تعتبر من أجمل قرى محافظة "القنيطرة" تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة، متربعة على تل بارتفاع /900/ متر عن سطح البحر، تقع على السفح الشرقي "لتل شعاف" الكبير شمال "تل عكاشة" وغرب وادي "الرقاد".. إنها "بريقة"، تلك القرية الجولانية اللون التي ينحدر منها عدة وديان سيلية: وادي "شاكر" ووادي "العسل"... وهي واحدة من قرى الجولان التي تحررت من الاحتلال الاسرائيلي بعد حرب تشرين التحريرية، وتبعد عن مركز مدينة "القنيطرة" ما يقارب 11كم.
«تقوم القرية على موقع قديم، فقد عثر فيها على مواد صوائية ويبدو أن الموقع كان أهلا منذ العصر الهلينستي وتوجد في القرية حجارة منحوتة وأعمدة وكتابات يونانية والكثير من الصلبان المنقوشة، كما توجد حجارة تحمل نقوشا أخرى من الورود والأشكال الدائرية وكتابات يونانية. يبدو الموقع بشكل سليم نسبيا ويضم عدة أبنية منها بناء مقنطر وبناء آخر لايزال الدرج قائماً في أحد جدرانه وكذلك في الموقع بيوت تحت أرضية مسقوفة بألواح حجرية»*.
لهذه القرية مثل غيرها من القرى بالاغتراب في سورية 70% من المغتربين في أمريكا وروسيا والدول العربية، أما نسبة القاطنين بمدينة "دمشق" فتبلغ 40%
موقع eQunaytra ولمعرفة المزيد عن قرية "بريقة" التقى مختارها السيد "أدهم إسماعيل"، الذي بدأ بالحديث عن سبب تسمية قرية "بريقة" فقال: «هناك روايتان تقول إحداهما أنه كان يوجد قائد روماني اسمه "بريكه" يقيم في هذه المنطقة فنسبت القرية لاسمه، أما الرواية الثانية فقصتها تبدأ مع كثرة البرق والرعد في هذه المنطقة فسميت على اسم البرق».
وعن تاريخ القرية أضاف المختار: «سكنت قرية "البريقة" لأول مرة في عام /1879/ تقريباً، من القبائل الشركسية التي هُجرت من "القفقاس" في روسيا وكانت القرية آنذاك بقايا قرية رومانية قديمة، حيث بنى الشراكس بيوتهم فوق هذه القرية القديمة من الحجارة البازلتية السوداء وأسقفها من القرميد الأحمر، وكسوها من الداخل باللبن مما زاد من جمالها وروعتها.
أغلبية سكان القرية من الشراكس ويتكلم الكبار عموما اللغة (الشركسية) إلا أن الأجيال اللاحقة بدأت تفقد لغتها لمصلحة اللغة العربية.
يبلغ عدد سكانها حوالي /1350/ نسمة تندرج ضمن عائلات شركسية نذكر منها: "غش"، "شاكوج"، "أدل"، "لاحى"، "بجموقه"، "أبش"، "ترك"، "تسي"،"لأصَة"، "خواط"، "شابسوغ"، "غونجوقة"، "زبة"، "بجوني"، "أباظة".
هجرت القرية نحو /10/ سنوات بسبب الاحتلال الإسرائيلي عام /1967/ م، ثم أعيد بناء منازل جديدة فيها، وتمت عودة السكان إلى القرية بعد التحرير».
وعن الواقع الجغرافي لقرية "بريقة" وما تشتهر به من الزراعات والثروة الحيوانية فيها يقول المختار: «يحدها من الشرق سد "بريقة" وسد "كودنا" ومن الجنوب قرية "كودنا" ومن الشمال قرية "بئرعجم" ومن الغرب قرية "الجويزة" المحتلة، يتصف مناخ القرية بشتاء بارد أما صيفها فيكون الجو معتدلاً، حيث يبلغ متوسط هطول الأمطار /1000/ ملم سنويا. ويعود إعمارها إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
أما عن الأعمال الزراعية فهي الصفة المميزة لأهل القرية فهي تحقق التكامل الاقتصادي لدرجة أنهم لا يحتاجون فيها للذهاب للتسوق، فعندما هُجر أجدادنا من روسيا إلى مدينة "القنيطرة" ولمعرفتهم عن العامل الجوي للمنطقة، تم إحضار بذار أشجار غير مزهرة، تتحمل الطبيعة القاسية كأشجار: التوت الأبيض والجوز والتين والعنب، أما في الوقت الحالي فتم إضافة زراعة: الزيتون والتفاح والرمان والكرز والصبار، وبعض الخضراوات التي تزرع في المنازل. كما يقوم أهل القرية بتربية الأبقار والبط والدواجن وتربية النحل والخيول».
وتابع السيد "أدهم" حديثه: «تمتاز قرية "بريقة" بأنها محاطة بالغابة، حيث تنتشر أشجار: البلوط والسنديان والبطم والزعبوب، وبعض أنواع: الخوخ والأجاص البري، كما توجد حيوانات برية منها: الثعلب وابن آوى، بالإضافة لعدد من الطيور مثل: الهدهد والسنونو والبلبل وطيور الدوري ودجاج الماء وطيور النورس المهاجر. يقوم أهالي القرية بمبادرات ذاتية بتقليم الأشجار والتعشيب حفاظا على الأحراش التي تحيط من جهات الشمال والغرب والجنوب، حيث أمنت بلدية "بئر عجم" التي تتبع لها قرية بريقة حاويات نظافة ووزعتها في مناطق مختلفة من القرية، ويقوم موظفو البلدية بجمع أكياس القمامة يومي السبت والثلاثاء صباحاً.
