تركيبتها العمرانية توحي بأنها استراحة قائد أو أمير ومع ذلك فان المهتمين والمحيطين بها يقولون عنها إنها "قلعة"؛ معتمدين في قولهم، على موقعها المحصن وبعض التحصينات الدفاعية بداخلها؛ وفي السنوات الأخيرة أعيد الاهتمام بها للمحافظة على ما بقي من معالمها العريقة.

إنها "قلعة بني قحطان" التي تقع إلى الشرق من مدينة "جبلة" على بعد حوالي "25" كم تقريباً، وقد حدثنا عنها وعن تاريخها الباحث المهندس "إبراهيم خيربك" بالقول: «ورد تعريفها في معجم البلدان أنها حصن على سواحل حمص مقابل جبلة ومن ثم أطلق عليها اسم قلعة بني قحطان، أول تحصين بني فيها كان على يد البيزنطيين وتحديداً في العام \1030\ أي قبل أن تتعرض في العام \1111\م للاحتلال من قبل الصليبين الذين بنوا فيها بعض التحصينات واستطاعوا الاحتفاظ بها لمدة عشرين عاماً ثم استولى عليها سكان الجبل وأعلنوا طاعتهم للسلطان الناصر صلاح الدين الذي استولى عليها بنفسه لاحقاً.

هناك عدة دلائل على كونها قلعة منها أن الجدار يحتوي على مناطق للرماة وهذا يؤكد أنهم كانوا يرمون منها في البداية وهذا يدل أيضاً أنها كانت قلعة ولها حراس يتناوبون على حراستها. الدليل الأكثر أهميةً هو وجود معالم لسورين الأول داخلي والثاني خارجي، السور الداخلي كان للملك وحاشيته أما الخارجي فكان للحرس لكن جميع المعالم التي تم الكشف عنها تؤكد أنها لم تكن قلعةً كبيرة بل قلعةً صغيرة الحجم

تأخذ القلعة بأسوارها شكل التل الصخري الذي بنيت فوقه وتمتد عمارتها باتجاه شرق غرب بطول 250 متراً تقريباً، وعرض جنوبي شمالي حوالي 50 متراً تحيط بالقلعة بقايا أسوار ضخمة مدعمة بأبراج دفاعية، ويقع داخل القلعة خزان ماء، وقد فقدت القلعة عبر تاريخها الكثير من نسيجها المعماري وتحولت من الداخل إلى مصاطب للمزروعات المختلفة، ويزيد القلعة جمالاً وقوعها وسط طبيعة جميلة».‏‏

موقع "eSyria" زار "قلعة بني قحطان" في ريف "جبلة" يوم السبت "31/1/2011" وبحث عن مكان القلعة قبل أن يصادف السيد "محمود صالح علي" وهو رجلٌ في العقد التاسع من العمر وبسؤاله عنها قال إنها هناك خلف منزلي فصعدنا برفقته الدرج المؤدي إليها وهناك حدثنا بالقول: «لا اعتقد أنها قلعة وكل ظني أنها استراحة ملك أو حصن دفاعي تابع لقلعة معينة لأن صغر حجمها لا يوحي بأنها قلعة إلا أن الخبراء الذين زاروها والمنقبين أكدوا أنها قلعة، نحن لم نشعر بأهميتها إلا قبل فترةً قليلة من الزمن فمنازلنا مبنية ضمن حرمها وبداخلها يوجد أراضٍ نزرعها وفيها أشجار الزيتون وكثيرا ما وجد أهالينا أثناء حرثهم للأرض فخاريات ولقى أثرية لم يعطوها أية أهمية نظرا لجهلهم في هذا المجال.

بعد أن قامت دائرة الآثار في "جبلة" قبل ثلاث سنوات بالتنقيب عن "القلعة" أصبحت محط أنظار الكثيرين وبحكم موقع منزلي الذي يمر به كل من أراد زيارة القلعة أستطيع أن ألاحظ هذا التضاعف في عدد الزوار بل أستطيع أن أؤكد أنه قد زارها في العام \2010\ أكثر من \100000\ زائر أغلبهم من سورية».

المهتمون بهذه القلعة كثر ومن بينهم الصحفي "غسان صالح" الذي حدثنا عن القلعة التي يتوافق اسمها مع اسم القرية الموجودة فيها وقال: «لها سور من حجر البازلت المنحوت بدقة متناهية ويبلغ وزن الحجر الواحد ما يزيد على طن ونصف، لها أقواس وأماكن لرماية السهام ومراصد تحيط بالقلعة، وهي تحوي خزانات للمياه التي كانت تنقل إلى القلعة من نبع جفونة الذي يتدفق من على سفح الجبل الجنوبي للقلعة بواسطة أنابيب فخارية.

كما أنها تحتوي على حمام وقربه مسبح فينيقي ومدفن وقد عبثت عوامل الطبيعة بجزء من القلعة وحطمت معظم جدرانها وأقواسها وتيجانها، أثناء الفتح الإسلامي في عهد صلاح الدين الأيوبي تم ترميم القلعة حيث وضع في مقدمة مدخل القلعة حجر نقش عليه عبارة "ناصر الدين".

الدائرة الحمراء للدلالة على مكان القلعة

يقال إنه في الماضي احتمى بها حوالي \400\ مقاتل تترأسهم امرأة ونسبةً لهذه المرأة سميت القلعة باسم حصن السيدة العجوز قبل أن يتم تسميتها "قلعة بني قحطان"».

طريقة نقل الماء إلى خزانات القلعة كانت لافتة للنظر وتثبت أن الحاجة أم الاختراع، وعن طريقة نقل الماء وموقع القرية حدثنا مختار قرية القلعة "مروان موسى" بالقول: «موقعها محصن عسكرياً فهي تعتلي هضبة وسط القرية تحيط بها الوديان والأنهار من كل جانب وبعد الوديان يوجد جبال حراجية صعبة الحركة وهذا يدل على صعوبة اقتحامها عسكرياً.

كانوا يمدون لها الماء من نبع اسمه عين جفونة بواسطة شجر الدفلة حيث كان يتم نزع لب الشجرة والإبقاء على قشرها الذي كان مرناً ولا يسرب ماء ومن ثم يتم وصل الأجزاء بعضها ببعض حتى تصل إلى القلعة وقد رأيت ذلك بأم عيني لكون أجدادنا استخدموا ذات الطريقة في جلب الماء».

ابن القرية السيد "إبراهيم موسى" بين لنا الأسباب التي تجعل أهل القرية يؤكدون أنها قلعة وقال: «هناك عدة دلائل على كونها قلعة منها أن الجدار يحتوي على مناطق للرماة وهذا يؤكد أنهم كانوا يرمون منها في البداية وهذا يدل أيضاً أنها كانت قلعة ولها حراس يتناوبون على حراستها.

الدليل الأكثر أهميةً هو وجود معالم لسورين الأول داخلي والثاني خارجي، السور الداخلي كان للملك وحاشيته أما الخارجي فكان للحرس لكن جميع المعالم التي تم الكشف عنها تؤكد أنها لم تكن قلعةً كبيرة بل قلعةً صغيرة الحجم».

الجدير بالذكر أن "قلعة بني قحطان" تبعد عن مدينة جبلة حوالي 25 كم باتجاه الشرق من ساحل المدينة ومن يود زيارتها عليه التوجه شرق مدينة جبلة ماراً بقرية "سيانو" الاثرية ثم "كفردبيل" "الثورة" "المرداسية" وباتجاه القلعة التي تتوضع على قمة جبل بمساحة عشرة دونمات.