تقع قرية "ريمة اللحف" على طرف "اللجاة" الجنوبي، وهي إحدى قرى "جبل العرب" التي حافظت على غناها الأثري الذي مازال مسكوناً منذ انتشار الديانة المسيحية الأولى، حيث تميزها كنيسة رومانية، وبرج أثري دفن فيه كبار الرهبان.
مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار "وليد أبو رايد" يوم الخميس الواقع في 17 نيسان 2014، فحدثنا عن تاريخ السكن في القرية، وكيفية بنائها بالقول: «تتميز القرية القديمة في "ريمة اللحف" ببقائها حية بسكانها حتى الآن، حيث ما زال الناس يرممون منازلهم القديمة، ويسكنون فيها وفق الشروط المعتمدة من قبل السلطات الأثرية للحفاظ على النسيج العمراني التراثي، حيث تشكل الكنيسة والبرج نواة هذا النسيج، وتعد هذه القرية من أكبر قرى منطقة "اللجاة" من حيث المساحة وعدد السكان، ويمر بقربها من الغرب طريق "بصرى – دمشق"، سميت بهذا الاسم نسبة إلى اللحف الصخرية المكوّنة لصبة "اللجاة" البازلتية التي تشكلت نتيجة آخر ثورة بركانية في الجبل من فوهات تلال مدينة "شهبا" التي قذفت حممها نحو الشمال الغربي. وعندما ازدهرت الحضارة الغسانية، وانتشر الدين المسيحي، سارع السكان لاعتناقه وتبنيّه ونشر تعاليمه في المنطقة، وبنوا من أجل ذلك الكنائس والأديرة، وتأهيل المعابد الوثنية الرومانية السابقة. وعدّلوا بعض المخططات السابقة والتقسيمات الداخلية لتلائم شعائرهم الجديدة، وأضافوا كتلاً معمارية أخرى على الأبنية القديمة».
تتميز كنيسة "ريمة اللحف" بصمودها في وجه الزمن حتى الآن، وما زالت الشعائر الدينية رغم اختلافها تمارس في أرجائها، ومخطط الكنيسة يعود إلى عصر أقدم من المسيحية، حيث الفراغ الذي يتجه غرب شرق بحجاز وحيد، ومدخل من جهة الجنوب، يلحق به غرف خدمات من الناحية الشمالية، وتتقدمها جنوباً ساحة واسعة مبلّطة بالبازلت. وقد أضيفت إلى الواجهة الجنوبية رموز مسيحية حافظ عليها السكان حتى اليوم كما هي احتراماً لتاريخها العريق
تحولت الكنيسة الرومانية إلى معبد إسلامي في العصور اللاحقة، غير أن السكان حافظوا على شكل الكنيسة وكل رموزها وزخارفها، حيث يصفها "أبو رايد": «تتميز كنيسة "ريمة اللحف" بصمودها في وجه الزمن حتى الآن، وما زالت الشعائر الدينية رغم اختلافها تمارس في أرجائها، ومخطط الكنيسة يعود إلى عصر أقدم من المسيحية، حيث الفراغ الذي يتجه غرب شرق بحجاز وحيد، ومدخل من جهة الجنوب، يلحق به غرف خدمات من الناحية الشمالية، وتتقدمها جنوباً ساحة واسعة مبلّطة بالبازلت. وقد أضيفت إلى الواجهة الجنوبية رموز مسيحية حافظ عليها السكان حتى اليوم كما هي احتراماً لتاريخها العريق».
وللبرج حكاية أخرى؛ فإضافة إلى أنه كان برجاً عسكرياً للمراقبة، تحول طابقه السفلي إلى مقبرة، حيث يصفه "أبو رايد" بالقول: «بني البرج على طرف الساحة الجنوبي الغربي من حجارة بازلتية منحوتة بعناية فائقة، يعود إلى منتصف القرن الثالث، ويتألف من ثلاثة طوابق؛ بني الطابقان الأول والثاني بنفس الأسلوب، والأخير أضيف لاحقاً من خلال شكل الحجارة وأسلوب النحت. يمكن الدخول إلى الطابق الأرضي من الناحية الغربية، حيث استخدم هذا الطابق كمقبرة للأسرة التي صممته وفقاً للطراز المعماري التقليدي المعروف في الجبل آنذاك، حيث وضعت معازب الدفن في الجدران الثلاثة (الشرقي، والشمالي، والجنوبي)، وهي ثوابت حجرية منحوتة ضمت رفاة المتوفين من سكان المكان وقديسيها، أما الطابق الثاني فاستخدم كخلوة دينية لأنه عبارة عن غرفة واحدة فقط.
واللافت أن ساكف الباب تم تفريغه وأصبح يشبه التابوت تماماً، والطابق الأعلى المضاف لاحقاً أعطى البرج ارتفاعاً إضافياً ليتم استخدامه في مراقبة الذين استهدفوا المسيحيين في ذلك الوقت من قطاع الطرق والبدو المرابطين على طول القرى الغربية المحاذية لصبة "اللجاة". وقد أجرت دائرة آثار "السويداء" خلال السنوات الماضية تنقيباً سريعاً في الموقع لتحديد امتداداته بغية استملاكه، وقامت بتنظيف محيط البرج وتسهيل الدخول إليه، وتوثيقه بالصور والمخططات».
وصف الدكتور "علي أبو عساف" الباحث المشهور في الآثار برج القرية، قائلاً: «يعود هذا المدفن البرجي إلى المدعو "سيلي ستانيوس"، تم بناؤه في منتصف القرن الثالث أي بعد تأسيس القرية، يتألف من ثلاثة طوابق، وفوق مدخله تابوت استخدم للدفن. يخترق الدرج طرف المصطبة، أو قاعدة البرج، ومن الدرج نصل إلى مدخل حجرة الدفن الأولى التي تحتوي في حيطانها معازب الدفن، ومنها نصعد إلى الطابق الثاني وهو حجرة مخصصة على ما يبدو لمراسم الدفن، والطقوس الدينية. تزين زوايا هذا الطابق الدعامات التي تتوجها تيجان إيوانية جميلة، تحمل السفار. والكتابة اليونانية غير تامة، وفيها اسم صاحب هذا الضريح أو البرج».