أما عن واقع التعليم فلقرية "البريقة" تجربة مميزة في هذا المضمار، إذ في سنة 1955 تم إرسال 25 طالباً من القرية بعد انتهاء مرحلة التعليم الابتدائي إلى جامع الأزهر في مصر على شكل بعثات داخلية لمتابعة الدراسة، من مدرسة الشهيد "يوسف عباس" الابتدائية التي بنيت منذ مئة عام، وتعتبر الرقم واحد من ضمن سبع مدارس في منطقة الجولان فقط، بنيت بسواعد أهل القرية وكانت أرضيتها خشبية عازلة، وتم تدميرها فترة الحرب.
تضم القرية الآن مدرسة ثانوية وأخرى للتعليم الأساسي (حلقة ثانية) إضافة إلى مدرستين للتعليم الأساسي (حلقة أولى) يميز "بريقة" ارتفاع نسبة المتعلمين وانخفاض مستوى الأمية فمستوى التعليم في القرية 90% وتحتوي على المدارس حتى المرحلة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي».
وعن قصة الاغتراب والهجرة يقول "المختار": «لهذه القرية مثل غيرها من القرى بالاغتراب في سورية 70% من المغتربين في أمريكا وروسيا والدول العربية، أما نسبة القاطنين بمدينة "دمشق" فتبلغ 40%».
رئيسة الوحدة الإرشادية بقرية "بريقة" المهندسة الزراعية "نجوى أنجوق" تحدثت لموقعنا عن واقع القرية الزراعي قائلة: «بلغ عدد الأراضي المروية /844/ دونماً وهناك عدة طرق للسقي منها طريقة الري الحديث /415/ دونماً بعملية التنقيط، والري التقليدي /374/ دونماً، وبالنسبة لتصنيف الأراضي 10000 دونم قابلة للزراعة، منها /2795/ دونماً مستثمرة، وغير مستثمرة /168/ دونماً، وغير قابل للزراعة /5389/ دونماً، مروج ومراعي /1166/ دونماً، والحراج /600/ دونم، وبالنسبة لتربية المواشي في القرية فقد بلغ عدد الأبقار 425 رأساً، وعدد الأغنام 1026 رأساً، والماعز 416 راساً، والنحل 818 خلية».
وتابعت المهندسة "نجوى" حديثها بالقول: «بلغ عدد الأشجار المثمرة في القرية /364/ دونماً، منها الزيتون /209/ شجرات، كرمة /45/ شجرة، جوز /25/ شجرة، أجاص/24/ شجرة، دراق /26/ شجرة، تين بعل /59/ شجرة، كرز /11/ شجرة، لوز /10/ شجرات، رمان /18/ شجرة، توت شامي وعادي /6/ شجرات».
من جهة آخرى وللتعرف على الواقع الخدمي لقرية "بريقة" وأهم المشروعات المنفذة والتي هي قيد التنفيذ حاليا حدثنا رئيس البلدية المهندس "محمد نافع زكريا" قائلا: «تبلغ مساحة مخطط القرية التنظيمي /210/ هكتارات، أرضها ذات طبيعة خصبة ولطبيعتها الخلابة الأثر الكبير في توافد الزائرين وبأعداد هائلة خاصة في فصل الربيع للتمتع بجمالية هذه القرية وبسبب سعة صدر أهلها واستقبالهم للزائرين في أراضيها الخاصة دون مقابل مادي، فإن عدد الزائرين يتضاعف عاما بعد عام، حيث تم حديثاً طرح قريتي "بئر عجم" و"بريقه" في سوق الاستثمار السياحي من قبل وزارة السياحة ومن أحد المستثمرين المغتربين لإنشاء منتجع سياحي صحي في قرية "بريقة" وتزويدها بجميع سبل الراحة ومتطلبات الحياة العصرية ليكون الحدث الأبرز سياحيا في محافظة "القنيطرة" وأما عن آلية هذا الطرح فهو كالآتي: «ترميم البيوت القديمة وإعادتها إلى وضعها السابق قبل العدوان الإسرائيلي، مع المحافظة على طابعها الأثري والعمراني ومن ثم تحويلها إلى منتجع صحي سياحي لإقامة العائلات».
وعن الواقع الخدمي في القرية تابع "زكريا": «القرية مخدمة 90% بالصرف الصحي والخط الرئيسي يصب فيه الصرف القديم والجديد، وبالتعاون مع شركة الدراسات الفنية بدمشق هناك مشروع قيد التنفيذ لمحطة معالجة للصرف الصحي للقرية، أما عن مشاريع التعبيد فإن الطرقات المنفذة لنهاية /2007/ هي /26/ كم معبدة وهي في حالة جيدة، أما مدخل القرية فهو قيد الانجاز وقد شارف على الانتهاء».
المستكشف الألماني "غوتليب شوماخر" ذكر في كتابه عن الجولان عام 1885متحدثاُ عن قرية "بريقة": «واحدة من أكبر وأفضل قرى الشركس عند السفح الشمالي لتل عكاشة، وتضم أكثر من 100 منزل أو 85 عائلة، أو نحو 425 شخصا من بينهم 68 رجلا محاربا، وتبهج هذه القرية، مثل غيرها من قرى الشركس، عيني الغريب بشوارعها الواسعة المستقيمة وأكوام القش الكبيرة ومسجدها الحسن البنيان، وفيها نبع ذو ماء بارد كالثلج يقع في شمالها، وبالقرب منه توجد بركة يروي ماؤها بساتين الشيخ الجيدة التنظيم. وسكانها مضيافون بصورة مميزة.
*عن مرجع في الجولان الصادر عن مركز الشرق للدراسات الدولية "دمشق"- سورية للأستاذ الباحث "تيسير خلف" بعنوان (جولة أثرية) صفحة/513/.