث زي وأجمل قيافة وعند فرز الأوراق فازت بالأولوية عقيلة السيد "نديم صوايا" ثم عقيلة مدير بنك دي روما، وبجمال ثوبها عقيلة "وديع داغر" وكريمة "أدوار سعادة"، وكانت الجوائز مشالح حريرية (28 أيار 1933).

محمد قعقع "الاغا"

والكازينو الآن ما زال حاضراً بموقعه نفسه لكن بتسميه جديدة له (نادي النقابات العلمية والمهنيه") وحتى الآن يقصده النزلاء من جميع أنحاء سورية والعالم ليستمتعوا بإطلالته الرائعة على المرفأ من جهة وعلى مدينة "اللاذقية" من جهة أخرى من خلال غرفه ومن خلال التراسات المقامة على الجهتين كما تقام بها حفلات للأعراس ومسرحيات للأطفال وحفلات فنية يحيها مطربين المدينة وغيرهم من المطربين العرب والأجانب، وحفلات أعياد رأس السنة لها رونق وبريق خاص فيه، كما تقام به اجتماعات ومجالس النقابات العلمية والمهنية في "اللاذقية" وهو حتى الآن مقصد للسواح والباحثين العرب والأجانب ولا ننسى إقامة أسر تصوير مسلسلات الدراما السورية والعربية فيه لحميميته هذا المكان وجوه الهادئ الأنيق الذي يذكر بعراقة أجدادنا.