"السورية" اسم لبركة احتلت وسط "السويداء القديمة" ليبقى الاسم متداولاً مع اختلاف في شكل المكان ورسمه. موقع قريب جمع أهالي "السويداء" لسنوات وسنوات لكن بصفة أخرى بعد ردم البركة لتتحول إلى موقف للعزاء يتوسط أبنية قديمة في مظهر يعتبره أهالي المدينة هجيناً على الصورة القديمة التي تختلط الأمنيات حولها.
موقع eSuweda بتاريخ 15/1/2012 أراد التعريف بالبركة القديمة وقصة ولادة موقف "سمارة" عليها واستمع لرؤية الأهالي حول الموقف والبدائل المطروحة لإظهار بركة "السورية" من خلال حديث السيد "بسام كرباج" من أهالي "السويداء" والذي قال: «فكرة ردم البركة وطمرها بالتراب وإخفاء معالمها أواسط القرن الفائت ليقام مكانها موقف حمل اسم موقف "سمارة" فكرة متسرعة حرمت المدينة القديمة من معلم جميل وركن يكمل تخطيطها العمراني القديم، اليوم تقدم مجموعة من الاقتراحات لإيجاد بديل لهذا الموقف، والتفكير بوسيلة لنقله بهدف التحضير لكشف هذه البركة كمعلم تاريخي يعكس صورة للواقع المائي في العصور القديمة، وهو مشروع كبير يحتاج لدعم ومساعدة عدد من الجهات ولدينا طموح بتحقيقه خاصة أن هناك تعاون اجتماعي كبير يؤهل لتنفيذ هذا المشروع الهام، وتكفي الصور الموثقة للتعريف بهذه البركة التي لم تغادرها المياه حتى في سنوات الجفاف وهذا دليل على اتصالها بعدد من التجمعات المائية القديمة في هذه المدينة».
تخبرنا الجدات أن السيدات كن زائرات دائمات للمكان حيث كانت على أطراف البركة تغسل الثياب ومنها تشرب المواشي في الوقت الذي كانت فيه بركة "الحج" التي تتصل مع هذه البركة مخصصة لمياه الشرب، ولا تغيب ذكريات الطفولة والشباب التي كان المكان مشكلا لصورها، فعلى حدود البركة كان اجتماع ولقاء أبناء "السويداء" وكانت مواسم الصيف الأكثر اكتظاظاً حيث يمارس الأولاد هواية السباحة هنا كانت تلتقي معظم شرائح المجتمع لكن فكرة تغيير معالم المدينة لم تكن تظهر آثارها السلبية في ذاك الزمن وأتذكر أن عملية الردم استغرقت أكثر من عامين
لدى الباحثين والمهتمين بالقضايا التراثية ومنهم الباحث "محمد طربيه" رئيس جمعية "العاديات" في "السويداء" ذكريات عن آراء رفضت مشروع الردم الذي خدم إقامة الموقف وظلم البركة والمدينة القديمة، وقال: «"السورية" بركة أثرية قديمة مرتبطة مع بركة "الحج" البركة الرئيسة في المدينة، بنظام ري قديم عجزت الأبحاث والدراسات عن تبيانه أو شرحه والسائد أنه مصمم من عصر الرومان لكن هناك عدة رؤى لم تؤكد زمن تشكيل هذا التخطيط المائي المعقد، وبالنسبة لفكرة الردم لبركة "السورية" فقد ارتبطت برؤية معينة سادت في تلك الفترة لردم المسطحات المائية الواقعة بين المنازل خاصة بعد مد شبكات المياه وساد شعور بأن البركة أصبحت مصدرا للحشرات ولاسيما في فصل الصيف، وبناء على ذلك قدمت مجموعة من الاقتراحات بأن تُطمّ ويلغى استخدامها كبركة للمياه، لكن لم ينظر إلى أهميتها الأثرية كموقع أثري، وكان هناك عدد من المعارضين للفكرة ومنهم والدي "صالح طربيه" حيث قدم في عهد المحافظ "عارف النكدي" عام 1949 وثيقة كتب فيها تعقيب على إشاعة بأن هذه البركة ستردم وأشار إلى ضرورة المحافظة عليها كمعلم وأن تبرز، هذه الرسالة وثقتها في كتابي عن "عارف النكدي" ونشرت من خلال مجلة "العاديات" في "حلب" وضمنت أول ملف عن المحافظة صدر على صفحات هذه المجلة، وفي ذلك الزمن ألغي المشروع لكن في أواسط الستينيات عادت الفكرة للتنفيذ ليتم الردم، وبعد فترة بسيطة تلاقى أهالي المدينة على فكرة إنشاء هذا الموقف عليها الذي حمل اسم الأخوين "سمارة" المغتربين اللذين تحملا تكاليف تأسيس الموقف في ذلك الزمن وبقي لتاريخه موقف العزاء الوحيد في المدينة».
