أنواع عديدة من الطيور النادرة بنت لها طرقاً في فضاء "اللجاة"، تهاجر وتعود منذ مئات السنين وحتى اليوم، إلا "الحجل" الذي استوطنها دائماً متجاوزاً ظروف الصيد الجائر ووعورة الطبيعة.

فريق الاستكشاف في مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 حزيران 2015، خلال رحلته لاستكشاف أهم أنواع الطيور النادرة في منطقة "اللجاة" التقى المزارع "توفيق مهنا"، ويقول: «شاهدنا في فضاء المحمية طائراً أبيض ذا جناحين كبيرين، الذي لم يكترث لوجود أعضاء الفريق، حيث دار دورات متعددة وغادر المكان، وكان على الأغلب طائر "الباشق"، الكثير من الطيور تبقى في فضاء "اللجاة" حتى يحل الخريف، تتكاثر هنا سنوياً وتأخذ معها طيورها وترحل، حيث تعد المنطقة مكان الخصب بالنسبة لتلك الطيور بسبب ما توفره لها من حماية طبيعية، والغريب أن هناك طيوراً أخرى تسكن "اللجاة" في الشتاء وتهاجر عندما يحل الربيع، ولا نعرف أسماءها أو وصفها بدقة لأنها تحتبئ عندما ترى أي غريب، أما الطيور المألوفة مثل "الحجل" و"الفري" فهي مستوطنة على الرغم من معرفتها المسبقة بوجود الصيادين الذين يستهدفونها».

ومنها ما يدعو للدهشة وهو طائر "نسر الثعابين السوري" النادر في العالم، ولا يوجد في العالم من صنفه إلا في "روسيا" و"قبرص" بأعداد لا تتجاوز أصابع اليد، ومن الأشياء التي تؤثر بهذه الطيور؛ الصيد الجائر وتخريب البيئة الجميلة النادرة في "اللجاة"، وهو ما يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع النادرة

تعود أقدم الوثائق التي تتحدث عن "طيور اللجاة"؛ تلك التي ترجمها وحققها الكاتب "كمال الشوفاني" عن مغامرة الرحالة "وليم رايت" في العام 1874، إلى "خرائب الباشان" كما كان يطلق على "السويداء" قديماً، وفيها قال: «كان "رايت" يقطع لحف "اللجاة" عندما اصطادوا طائر "الحجل اليوناني" المستوطن الوحيد من طيورها الكثيرة، وقد وصف بذكائه الشديد وقدرته على المناورة والاختباء، وبأنه كبير وأقوى من "الحجل الإنكليزي"، لكن صيده كان في متناول اليد لكثرته من جهة ولأن الصيد كان مسموحاً ولا حظر عليه كما هو الأمر في "إنكلترا" بلد الرحالة في ذلك التاريخ البعيد».

الباحث وجيه القنطار

أما الباحث في الطيور المهندس "وجيه القنطار" الذي استعان فيه فريق الاستكشاف في رحلته، فيقول: «تم مسح الطيور في محافظة "السويداء" رسمياً في "محمية اللجاة" بعدة مراحل عام 2010 من قبل باحثين محليين تابعين لمشروع حفظ التنوع الحيوي وباحثين من الجمعية الملكية البريطانية، وتبين لنا وجود 41 نوعاً من الطيور التي تأتي في فترات محددة وتهاجر إلى أمكنة أخرى بعد أن تضع بيوضها هنا، وتعتني بها حتى يشتد عودها ليتابع الجميع طريقه نحو الخط المعتاد على مدار السنة، "واللجاة" أرض خيّرة وآمنة للطيور بسبب جغرافيتها المعقدة والوعرة التي تجعل الطيور تتآلف مع الحياة وتستطيع الاختباء ضمن هذه التضاريس المعقدة في حال اكتشفت وجود الصيادين.

يمر من المحمية "طريق الحج" ويعدّ بيئة مهمة للطيور المهاجرة والمقيمة، فالطيور تحتاج إلى مكان آمن تحط فيه بعد عناء سفر طويل، فكانت هذه الأرض محمية طبيعية فيها كل المواصفات لذلك، ويوجد فيها نبات "السويد" الذي تعد ثماره مصدر غذاء وشراب لأغلب الطيور؛ ففيها ندوة عسلية تروي الطيور، وتكثر فيه أنواع النباتات والقوارض الصغيرة التي تعد من الأغذية المهمة لعدد من الطيور».

نسر الثعابين السوري

وأكد "القنطار" أن عملية مسح الطيور الشاملة للمحمية التي انتهت في شهر أيلول عام 2010 بينت أن طائر "الحجل" هو الوحيد المستوطن فيها من بين أكثر من 50 صنف من الطيور المهاجرة، ويقول: «ومنها ما يدعو للدهشة وهو طائر "نسر الثعابين السوري" النادر في العالم، ولا يوجد في العالم من صنفه إلا في "روسيا" و"قبرص" بأعداد لا تتجاوز أصابع اليد، ومن الأشياء التي تؤثر بهذه الطيور؛ الصيد الجائر وتخريب البيئة الجميلة النادرة في "اللجاة"، وهو ما يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع النادرة».