كان للحيوانات بشكل عام، بحكم مساعدتها لإنسان منطقة الفرات، في أعماله التي كان معظمها في الزراعة، النصيب الأكبر في أمثاله التي كثف فيها تجربته في الحياة، فاستخدمها للكناية عمَّا يريد إيصاله للآخر، مستخدماً بذلك بعض صفات هذه الحيوانات والطيور.
موقع eRaqqa التقى بتاريخ (13/12/2008)، الباحث في التراث الرقي، الأستاذ "خلف العلي"، الذي حدثنا عن بعض أمثال أهل "الرقة"، والتي كان موضوعها الطيور والحيوانات فقال: «كانت الطيور والحيوانات حاضرةً في أمثال أهل "الرقة"، فقالوها أمثالاً ما زالت تروى شفاهاً بين صغارهم وكبارهم، ويزيدها حلاوةً لهجتهم الفراتية المميزة، ومعرفتهم بحكم طبيعة الحياة التي يعيشونها، بخصائص تلك الطيور والحيوانات، وإسقاطها على البشر، ومن معرض أمثالهم في هذا الباب قولهم: (أسرع من الطير الطاير، والكلب الغاير)، إذ يقال هذا المثل في وصف اليافع الذي ينجز العمل الموكل إليه بسرعة الطائر، وسرعة انقضاض الكلب على عدوه، (أحسن ما تقوللها "حاه" اضربها واكسر رجلها)، ولفظة "حاه" تستخدم لتنبيه الدابة، ومعنى المثل أن من لا يفقه ولا يفهم، خسارة فيه الكلام والواجب تأديبه فوراً، أما قولهم (لا طير يطير ولا وحش يسير) فالمقصود فيه المكان المجدب الذي لا أنيس فيه، (فلان مثل غراب البين)، والغراب طائر كان بعض العرب يتطير منه، وأشهرهم كان الشاعر "زهير بن أبي سلمى"، والبين هو الفراق، ومعنى المثل أن بعض الأشخاص غير محظوظين، فيرافقهم سوء طالعهم بحيث أنهم كيفما جلسوا فلا بد من مصيبة تحل بذاك المكان».
(فلان ما عندو كبير إلا البعير)، ويضرب هذا المثل لمن لا يعرف الفرق بين كبر الجسم، وبين كبر المقام، فيظن خاطئاً لجهله أن كبير القدر والمقام هو كبير الجسم فقط، وقولهم (اللي يمازح البس، يتحمل خرمشتو)، فـ"البس" هو القط، ومعنى المثل أن من يمازح من يعرف أذيته، فعليه أن يتحمل كل ما يصدر عنه من أذى، (فلان مثل السعدان)، "السعدان" هو القرد، الذي يستطيع القيام بحركات لا يستطيعها الإنسان، ويضرب هذا المثل في وصف الشخص الذي يأتي بما هو غريب من الحركات، التي تكون غير مألوفة من البشر، وقالوا أيضاً (فلان نافش ريشو مثل الطاووس)، فمن المعروف عن هذا الطائر الجميل أنه يقوم أثناء موسم تزاوجه، بإبراز جماله لأنثاه، ويقال هذا المثل للشخص المغرور، الذي يتباهى دوماً
ويتابع "العلي" حديثه عن ورود الحيوانات والطيور في الأمثال الفراتية عموماً والرقية بشكل خاص بقوله: «أما قولهم (تعيش عمر النسر وتواسد أم عران) فالنسر كما هو معروف لكل أبناء البادية، من الطيور التي تعمر طويلاً، وأم "عران"، هي المرأة التي تضع خزاماً في أنفها، وكانت هذه الزينة غير متاحة إلا لبنات شيوخ العرب، ومعنى المثل، هو الدعاء لمن تحب بطول العمر، والزواج من المرأة ذات الحسب والنسب، (لو بيها خير ما عافها الطير)، ويضرب هذا المثل في الكناية عمَّا يجده بعض الناس عظيماً، وهو في حقيقة الأمر غير ذلك، وإلا كان هناك من وصل إليه من هو أسرع منهم أولاً، وقولهم (اِلحق البوم يدلك عالخراب)، فمن المعروف أنَّ طائر البوم، يسكن الخرائب، حيث لا يزعجه أحد، ولأن الطبيعة البشرية تألف الأنس، وتزهد عن الخراب، فإنَّ رفقة من يأخذك إلى حيث لا تحب غير مرغوب فيها، وقولهم (الكلب ما يحب إلا خناقو)، فيضرب لمن كان وضيعاً ولا يهاب سوى من يهينه، أما قولهم (الطول طول النخلة، والعقل عقل السخلة) فهو كناية عن عدم الحكمة في الحكم على الأشخاص من مظاهرهم، فقد يصادفك من هو ضخم الجثة، لكنه صغير العقل، والعكس صحيح».
ويختتم ضيفنا حديثه عن الحيوانات والطيور، في أمثال أهل "الرقة" فيقول: «(فلان ما عندو كبير إلا البعير)، ويضرب هذا المثل لمن لا يعرف الفرق بين كبر الجسم، وبين كبر المقام، فيظن خاطئاً لجهله أن كبير القدر والمقام هو كبير الجسم فقط، وقولهم (اللي يمازح البس، يتحمل خرمشتو)، فـ"البس" هو القط، ومعنى المثل أن من يمازح من يعرف أذيته، فعليه أن يتحمل كل ما يصدر عنه من أذى، (فلان مثل السعدان)، "السعدان" هو القرد، الذي يستطيع القيام بحركات لا يستطيعها الإنسان، ويضرب هذا المثل في وصف الشخص الذي يأتي بما هو غريب من الحركات، التي تكون غير مألوفة من البشر، وقالوا أيضاً (فلان نافش ريشو مثل الطاووس)، فمن المعروف عن هذا الطائر الجميل أنه يقوم أثناء موسم تزاوجه، بإبراز جماله لأنثاه، ويقال هذا المثل للشخص المغرور، الذي يتباهى دوماً».