عن رؤية جمعية "العاديات" عن هذا المكان يضيف السيد "محمد" بالقول: «بشكل عام تم تقييم الأضرار من عدة جهات منها ما يتعلق بتاريخ المنطقة القديم والحديث لأننا بعملية الردم خسرنا معلماً جميلاً مشكلاً من الحجر البازلتي وبتخطيط فريد تنقله اللقطات القديمة التي نوثقها، ويحمل المكان صوراً لذكريات وتراث المنطقة، فهذه البركة توسطت "السويداء القديمة" وكانت مورد الماء الأقرب لخدمات المنازل ولسقاية المواشي، ومن يشاهد الصورة الموثقة عنها يثمن جمالية هذه البركة، وكجمعية عندما نطالب بإزالة الموقف والكشف عن البركة نحذر من قضية قد تكون الأخطر من الردم لكون الموقف الذي احتل البركة يتوافد إليه عدد كبير من المركبات، ومن وجهة نظرنا فإن حركة عبور السيارات الكثيفة في هذه المنطقة تشكل تهديداً كبيراً للمنازل الأثرية ولهذه البلدة القديمة التي يجب المحافظة عليها، واقترحنا نقل هذا الموقف لمكان جديد والسعي لإطلاق مشروع الكشف عن البركة التي يتذكر من عاصرها أنها لم تخرب، وكان الردم عملية تغطية بكميات كبيرة من الأتربة وإذا تمت العملية بالحرفية المطلوبة والخبرة سنتمكن من إظهار هذه البركة للأجيال لتبقى معلم "السويداء القديمة"».
لسكان المنطقة ذكريات لشباب حملت عيونهم صورة لمعلم غاب حسب السيد "عاطف العقيلي" الذي سكن المنطقة في الطفولة والشباب وقال: «تخبرنا الجدات أن السيدات كن زائرات دائمات للمكان حيث كانت على أطراف البركة تغسل الثياب ومنها تشرب المواشي في الوقت الذي كانت فيه بركة "الحج" التي تتصل مع هذه البركة مخصصة لمياه الشرب، ولا تغيب ذكريات الطفولة والشباب التي كان المكان مشكلا لصورها، فعلى حدود البركة كان اجتماع ولقاء أبناء "السويداء" وكانت مواسم الصيف الأكثر اكتظاظاً حيث يمارس الأولاد هواية السباحة هنا كانت تلتقي معظم شرائح المجتمع لكن فكرة تغيير معالم المدينة لم تكن تظهر آثارها السلبية في ذاك الزمن وأتذكر أن عملية الردم استغرقت أكثر من عامين».
الجدير بالذكر أن البركة تظهر بالصور الموثقة على عمق كبير وتتوسط "السويداء القديمة" بالقرب من الشارع المحوري للغرب، وتبقى مع "بركة الحج" التي تغيرت معالمها وسط المدينة مشروع إنساني يطمح أبناء "السويداء" لإصلاح الأخطاء التي ظهرت بفعل الطم، وقد تكون مشكلة المياه في "بركة الحج" إحدى نتائج ردم "السورية" ولعل الكشف عنها يقدم حلول لمشكلات مائية كبيرة إلى جانب الهدف التراثي والإنساني