«النساء لهن الحضوة والاحترام، ليس فقط في قريتي "عرى" بل في جبل العرب بشكل عام، ووصول ست نساء لإدارة مراكز القرية خطوة حضارية، تعزز وجودنا وتشعرنا بمحبة المجتمع ورغبته الصادقة بمشاركة المرأة في الحياة الإدارية والاجتماعية».
الحديث للمحامية "سناء فضل الله حمزة" رئيسة مجلس قرية "عرى" التي تبعد 12 كم عن مدينة "السويداء" لموقع eSuweda الذي زار القرية، وحاور السيدات بتاريخ 7/9/2009 خلال لقاء نسائي تناول عمل المرأة القيادي من خلال تجاربهن العملية.
نسبة التعليم المرتفعة في القرية والطرق التربوية المتبعة، قدمت فرصة وصول النساء لتولي مناصب هامة، ففي قرى "السويداء" بشكل عام، تنتشر المدارس المختلطة وبالتالي فالإناث يأخذن نصيبهن من التعليم مثل الذكور، وفي ذات الوقت تتعود المرأة على التعامل مع زملاء الدراسة، وهذا ما يساعدها في مراحل الدراسة القادمة في المرحلة الثانوية أو الجامعية، ويقوي شخصيتها في العمل واتخاذ القرارات الصائبة، وعلى مستوى الرابطة النسائية وبحكم طبيعتها فالمهمة تنحصر بالنساء لكن الرابطة بشكل عام، وبحكم تنوع الأنشطة تحتاج لأرضية مجتمعية منسجمة لضمان النجاح في العمل، وبالتالي فأجواء القرية الاجتماعية محفزة ومتعاونة بداية من المختار وللفرق الحزبية وباقي الهيئات، وهذا العام قمنا بعدد من الفعاليات التي لم يغب عنها الرجال لتحقق النجاح المطلوب والأهداف المرجوة منها
ومن الأفكار التي عالجتها المحامية "سناء" تلك التي تظهر أن تولي النساء لمناصب هامة في القرية سواء عن طريق الانتخاب أو التعيين، تعتبر ميزة لمجتمع "عرى" الذي اتخذ خطوات متقدمة وحضارية هامة، وتضيف قائلة: «بشكل عفوي وبسيط اتجه الآباء لتعليم الفتيات، ليصبحن متنورات ومثقفات من جهة، ولتكون المرأة قادرة على تأمين فرصة عمل مناسبة تضمن لها العيش الكريم من جهة ثانية، هي بالطبع تجارب ومعارف اختبرها الكبار وجسدوها بسلوكهم، وقناعتهم أنك عندما تعلم الفتاة "تخرج من خطيتها" (بالحديث الدارج المحكي)، أي إنك لا تتحمل وزر حرمانها من التعليم، وبالتالي فإن عدم تعليم الفتيات خطيئة في نظر الأهالي، وهذا ما ساهم في زيادة عدد المتعلمات والحاصلات على شهادات علمية عالية، وبالتالي فإن استلام هذا العدد من النساء لمراكز هامة ينسجم مع مسيرة المرأة، لكونها مندمجة بصورة فاعلة بالمجتمع حيث تميز تاريخها بالعمل والعطاء جنباً إلى جنب مع الرجل، وعرفت بشجاعتها وكرمها وقوة شخصيتها ومساندتها لزوجها وأخيها الرجل في كافة ميادين الحياة، خاصةً في ميدان الكفاح والنضال والدفاع عن حمى الوطن».
المهندسة "وديعة الناصر" رئيسة الوحدة الإرشادية منذ أكثر من ثماني سنوات، بينت أنه على الرغم من صعوبة العمل في الوحدة الإرشادية الزراعية في قرية "عرى"، لكونها تشرف على مساحة أراضي زراعية تتجاوز 69 ألف دونم، فإن المحيط الاجتماعي يقدم الدعم اللازم، والفلاحون يبدون التعاون والمساندة، وقالت: «في بداية استلام المهمة في الوحدة الإرشادية كان بعض زوار الوحدة، عندما يدخلون يتساءلون بقولهم أين الشباب، ومرة بعد أخرى أخذوا يتعودون على وجود سيدة تدير العمل لأنني وزميلاتي الفنيات اللواتي يصل عددهن إلى خمسة من أصل 16 عدد العاملين في الوحدة، حرصنا على استقبالهم والحديث إليهم ومعرفة حاجاتهم من الوحدة، وكانت علائم الرضا تظهر على الوجوه عندما كنا نتواجد في معظم الأنشطة الزراعية والجولات الميدانية على الحقول والآبار، وتقديم المشورة والقيام بواجيات العمل التي كنا نشترك في إنجازها مع الزملاء في الوحدة، وبالتالي لم نقسم المهام هذه للرجل وتلك المهمة للمرأة، بل على العكس كلٌ قام بواجبه: جولات، لقاءات، أيام حقلية، وغيرها من الأنشطة التي لم نشعر بالحرج أو الإزعاج في تنفيذها، والتقينا مع الأهالي على فكرة واحدة هي تطوير العمل الزراعي، والاستفادة قدر الإمكان مما يمكن أن تقدمه الوحدة الإرشادية للفلاحين من خدمات ضرورية».
