تعتبر "الرقة" واحدة من أهم المحافظات السورية، في إنتاج الصوف الطبيعي الخام، والذي هو أحد أهم منتجات الثروة الحيوانية، ورغم المنافسة الشديدة التي يلقاها الصوف من الألياف الصناعية، وخاصة في السنوات الأخيرة، إلا أنه مازال محتفظاً بمكانته بين بقية الألياف الهامة في الصناعة، لأهمية خواصه الطبيعية، فهو يمتاز بالمتانة والمرونة وقوة الاحتمال، وهو عازل جيد للحرارة، ويلي القطن في أهميته بين الألياف الطبيعية.

موقع eRaqqa وبتاريخ (8/1/2009)، التقى السيد "فايز عطُّورة"، وهو صاحب محلات لبيع الصوف والقطن، في شارع "القنيطرة" المعروف بشارع "تل أبيض"، وبسؤاله عن أهمية تجارة الصوف في مدينة "الرقة"، تحدث قائلاً: «في الواقع إن تجارة الصوف في "الرقة"، تكاد تكون داخلية ومحصورة ضمن نطاق المحافظة، أي أن كمية الصوف الذي ينتجه مربُّو الأغنام، تباع بكاملها تقريباً لسكان "الرقة"، وسبب ذلك ليس قلة الإنتاج، بل زيادة الطلب على هذه المادة، وخاصة في الريف، حيث أن جميع أغطية النوم "اللحاف" والمراقد "الدوشك"، وفي كثير من الأحيان "الوسائد"، يفضل الناس صناعتها من الصوف، علماً أنها تستهلك كميات كبيرة منه، وإلى اليوم يعتبر شراء الصوف من أهم التجهيزات للزواج، وغالباً ما يتولَّى أهل العروس شراءه وتجهيزه من المهر المقدَّم لابنتهم، ويعدُّ الموسم المثالي لبيع الصوف في "الرقة"، هو ما بعد الحصاد، وذلك بسبب كثرة الزيجات في هذه الفترة، بسبب بيع المزارعين لمحاصيلهم، وتوفر السيولة النقدية لديهم، وانعكاس ذلك على كافة الفعاليات الاقتصادية في البلد».

بالإضافة لكوننا في مدينة "الرقة" نبيع الصوف الخام، إلا أننا نبيع إلى جانبه الصوف المغسول، والذي نشتريه من المحافظات الأخرى مثل "حلب" و"حماة" و"حمص"

وعن طريقة الحصول على الصوف، يحدثنا "العطورة": «هناك عدة طرق لبيع الصوف من قبل المنتجين، فأحياناً يقوم بعض تجار الصوف، بدفع سلفة نقدية لمربي المواشي، كجزء من قيمة الإنتاج، وذلك قبل موسم "الجَّز" بشهر تقريباً، وبعد إجراء عملية جز الأغنام، يستلم التاجر الصوف، بعد تحديد السعر وفق أسعار السوق الرائجة، وتسديد كامل قيمته، وأحياناً أخرى، يقوم بعض المربين المنتجين للأصواف، بوضع إنتاجهم من الصوف الخام، برسم الأمانة لدى المحلات التجارية في المدينة، بحيث يقوم أصحاب المحلات ببيع هذه الأصواف الخام على حساب المنتج، بعد الاتفاق على عمولة محددة، وتسمى هذه العملية البيع بالأمانة، وهناك طريق ثالثة، حيث يقوم بعض المنتجين بعد جز أغنامهم ببيع الصوف الخام إلى التجار مباشرة، أو للمستهلكين بحسب الأسعار الرائجة».

السيد فايز عطورة

وعن عملية جزِّ الصوف، يقول "العطورة": «جز الصوف يعني قص صوف الأغنام بمقصَّات يدوية تسمى "الزَّو"، أو باستعمال آلات جز كهربائية، تعمل بالكهرباء أو "الديزل"، وفي محافظة "الرقة"، عادةً ما تجزُّ الأغنام في الربيع، وتحديداً في منتصف شهر نيسان، عندما يميل الطقس للدفء، حيث يجب عدم جز الأغنام في الطقس البارد، كما ويجب عدم تأخيره لأن جز الأغنام في الطقس الحار يجعلها معرضة لحرارة زائدة، تؤدي لزيادة تعرق الحيوان، مما يؤدي إلى التصاق الصوف بالمقصَّات، كما وتكون سبباً في مضايقة الأغنام، وقد تؤدي الحرارة الزائدة إلى تساقط الصوف، ويعدُّ استعمال آلات الجز الكهربائية، أفضل بكثير من المقصات العادية، وذلك لأسباب عديدة منها، توفير الوقت والجهد، فجز رأس من الغنم آلياً، لا يستغرق أكثر من /5/دقائق، بينما يستغرق أضعاف هذه المدة في المقص العادي، إضافة إلى أن الطريقة الأولى تضمن الحصول على كمية أكبر من الصوف، فالجز الآلي لا يترك صوفاً على الجسم بحيث يتم الجز بالقرب من سطح الجلد، مما يزيد من كمية الصوف الناتج عن كل رأس، وهذا ما يؤدي لزيادة المردود، وبالتالي زيادة ربح المربي، وهو أكثر أماناً على سلامة الأغنام، فالجروح التي يمكن أن تنجم عن هذه الطريقة، عادةً ما تكون طفيفة، وتعالج بسهولة، على عكس الجروح التي يحدثها المقص العادي، حيث يضطر المربي في كثير من الأحيان، لذبح الأغنام المصابة، نتيجة بقر بطنها أو قص جزء من ضروعها، علاوة على أنه من الناحية الاقتصادية فإن الجز الآلي أوفر بكثير من العادي، حيث أن الأجرة تكون أقل».

وعن أنواع الصوف الذي تنتجه محافظة "الرقة"، يتحدث "العطورة بقوله: «هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأصواف التي تنتجها المحافظة، وهي صوف مواشي البدو، وصوف الشامية وصوف الجزيرة، وهي تختلف من حيث الجودة والملمس واللون، فأغنام البدو تعطي صوفاً يعتبر الأكثر جودة على الإطلاق، وذلك لأن البدو يختارون أفضل المراعي لمواشيهم، فهي ثروتهم الرئيسية التي يعيشون من خلالها، لذلك تراهم يبذلون جهداً كبيراً للحفاظ عليها، أما النوع الثاني فهو صوف أغنام منطقة الشامية، والشامية تعني الأراضي الواقعة جنوب نهر الفرات، وهي تتميز بخصوبتها وتوفر المراعي الطبيعية فيها، ويميل الصوف في هذه المنطقة إلى اللون الأحمر، وفي المرتبة الأخيرة يأتي صوف أغنام منطقة الجزيرة، وهي الأراضي الواقعة شمال النهر، ويتميز صوف الأغنام في هذه المنطقة بقصره، نتيجة قلَّة المراعي الطبيعية، واستعمال العلف الصناعي لتغذية المواشي، والصوف في منطقة الجزيرة ليس له لون محدد».

جز الصوف الآلي

وأخيراً يضيف "العطورة": «بالإضافة لكوننا في مدينة "الرقة" نبيع الصوف الخام، إلا أننا نبيع إلى جانبه الصوف المغسول، والذي نشتريه من المحافظات الأخرى مثل "حلب" و"حماة" و"حمص"».

مستودع الصوف