أخذ المهتمون بالزراعة يوصون باستعمال الأسمدة العضوية لزيادة الإنتاج إلى أن ظهرت الأسمدة المعدنية فقل اهتمام المزارعين بالأسمدة العضوية وانصرفوا للتسميد الكيمياوي نظراً للنتائج السريعة التي يعطيها هذا النوع من الأسمدة.

ولكن نتيجة الاستمرار باستعمال الأسمدة الكيمياوية دون الأسمدة العضوية بدأ المزارعون يلاحظون تراجع الإنتاج وانخفاضه ما دعا المهتمون بالزراعة للتفكير بأسباب هذه الظواهر وبنتيجة بحثهم عرفوا أن السبب في كل هذه الظواهر هو انخفاض أو انعدام نسبة المادة العضوية في التربة فعادوا من جديد يؤكدون ضرورة استخدام الأسمدة العضوية في الزراعة للعودة بالأرض إلى وضعها الجيد المنتج.

منذ أن استخدمنا الأسمدة العضوية ارتفع إنتاجنا الزراعي وعلى سبيل المثال التفاح، إذ كنا قبل استخدام الأسمدة العضوية وعلى مدار عامين يتذبذب الإنتاج بين عام وآخر وهذا تذبذب يقال عنه "معاومة" إذ كان الإنتاج في سنة الحمل الغزير تتراوح بين 1.5 طن إلى 2 طن من التفاح وفي السنة التالية ينخفض إلى النصف تقريباً ما بين 700 كغ و1 طن ومع انتظام استخدام الأسمدة العضوية تم تقليل هذه الفجوة بالإنتاج بين سنة وأخرى أي في سنة الإنتاج الخفيف ارتفع الإنتاج بنسبة 20 إلى 25%

حيث أكد معظم الباحثين أن استخدام مخلفات الحيوانات كأسمدة عضوية يساهم في توفير وزيادة الإنتاجية الاقتصادية قياساً مع الأسمدة الكيماوية.

المزارع محمد عماد

"مدونة وطن" eSyria التقت المزارع "محمد عماد" الملقب "أبو سعيد" من أبناء محافظة "السويداء" والذي تحدث عن استخدامه الأسمدة العضوية بالقول: «منذ أن استخدمنا الأسمدة العضوية ارتفع إنتاجنا الزراعي وعلى سبيل المثال التفاح، إذ كنا قبل استخدام الأسمدة العضوية وعلى مدار عامين يتذبذب الإنتاج بين عام وآخر وهذا تذبذب يقال عنه "معاومة" إذ كان الإنتاج في سنة الحمل الغزير تتراوح بين 1.5 طن إلى 2 طن من التفاح وفي السنة التالية ينخفض إلى النصف تقريباً ما بين 700 كغ و1 طن ومع انتظام استخدام الأسمدة العضوية تم تقليل هذه الفجوة بالإنتاج بين سنة وأخرى أي في سنة الإنتاج الخفيف ارتفع الإنتاج بنسبة 20 إلى 25%».

وحول مكونات بقايا الحيوانات أوضح الباحث المهندس "طلعت عامر" رئيس شعبة فيزياء وكيمياء التربة في مركز البحوث العلمية الزراعية بالقول: «تكمن أهمية إضافة الأسمدة العضوية في دورها الأساسي في تحسين خواصها الفيزيائية والكيمائية للتربة والذي ينعكس على بناء التربة وتحسين نشاطها الحيوي ما يؤدي إلى سهولة حركة العناصر الغذائية وامتصاصها من قبل النبات، لأن تربتنا الجبلية هي ذات طبيعة معدنية وبالتالي فهي تحتاج إلى أسمدة عضوية لتطوير إنتاجيتها، والأسمدة تختلف من حيوان لآخر فكلما صغر حجم الحيوان كلما كانت مخلفاته أكثر فائدة.