المعلمة "إلهام الحلبي" مديرة مدرسة الشهيد "ممدوح سريوي" في القرية لأكثر من ست سنوات، أشارت إلى أن تفاعل مجتمع القرية مع المرأة بوصفها مديرة يقدم ما يشبه الصورة المثالية للمجتمع المتكامل، فالعمل محور اهتمام المرأة وهو معيار يقيّم الأهالي من خلاله دور المرأة ومبادرتها، وقالت: «خطوات واسعة تلك التي اتخذتها المرأة في قريتنا على مستوى التعليم والعمل، لكنها كلمة حق نصرُّ على قولها: هي أن المرأة ما كانت لتصل هذه المرحلة دون مساندة الرجل الذي خرج من محاور التزمت والجهل، ليدعم المرأة الزوجة أو الابنة أو الأخت، ويكون نصيرها يساعدها على متابعة الدراسة ويسعى لها لتأمين فرصة عمل ويعترف بوجودها وهذا ما أهّلها لتكون مديرة وصاحبة قرار، بالنسبة لي كمديرة لهذه المدرسة أعتز بتعاون أهالي الطلاب ويشهد على ذلك الحضور المتميز في مجالس الأولياء، ولتفاعل الواضح مع ما ننفذه من أنشطة مشتركة بين المدرسة والأهالي، حيث يظهر الاهتمام والمتابعة وهو شعور يحفزني على العمل أنا وزميلاتي المعلمات في المدرسة اللواتي يصل عددهن إلى 30 معلمة من أصل 33 الكادر التدريسي للمدرسة، وبالنسبة للزملاء فقد حرصنا على أن نكون معاً في أي عمل، من فنجان القهوة صباحاً الذي يعتبر استراحة قصيرة بين الحصص إلى نهاية اليوم الدراسي».
"تميمة العقباني" مديرة المركز الثقافي، قالت: «انتقلت للقرية بسبب الزواج، وعينت مديرة للمركز الثقافي، ولم يكن الموضوع مثار استغراب الأهالي على العكس وجدت التشجيع والاهتمام، ما يعكس السوية الثقافية لأهالي القرية، هنا زيارات الأهالي والتواصل تخلق صيغة جديدة للعمل، قد لا تتوافر في مناطق أخرى، وبشكل عام فإننا كمركز ثقافي متواجدون في حياة القرية، وفي معظم الأنشطة التي يتم التنسيق لها، وهيئات المجتمع المحلي تلبي دعواتنا بشكل متميز وهم من أكثر المبادرين لتقديم اقتراحات لتطوير العمل، والشكر في حال أنجزنا أي نشاط ثقافي متميز ينسجم مع اهتمامات الأهالي، وهذا ما أعطى للعمل ميزة الحيوية والمرونة، ولا أنكر أهمية وجود ست سيدات في مناصب هامة على مستوى القرية بوصفها حالةً متميزةً وداعمة للعمل، وبالتالي فهن صديقات للمركز إلى جانب عدد هام من أهالي القرية الذين يقدمون العون للمركز في مجالات متعددة».
"ميساء فهد عقل" رئيسة الرابطة النسائية تحدثت عن العملية التربوية وما لها من دور هام في تهيئة النساء لهذه المراكز، وقالت: «نسبة التعليم المرتفعة في القرية والطرق التربوية المتبعة، قدمت فرصة وصول النساء لتولي مناصب هامة، ففي قرى "السويداء" بشكل عام، تنتشر المدارس المختلطة وبالتالي فالإناث يأخذن نصيبهن من التعليم مثل الذكور، وفي ذات الوقت تتعود المرأة على التعامل مع زملاء الدراسة، وهذا ما يساعدها في مراحل الدراسة القادمة في المرحلة الثانوية أو الجامعية، ويقوي شخصيتها في العمل واتخاذ القرارات الصائبة، وعلى مستوى الرابطة النسائية وبحكم طبيعتها فالمهمة تنحصر بالنساء لكن الرابطة بشكل عام، وبحكم تنوع الأنشطة تحتاج لأرضية مجتمعية منسجمة لضمان النجاح في العمل، وبالتالي فأجواء القرية الاجتماعية محفزة ومتعاونة بداية من المختار وللفرق الحزبية وباقي الهيئات، وهذا العام قمنا بعدد من الفعاليات التي لم يغب عنها الرجال لتحقق النجاح المطلوب والأهداف المرجوة منها».
أما الدكتورة "هيفاء حامد" فقد اعتذرت عن لقائنا لظروف خاصة، علماً أنها طبيبة عامة ومن أهالي قرية "عرى"، وتشغل منصب مديرة المركز الصحي فيها منذ أربع سنوات.