«انتظر أهالي مدينة "تل أبيض" وقراها إنجاز مشروع "الفرات"، الذي يروي قراهم بالمياه العذبة، وطال إنجاز المشروع، وقد تحول في النهاية إلى حقيقة ملموسة، وتم إنجازه ووضع في الاستثمار مؤخراً، ولم تكن مدينة "تل أبيض" بعيدة العهد عن مصادر المياه العذبة، وكانت تعتمد على مياه نبع "عين العروس" كمصدرٍ لهذه المياه، ويتشكل من مياه النبع نهر "البليخ"، أحد أهم روافد "الفرات"، كما أن أهالي المنطقة استخدموا مياه النهر في ري محاصيلهم، وإعمار حقولهم، إضافة إلى تأمين مصادر مياه الشرب.

واقتصرت المؤسسة العامة لمياه الشرب في إرواء المنطقة على الآبار الارتوازية، وهي في معظمها غير صالحة للاستهلاك البشري، وذلك بسبب ارتفاع نسبة ملوحة مياهها، وخاصة بعد أن أخذت مياه نبع "عين العروس" بالنضوب التدريجي مع مطلع التسعينات من القرن الماضي، إلى أن جفت تماماً في عام /1994/، ووفق هذه المعطيات، بدأت المؤسسة العامة للمياه بإطلاق مشروع إرواء مدينة "تل أبيض" وقراها بمياه "الفرات"، وذلك في ظل وجود مشاريع الاستصلاح الواسعة التي وصلت حدود المدينة».

لن يتوقف المشروع عند حدود القرى المستهدفة حالياً، والتي أُطلقت فيها المياه مع الانتهاء من كافة أعمال المشروع واستثماره، بل سنقوم خلال خططنا الاستثمارية السنوية، بإدراج القرى والتجمعات التي لم تشمّل بالمشروع ضمن مشروع مياه "تل أبيض"، وستصل المياه العذبة إلى كافة القرى التي أُنجزت فيها مشاريع مياه الآبار الارتوازية، أو تلك التي لم تصلها المياه أصلاً

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (13/6/2009) السيد "توفيق الحاج إمام" رئيس المركز الثقافي العربي في مدينة "تل أبيض"، أثناء حديثه عن مشروع إرواء مدينة "تل أبيض" وقراها بمياه "الفرات".

مروقات المياه

وتحدث السيد "أحمد الموسى"، من أهالي بلدة "سلوك"، قائلاً: «شمل مشروع مياه "تل أبيض" بلدة "سلوك" وبعض قراها ومزارعها، ولكنه استثنى بعضاً من هذه القرى والتجمعات، ومنها مجموعة القرى التي تروى من مشروع "بئر شمالي"، علماً أن المؤسسة العامة للمياه، كانت قد وعدت بإدراج كافة قرى المنطقة بمشروع "الفرات"، والاستغناء عن مياه الآبار الارتوازية.

كما أن بلدة "سلوك" وقراها المشمولة بالمشروع، لم تصلها المياه العذبة حتى تاريخه، رغم أنه وُضع بالاستثمار منذ عدة أشهر، وقد تقدمنا بشكاوى عديدة لإيصال مياه "الفرات" إلى البلدة، وسعت المؤسسة مراراً لإصلاح العطل وتمرير المياه، ولكن المياه لا تصل حتى تنقطع بعد ساعات، ولا زلنا بانتظار وعود مؤسسة المياه في وضع المشروع بالاستثمار الحقيقي».

مدير عام مؤسسة المياه

ويقول المهندس "عزيز زيدان"، معاون مدير عام مؤسسة مياه الشرب في "الرقة": «مشروع مياه "تل أبيض" له خطان، خط يروي مدينة "تل أبيض" وقراها، وهو قيد الاستثمار، وخط يروي بلدتي "سلوك" و"تل حمام" والقرى والتجمعات السكانية التابعة لهما، وفي هذا الخط تكمن مشكلة المشروع التي تعددت شكاوى المواطنين بشأنها، ويتلخص الإشكال في وجود وصلة بين قساطل الفونط المرن والبولي ايتيلين، واقعة ضمن الأراضي الزراعية، وهذه الوصلة عادة ما تدعم بمساند بيتونية، لحمايتها وزيادة مقاومتها، وقامت المؤسسة بتدعيم هذه الوصلة مرتين، ولكن وقوعها ضمن الأراضي الزراعية، ونتيجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية فيها، التي تسببت بلدونة الأرض وطراوتها، وبالتالي عدم ثبات وانهيار الدعائم البيتونية التي قمنا بتركيبها.

وسنقوم خلال الفترة القريبة القادمة، وبعد الانتهاء من موسم حصاد المحاصيل الشتوية، بإعادة تدعيم هذه الوصلة، عبر استبدالها بوصلة بولي ايتيلين طويلة خارج الأرض الزراعية، أو تسليحها بقضبان حديدية تحقق التماسك لهذه الوصلة، وستصل المياه إلى كافة التجمعات المشمولة بالمشروع».

