«الحرق عملية ضرورية من أجل تسهيل سقي الأرض، وتسهيل عملية فلاحتها وتخطيطها، استعداداً لبذرها في الموسم القادم، كما أننا نقوم بعملية الحرق لتكون بديلاً عن استخدام المبيدات الزراعية، خصوصاً بعد الارتفاع الذي لحق بأسعارها، حيث تأتي النار على حرق بذورات الأعشاب الضارة».

هذا ما ذكره الفلاح "أحمد العيسى" لموقع eRaqqa بتاريخ (20/6/2009) في معرض رده على سؤالنا عن أسباب عملية حرق بقايا محصول القمح.

بعد غلاء أسعار المواد العلفية صرنا نستخدم حصادات خاصة لجمع التبن للاستفادة منه كعلف لحيواناتنا، ونقوم ببيع الفائض منه، كمنج علفي للحيوانات

أما الفلاح "أحمد المصطفى" فله رأي آخر في عملية الحرق، إذ يقول: «بعد غلاء أسعار المواد العلفية صرنا نستخدم حصادات خاصة لجمع التبن للاستفادة منه كعلف لحيواناتنا، ونقوم ببيع الفائض منه، كمنج علفي للحيوانات».

عمليات الحرق تتم ليلاً

وتحدث المهندس الزراعي "محمود الشهاب" عن الأضرار البيئية والاقتصادية التي تلحقها عملية إحراق بقايا محصول القمح: «اعتاد الفلاحون على حرق بقايا محصول القمح والشعير في كل موسم، وذلك للإسراع في زرع المحاصيل التكثيفية، كاذرة الصفراء، والجبس، ولعملية الحرق أخطار كثيرة منها، أولها أنه يؤدي إلى حرمان الثروة الحيوانية من المواد الغذائية، وبقايا التبن، والتي تعتبر من أهم المصادر الغذائية الممتازة لكافة الحيوانات، وكذلك يؤدي الحرق إلى فقدان المادة العضوية المتواجدة بالطبقة السطحية، والتي تسمى الطبقة "الزراعية"، أيضاً فقدان الأرض من المادة "العضوية" التي من المفترض أن تنتج بعد ترك بقايا المحصول، يؤدي الحرق إلى هدم بنية التربة، ويحولها لتربة جبسية لا فائدة منها».

ومن أهم الأضرار قتل عدد كبير من "الديدان" و"الكائنات البكتيرية الآزوتية" التي تساعد في تثبيت "الآزوت" الجوي في التربة، وهي مادة ضرورية لخصوبة التربة، والتي تقوم بتحليل بقايا المحاصيل السابقة، وتحويلها إلى عناصر غذائية نافعة، والتي تؤدي بدورها إلى تحسين قوام التربة، ولها عدة أنواع، وتندرج تحت تسمية "البكتيريا النافعة" والتي تقوم بتحليل هذه البقايا إلى "سيللوز" ونشاء وحديد ونحاس وفوسفور، وننصح عادة الأخوة الفلاحين بإضافة كميات كبيرة من السماد "الآزوتي" في حال فقدان هذه المواد العضوية.

محصول القمح بعد الحصاد

ويتابع "الشهاب" في ذات السياق قائلاً: «تؤدي عملية الحرق التي تنتشر بكثرة في هذه الأيام إلى تلوث البيئة، نتيجة حرق "الأوكسجين"، وزيادة كمية الغازات الضارة، والمنبعثة من الحقول المحروقة، ومنها غاز أول أوكسيد الكربون وغاز ثاني أوكسيد الكربون، مما يؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة، والذي يؤدي بدوره إلى تخريب طبقة "الأوزون".

ويمكن أن يؤدي الحرق إلى كوارث اقتصادية كبيرة، منها وصول ألسنة النار إلى حقول الجوار التي لم تحصد بعد، أو إلى الإضرار بباقي المحاصيل المزروعة بالقطن والخضروات».

ألسنة اللهب ممكن أن تكون مصدراً لحريق في حقل لم يحصد بعد

وحول البدائل عن عملية الحرق، والأساليب التي بواسطتها يمكن تجنب الأضرار السلبية، والطرق التي يمكن من خلالها الاستفادة من بقايا المحاصيل، يتحدث لموقعنا المهندس الزراعي" بشير الهوها"، قائلاً: «يلجأ الفلاح في أحيانٍ كثيرة لعملية الحرق، بسب تكاليف نقل بقايا المحصول، كذلك لعدم وجود آلات مختصة بجمع بقايا المحاصيل، وبحرق بقايا محصول القمح أو الشعير نخسر من كل هكتار واحد ما متوسطه من /3/ إلى/4/ طن من التبن، والأنكى من ذلك الأضرار التي تخلفها عملية الحرق تلك».

ويضيف "الهوها": «العملية الإرشادية التي تقوم بها الوحدات الإرشادية، إضافة لوسائل الإعلام، ودورها التوعوي في تنبيه الفلاح على أضرار عملية الحرق غير كافية لدرء هذه المشكلة، بل يجب سن قوانين وتشريعات ناظمة للحد من هذه الظاهرة، أضف لذلك أنه يجب تشجيع المستثمرين لاستثمار هذه الكميات الهائلة من مادة التبن، والتي يمكن أن تستخدم في صناعة الورق والكرتون المقوى أو ورق الجرائد، أو بالإمكان القيام بتصديرها كعلف للكثير من الدول التي لا تزرع القمح والشعير. ويمكن صنع أو استيراد آلات خاصة بجمع بقايا المحاصيل.

وكثيراً ما يلجأ الفلاح للقيام بعملية الحرق بسبب ارتفاع أجور الفلاحة، وأسعار الآلات الزراعية وملحقاتها، وعمليات سقاية الأرض، والذي نتج عنه غلاء في أسعار المحروقات، حيث أن الحقل غير المحروق لا يمكن زراعته إلا بفلاحتين متتاليتين، مما يضاعف التكاليف على الفلاح، ويسبب تأخر زراعة المحاصيل التكثيفية، ويلجأ الفلاح في هذه الحالة إلى الحرق، اختصاراً للزمن وعمليات الفلاحة، علماً أن كثير من الأخوة الفلاحين قد عزفوا عن زراعة بعض المحاصيل التي تعتمد في ريها على المحروقات».