موهبة فنية طوّرها "مهران أبو صعب" بجهوده المميزة، ودعم مالي حصل عليه من قروض صغيرة، يسرت فرصة الحصول على معدات العمل الذي لبى من خلاله احتياجات جهات متخصصة، وأشخاص ذواقين للفن.
الشاب الذي درس النحت من خلال المعهد المتوسط للفنون التطبيقية، عرف باكراً أن الفن طريقه للعمل، لكن الوسائل كانت بعيدة المنال، حتى باشر بأعمال متفرقة أسست لحرفته وورشته الخاصة؛ كما تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 أيار 2019، وقال: «بيدي طفل صغير وعفويته عجنت الجبس والمواد القابلة للتشكيل وإنتاج مجسمات، حيث اختبرت تفاصيل نقلتها ذاكرتي في تلك المرحلة، لكن في المرحلة الإعدادية تعلقت برسم الكاريكاتور.
يكفي أن تعرض الفكرة عليه لتجد لديه تصميماً أولياً للعمل مع اختلاف المواد وتنوعها، لكون "مهران" بحسه الفني يتعامل مع أنواع جميلة من المواد، ويتمكن من إنتاج ما يطلب من أشكال وتصاميم جميلة. فقد نفذ "مهران" لوحات نافرة ومجسمات قديمة ومشهورة من خلال ورشته بصبر وتأنٍّ، ولقربي منه تعرفت إلى موهبته الكبيرة، ومقدرته على إدارة العمل، وإنجاز أصعب التصاميم وإضفاء لمسات فنية مؤثرة. ورشته تتجدد وأعماله كذلك تبعاً لتجدد أفكاره التي جعلته متفوقاً بشهادة كل من تعامل معه. وما قدمه مؤخراً أثبت الكثير من رؤاه، على الرغم من قسوة الظروف التي اجتازها بعمل كثيف وصادق مع كل من طلب خدماته الفنية والعملية
في ذات المرحلة كنت أرسم بقلم الرصاص والفحم لوحات عالمية، أذكر منها للفنان العالمي "دافنشي"، ولوحة "البحارة"، ثم انتقلت إلى التجسيم عبر النحت بأدوات منزلية بسيطة على قطع "جبس" مرمية كفضلات لأعمال الديكور، جربت بها الكثير من أنواع الحفر وطرائقه، وتشكيل قطع بارزة كانت تعني لي الكثير. خلال الدراسة الثانوية تعلقت برسم البورتريه وتجسيمه على "الجبس" بالطريقة السابقة، كانت مرحلة شاقة، لكنها ممتعة تبعاً لعفويتها والمهارات التي استطعت اكتسابها بمفردي، وكان لدي الوقت للتدريب والتجربة بما يرضي طموحي لتكون إحدى عتبات المستقبل القادم التي انطلقت منها.
وعليه كانت دراسة النحت في المعهد المتوسط للفنون التطبيقية حالة طبيعية، استكملت من خلالها التعليم الأكاديمي، والاستفادة من مهارات هيأتها الدراسة، وتأكدت بحصول مشروع تخرجي على علامة عالية تبعاً لتميزه».
ورشته الأولى عبارة عن خيمة على سطح المنزل، وأدوات بسيطة حولها إلى ورشة أكبر يقصدها كل من احتاج إلى خدماته الفنية ومجسماته، وقال: «تابعت العمل بعد التخرج ضمن الظروف المتاحة التي لم أجد لها بديلاً مع أي عمل آخر، مع العلم أن فرص العمل كانت محدودة، وبقيت رغبتي دائماً مرتبطة بتطوير هذا العمل، والحصول على ما يساعدني في التعبير عن مواهبي، ليكون فرصة للعمل، وفي ذات الوقت مجالاً لتطوير تجربتي الفنية، لكن حاجة العمل تفوقت؛ لأبدأ البحث عن مصادر لتطوير ورشتي التي أصبحت محور الاهتمام، والمجال الرحب لعمل منتج، وكان لا بد من البحث عن مصادر للدعم.