نهر الفرات

وتحدث لموقعنا المهندس "عبد اللطيف الإبراهيم"، مدير عام مؤسسة المياه في "الرقة" قائلاً: «دأبت المؤسسة العامة لمياه الشرب في "الرقة"، وضمن خططها الاستثمارية السنوية، إلى إيصال المياه إلى كافة التجمعات السكانية في المحافظة، وبلغت نسبة تخديم المحافظة بمياه الشرب النقية نحو /93%/ من المجموع العام للسكان، إضافة إلى مشاريع صيانة واستبدال الشبكات القديمة، وتحديثها، وتنفيذ الخزانات العالية والأرضية، وحفر الآبار الارتوازية لإرواء التجمعات السكانية البعيدة، وقد باشرت المؤسسة منذ سنوات بأعمال تنفيذ محطة تصفية جديدة لتخديم مركز المدينة، وذلك في موقع "السباهية"، وذلك لرفد المحطة الحالية وتأمين مصادر المياه النقية للتوسع السكني في أحياء المدينة الجديدة، ووصل العمل في المشروع إلى مراحل متقدمة، ومشروع المحطة الجديدة لا يعتمد في تنقية المياه على مبدأ الآبار الارتشاحية، بل اعتمد على صيغة جديدة تحقق ذات المواصفات القياسية في جودة المياه ونقاوتها، ووفق أحدث الطرق المبتكرة في تنقية المياه وتصفيتها على مستوى العالم».

وحول مشروع إرواء مدينة "تل أبيض" وبلدة "سلوك" بمياه "الفرات" العذبة، أضاف قائلاً: «وصلت مشاريع الري الحكومية إلى مساحات واسعة من أراضي منطقة "تل أبيض"، وأمِل أهالي المنطقة أن تشمل هذه المشاريع مياه الشرب أيضاً، فأطلقت المؤسسة العامة لمياه الشرب مشروع إرواء مدينة "تل أبيض" وبلدة "سلوك" والقرى التابعة لهما من مياه نهر "الفرات"، علماً أن المؤسسة سبق لها إيصال مياه النهر إلى بلدة "عين عيسى" وريفها، وتم استثمار المشروع الذي استجرت مياهه من محطة ضخ "الهيشة"، التي تتوسط المسافة بين "الرقة" و" تل أبيض"، وتبعد عنهما نحو /45/ كيلو متراً بالتساوي، وكانت المؤسسة قد بدأت العمل بالمشروع منذ عدة سنوات، وانتهت كافة أعماله بداية العام الحالي /2009/، وتم إيصال مياه "الفرات" إلى مدينة "تل أبيض" وكافة القرى والمزارع والتجمعات السكانية التابعة لها».

وعن القرى المستفيدة من المشروع، وكلفته، ومكوناته الرئيسية، يقول "الإبراهيم": «الغاية من المشروع جر مياه نهر "الفرات" من أقنية الري الرئيسية، إلى الآبار الارتوازية في منطقة "تل أبيض"، تمهيداً للاستغناء عن هذه الآبار إلا في حالات الضرورة، ويبلغ عدد القرى المستفيدة من هذا المشروع المتكامل /163/ قرية، موزعة بين مدينة "تل أبيض" وبلدة "سلوك"، وبلغت الكلفة الإجمالية للمشروع قرابة /560/ مليون ليرة سورية، وهو يتألف من محطة ضخ للمياه الخامية بغزارة /1200/ م3 في الساعة، ومحطة أخرى لضخ وتصفية المياه النقية بذات الغزارة، وخط ضخ من الفونت المرن بطول /60/ كم، وشبكة خطوط من البولي إيتيلين طولها /45/ كم، إضافة إلى التجهيزات الميكانيكية والكهربائية ومجموعات الضخ والتوليد الاحتياطية، وأجهزة التعقيم، ومراكز التحويل الكهربائية، وبعد إطلاق هذا المشروع سيتم الاستغناء عن الآبار الارتوازية المستخدمة سابقاً، وعددها نحو /23/ بئراً، وسيقتصر استخدامها على الحالات الاضطرارية، وفي حال تدني منسوب مياه النهر، وزيادة استهلاك المياه».

وحول القرى التي لم يستهدفها المشروع، وإمكانية إضافتها وتزويدها لاحقاً بمياه "الفرات"، أجاب مدير عام المؤسسة، قائلاً: «لن يتوقف المشروع عند حدود القرى المستهدفة حالياً، والتي أُطلقت فيها المياه مع الانتهاء من كافة أعمال المشروع واستثماره، بل سنقوم خلال خططنا الاستثمارية السنوية، بإدراج القرى والتجمعات التي لم تشمّل بالمشروع ضمن مشروع مياه "تل أبيض"، وستصل المياه العذبة إلى كافة القرى التي أُنجزت فيها مشاريع مياه الآبار الارتوازية، أو تلك التي لم تصلها المياه أصلاً».