الباحث الدكتور بيان مزهر

فقد تحتوي بقايا الأغنام والماعز على مادة جافة أكثر من بقايا الأبقار إذ تحتوي البقايا الصلبة للأغنام على 35% مادة جافة وعلى 13% مادة جافة في الفضلات السائلة، أما في البقايا الصلبة للأبقار فتصل نسبة المادة الجافة إلى 16% وفي البقايا السائلة 6% مادة جافة، إن احتواء بقايا الأغنام على نسبة مادة جافة أكثر منه عند الأبقار لذلك فإن تفككها يكون أسرع ويؤدي إلى إطلاق طاقة كبيرة، أما احتواء بقايا الأبقار على كميات كبيرة من الماء فيخفف من سرعة تفككها وترتفع درجة الحرارة عند التفكك ببطء وتسمى هذه الأسمدة "الأسمدة الباردة"، وعند إضافة بقايا المحاصيل والأشجار المثمرة إلى بقايا الحيوانات يقل فقد الآزوت منها وتتحسن نوعيتها إضافة إلى أن هذه المخلفات التي تحتوي على مواد غذائية تصبح متاحة للنبات بعد تخمرها مع بقايا الحيوانات و بالتالي تتوافر كميات أكبر من السماد العضوي، كما أن بقايا المحاصيل والأشجار تعمل على امتصاص الفضلات السائلة والاحتفاظ بها وهي تحسن من الخواص البيولوجية للسماد».

وحول الأهمية العلمية التطبيقية لتطوير الإنتاج الزراعي باستخدام الأسمدة العضوية بين الباحث الدكتور "بيان مزهر" رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية بالسويداء بالقول: «للحصول على منتج زراعي نظيف وخال من الآثار غير المرغوب بها من الأسمدة المعدنية والكيمائية المصنعة بينت التحاليل العلمية لمخلفات الأبقار الكبيرة بأنها تنتج 20-30 كغ بقايا صلبة يومياً وبشكل وسطي 25 كغ، وبعد التخمير ينتج السماد العضوي نصف المتفكك يفقد من وزنه الأساسي 20-30% وبالتالي كل طن يعطي 700-800 كغ سماد، والسماد العضوي المتخمر يفقد 50% من الوزن الأساسي وبالتالي كل طن يعطي تقريباً 500 كغ.

أحد الحقول المسمدة

إن الفرشة من القش وغيره التي توضع تحت الأبقار يحصل فيها بعض التغيرات أثناء التخزين حيث يحدث تفكك للمواد الصلبة والقش وتعطي مواد غير معقدة بشكل خاص الآزوت الأمونياكي الناتج من المركبات البروتينية المعقدة، ومن جهة أخرى تحدث تفاعلات تركيبية مثل تحول الآزوت الأمونياكي إلى بروتينات في أجسام الأحياء الدقيقة وهناك جزء من آزوت الأمونيوم يكون الشكل الأميدي للآزوت، وإن آزوت الأمونيوم يفقد بشكل رئيسي عند تفكك البول لأن البول يتفكك بشكل أسرع من الجزء الصلب في البقايا الحيوانية، وإن جميع مركبات الآزوت في البقايا السائلة يمكن أن تتفكك وتنتج غاز النشادر أثناء التخزين، وهذا يعد أهم بند من بنود فقدان الآزوت خاصة في حالة التخزين غير الصحيح.

وبالتالي إن تفكك البقايا العضوية يؤدي على تكوين أحماض عضوية ومواد عضوية ذات سعة امتصاص عالية حيث تكون نسبة هذه الأحماض أكبر في حالة التفكك البطيء وتعمل على تثبيت الآزوت، وعندما يكون التفكك سريعاً تقل المواد التي يمكن أن تمتص الآزوت الناتج، بالتالي فإن تكاليف السماد العضوي الطبيعي بعد الإجراءات أقل من تكاليف الأسمدة الكيماوية التي تحمل تكاليف باهضة وتعود بريعيتها على الإنتاجية العالية لما فيه من مواد تدخل في انخفاض تكاليف الإنتاج وتحسين في خواص المنتج الزراعي».