ينقسم المجتمع في "الجولان" إلى ثلاثة أنماط اجتماعية: مجتمع حضري ومجتمع ريفي نصف حضري ومجتمع رعوي، هذه الأنماط الثلاثة ساعدت إلى حد كبير في المحافظة على الآلات الموسيقية التراثية بجميع فروعها فهي تلتصق بوجدان هذه المجتمعات وتعبر عن إيقاعات نفوسها لأنها اللغة السحرية التي تبعث الحياة وتغنيها بكل ألوانها ومستوياتها.

ومن الآلات الموسيقية التراثية آلة "الربابة" التي تعني في القاموس المحيط آلة لهو يضرب بها، و"مدود بن عبد الله الواسطي الربابي" يضرب به المثل في معرفة الموسيقا بالرباب، وبهذا نستطيع القول بأن هذه الآلة معروفة منذ قرون.

إن وجود "الربابة" في حياتنا هو عبارة عن تمسكنا بعادات وتقاليد آبائنا وأجدادنا، وهي آلة قديمة جداً عرف أهلنا من قبلنا ومن واجبنا المحافظة عليها وأن نورثها لأبنائنا، وأنا أهوى العزف على آلة "الربابة" منذ عام 1970م وأقوم بالعزف واللعب عليها في بعض السهرات والمجالس الشعبية، والمجلس الشعبي الذي يوجد فيه "ربابة" يعد من أفضل المجالس لدي لكون "الربابة" آلة شعبية تراثية رائعة الصوت والنغم

السيد "محمد خير الطحان" مختار قرية "الرفيد" في محافظة "القنيطرة" الذي ما يزال يحافظ على آلة "الربابة" ويهوى اللعب والعزف عليها يقول: «إن وجود "الربابة" في حياتنا هو عبارة عن تمسكنا بعادات وتقاليد آبائنا وأجدادنا، وهي آلة قديمة جداً عرف أهلنا من قبلنا ومن واجبنا المحافظة عليها وأن نورثها لأبنائنا، وأنا أهوى العزف على آلة "الربابة" منذ عام 1970م وأقوم بالعزف واللعب عليها في بعض السهرات والمجالس الشعبية، والمجلس الشعبي الذي يوجد فيه "ربابة" يعد من أفضل المجالس لدي لكون "الربابة" آلة شعبية تراثية رائعة الصوت والنغم».

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن"

وحول صنع "الربابة" والأجزاء التي تصنع منها يقول الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن" الباحث في التراث الشعبي الجولاني لموقع eQunaytra: «المواد التي تصنع منها "الربابة" هي الخشب والجلد والشعر، حيث تصنع "الربابة" على هيئة مستطيل مكعب من الخشب بأربعة أضلع مستقيمة أو مقوسة متوازية وذراع خشبي يخترق الضلعين الصغيرتين المتقابلتين، بحيث يثبت في نهايتيه الوتر من طرفيه وكان الوتر يصنع من شعر رقبة الفرس أو أمعاء الشياه والآن استبدل بعضهم هذا الوتر بوتر معدني وتثبت على وجهي الربابة قطعتان من الجلد، أما القوس الخشبي فإنه يثبت فيه وتر مصنوع من شعر ذيل الفرس أو من شعر ذيل الحمار فهذا النوع المعروف من "الربابة" في المشرق العربي و"مصر"، أما "الربابة" في المغرب العربي فتأخذ شكلاً آخر».

وتابع "الحسن" حديثه بالقول: «لقد شاع استعمال "الربابة" في البيئة الرعوية والنصف حضرية أكثر من غيرها أو تكاد تنحصر فيهما والضرب على "الربابة" ليس بالضرورة أن يكون له مناسبة، وفي المساء يجتمع الناس للتعليلة ويحضر عازف "الربابة" والذي يطلق عليه "الُمربرَبُ" ربابته ليتحف المجتمعين بالضرب على "الربابة" والتقصيد بفنون العتابا والعناء وتدور معظم قصائد شاعر "الربابة" حول الغزل والمديح والرثاء وكثيراً ما كان الشاعر يقدم القصيدة بحكاية رعوية، ولم تعمر "الربابة" طويلاً بعد نكسة حزيران عام 1967م لعدة أسباب منها الانتقال إلى حياة المدينة والاستقرار وتغيير نمط المعيشة وممارسة أعمال لم يكن لأصحابها عهد بها».

قوس الربابة

أما عن القصائد التي كانت تغنى على أنغام وألحان آلة الربابة يقول "الحسن": «من القصائد التي كانت تغنى على "الربابة" قصيدة رواها "أحمد محمد الفاعوري" من قرية "كفر حارب" في "الجولان" المحتل مدح فيها "فياض الحرفوش" وكان يغني هذه القصيدة على الربابة "عطا حسن الفياض" الذي عمر ما يناهز المئة وعشرة أعوام وهو أول مولود في قرية "سكوفيا" في "الجولان" المحتل بعد أن جاء أبوه وأعمامه من قرية "فيق" لعمارة قرية "سكوفيا" والاستقرار فيها، حيث يقول فيها:

"يا راكباُ من فوق قبً صعافيج / مثل الربيدي جافل من دوية (1)

المطرب الشعبي "أحمد الحاج علي"

خلي طريقك يا مرسالي على فيج / من ذاك تشوف سكوفيه معلتية (2)

تلفي على ولد الشيخ حلو المهاريج / الهيلعي راعي اليمين السخية (3)

فياض هلي فاق صيته تشاريج / حوران والجيدور مع كل نية (4)

ما قلتها يا شيخ وسط التهاريج / وما قلتها يا شيخ ودي عطية" (5)

وهناك قصيدة ثانية ألقيت على أنغام الربابة تقول:

"جيت عالغريريات على الماه يرون / ليا صباح الخير يا فالهن (6)

لأسقيك من حبة العين وما / أنت العفينين وما نكرهن (7)

قلت لهن: الأهل قالت جريبين / صوب العذية نازلة طرفهن" (8)

المطرب الشعبي "أحمد الحاج علي" عضو نقابة الفنانين بصفة مطرب ربابة في محافظة "درعا" والذي حصل على جائزة أفضل غناء شعبي في مسابقة أغاني "الجولان في القلب" التي أعلنت عنها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في عام 2009م، نظم قصيدة على مبدأ بحر الشعر الشعبي متوجة بلحن الربابة يتحدث بها عن "الجولان" الحبيب بالقول:

"ليت أني طير بسما الجولان حايم / بالضحى وأصبحت أنا من فوق تله

عالخميلة افرش جناح المحبة / مي وفي وجالساً من تحت ظله

والنسيم الشافي في كل عله / وعالشجر صوت البلابل غردنا

والغصن يضحك تمايل في محله / بقلبنا الجولان راجع والتقينا

والزمن لا بد كل عقدة يحله / ونرفع الرايات في عالي سمانا

يوم نفرح والعذارا زغردن له"

(1) قب صعافيج: أي خيل سريعة، الربيدي: الثعلب أو ابن آوى.

(2) فيج: قرية فيق، سكوفيه: قرية سكوفيا.

(3) الهيلعي:الكثير الترحال.

(4) الجيدور: قرى حوران الواقعة غرب طريق درعا، تشاريج: جهة الشرق.

(5) ودي عطية: أريد مكافأة.

(6) الغريريات: جمع غرير حيوان ممتلئ طري اللحم، الماه: ترخيم الماء، يرون: يروين.

(7) العفينين: العفن الكريم المعشر.

(8) جريبين: قربين، الذية: الأرض الواسعة، طرفهن: أي طرف هذه الأرض الواسعة