ومنذ عدة سنوات تعرفت إلى برنامج "مشروعي"، واطلعت على نوعية الخدمات التي يقدمها للشباب، ومن أراد الحصول على عمل وتأسيس مشروع صغير، وحصلت على قرض صغير ساعدني بالحصول على إحدى المعدات الضرورية للعمل، وبعد مدة حصلت على قرض ثانٍ هيأ لي الحصول على معدات إضافية، وكان لهذه القروض فائدة كبيرة بالنسبة لعملي الذي أخذ يتطور لتتكون الورشة وتشق طريقها للوصول إلى أصحاب العمل، ومن لديه رغبة وحاجة للاستفادة من المجسمات التي أنجزها.
تكوين الورشة استهلك الجهد والوقت، فبعد أن كان عبارة عن خيمة على سطح منزلي، طورتها لتكون إحدى الورشات المعروفة؛ مع أنها بقيت ورشة متواضعة للغاية، أقدم من خلالها تحفاً نحتية (جصية)، إضافة إلى أعمال الديكور النحتي باستخدام خامات أخرى أبرزها (الريزين، الفايبر غلاس)، والإسمنت.
حلم كان لا بد من تحويله إلى واقع لأتمكن من ممارسة عملي بطريقة مناسبة، فقد كانت تأتيني طلبات لتشكيل مجسمات من مواد متنوعة وأشكال مختلفة كنت أضع لها تصاميم وفق حاجة الجهة التي تطلبها من حيث الحجم والمادة والعدد، وأعطيها الوقت اللازم، وأجري اختباراتي لاستخدام مواد ذات جودة عالية للاستمرار بجمالية وأناقة، وكان هذا خلف زيادة الطلب واكتساب الثقة لتتسع الورشة وأتعاون مع شبان جدد عندما تكون الطلبيات لمشاريع كبيرة».
ويضيف: «لقد أمنت الورشة دخلاً أعتاش منه وأسرتي الصغيرة، لكن هذا الدخل ليس ثابتاً، فأنا أتأثر جداً بالأزمة التي نمر بها، وإنتاجي يعدّ من الكماليات في ظل أولوية لقمة العيش لدى أوسع شريحة في المجتمع، لكن ما يعزز العمل وجود أشخاص يقتنعون بأهميته وإضافته لتزين أبنية وصالات مطاعم وقاعات وغيرها؛ وهذا ما أجهد لتطويره للمحافظة على تطوير دائم، وإنتاج قابل للزيادة التي تحقق حالة الاستمرارية والثبات.
لكن طموحي الذي يتلاقى مع المشروع يرتبط بضمان استقرار مادي كبير يساعدني على إنتاج من دون طلب مسبق؛ أي أنحت ما تمليه عليّ المخيلة، خاصة أن لهذا العمل الذي أنجزه مجالات كبيرة في "السينوغرافيا" الديكور المسرحي التلفزيوني والسينمائي، ولدي أعمالي الخاصة الخشبية والحجرية والنصب التي لم أتمكن من إكمالها بسبب نفقات الإخراج النهائي لها، فإذا كان قرض بسيط ساعدني للانطلاق والعمل، فإن مشروعي القادم التوسع بهذه الطريقة».
المهندس الزراعي "وهيب السعيد" اقتنى جزءاً كبيراً من إنتاجات ورشة "مهران"، ولديه اطلاع على طبيعة عمله ولمسته الفنية، وقال: «يكفي أن تعرض الفكرة عليه لتجد لديه تصميماً أولياً للعمل مع اختلاف المواد وتنوعها، لكون "مهران" بحسه الفني يتعامل مع أنواع جميلة من المواد، ويتمكن من إنتاج ما يطلب من أشكال وتصاميم جميلة.
فقد نفذ "مهران" لوحات نافرة ومجسمات قديمة ومشهورة من خلال ورشته بصبر وتأنٍّ، ولقربي منه تعرفت إلى موهبته الكبيرة، ومقدرته على إدارة العمل، وإنجاز أصعب التصاميم وإضفاء لمسات فنية مؤثرة. ورشته تتجدد وأعماله كذلك تبعاً لتجدد أفكاره التي جعلته متفوقاً بشهادة كل من تعامل معه. وما قدمه مؤخراً أثبت الكثير من رؤاه، على الرغم من قسوة الظروف التي اجتازها بعمل كثيف وصادق مع كل من طلب خدماته الفنية والعملية».
ما يجدر ذكره، أن "مهران أبو صعب" من مواليد عام 1976، "مخيم اليرموك"، مشارك بمعارض الشباب في "دمشق" ثلاث مرات، وعدد من المعارض المحلية، مقيم ويعمل في قرية "المجيمر" بـ "السويداء".